محمد يوسف العزيزي يكتب : ماسبيرو .. ينتظر كلمة الرئيس

الكاتب الصحفي محمد العزيزي

في قضايا كثيرة شائكة تكسب السوشيال ميديا الرهان بأنها أصبحت ذات تأثير لا يمكن

إنكاره ، وأنها أصبحت تشكل إعلاما موازيا يسبق الإعلام الرسمي والإعلام الخاص

بمسافات بعيده

وأنها باتت المصدر الرئيسي لمعظم فقرات التوك شو الليلي الذي يمتد لساعات طويلة

بصرف النظر عن قضية المصداقية أو التحقق من المحتوي

وأنها خلقت ما يعرف بصحافة المواطن مع التحفظ علي تفسير كلمة ” صحافة ” السوشيال ميديا!

السوشيال ميديا أفرزت ” التريند ” الذي بات يشكل خطرا علي مصداقية الخبر ، وعلي

صدق المعلومات ، كما بات  يهدد منظومة القيم والأخلاق بعد أن تحول من  مجرد

حالة”شغف ” للظهور إلي حالة ” شهوة ” لا يري صاحبها غير المتعة ولو علي حساب القيم والأخلاق والمثل !

في الأسابيع القليلة الفائتة تصدرت السوشيال ميديا قضايا كان الهدف منها إشاعة حالة من الإحباط واليأس في

نفوس الناس ، والتركيز علي أن الدولة تسعي للقضاء علي التراث والرموز الوطنية والأدبية ، وعلي معالم الحضارة

القديمة ، فكان تريند إزالة مقبرة الأديب طه حسين ، وتريند تدمير وبيع حديقة انطونيادس بالإسكندرية لحساب

رجال أعمال عرب !

ظل الجدل قائما وتلقفه إعلام الشر ليملأ فضاء الميديا بالبكائيات والتحريض والتلفيق حتي كادوا أن يتمكنوا من

عقول العامة لولا أن – بعد غياب – انتبه المسئولون وردوا علي حقيقة ما يجري بحديقة أنطونيادس ، وعلي عدم

وجود أي قرار إزالة بشأن مقبرة طه حسين ، والحقيقة أن كلام المسئولين في محافظة القاهرة ومحافظة

الإسكندرية لم يلق تصديقا كاملا لولا تحدث الرئيس في هذا الشأن وقطع دابر تلك الأقاويل !

انتهت حكاية مقبرة طه حسين وحكاية أنطونيادس وقفزت من جديد حكاية ماسبيرو ، ولأن  “ماسبيرو” كان وما زال

هو حصن الحماية لهذا الوطن ، وكان وما زال المصدر الذي يشعر معه المواطن بالمصداقية .. فهو إعلام الدولة أو

إعلام الشعب دافع الضرائب ،  وكان – وما زال – هو الإرث الحقيقي للشعب المصري

وكان وما زال هو الضيف الذي يدخل بيوتنا بأمان وبلا خوف من صدور كلمة خارجة عن المألوف أو مشهد في برنامج

حواري لا يتفق مع أخلاقيات وقيم المجتمع ، ومازال هو الحارس علي ما تبقي من لغتنا العربية التي ضيعتها

السوشيال ميديا

ماسبيرو هو أمن قومي مصري بامتياز ، وهو خط الدفاع الأول وقت الأزمات  لذلك لا يجب أن يترك هكذا لألاعيب

السوشيال ميديا وسباق التريند ، ويجب – نظرا لأهميته القومية – أن يحسم الجدل حوله الرئيس شخصيا ويوضح

للشعب مصير هذا المبني والمعني والرمز .

صحيح خرج رئيس الهيئة الوطنية للإعلام وصرح أنه لا مساس بالمبني رغم ما أصابه من اعتداء جسيم سلخ عنه

حديقته المشهورة التي حظيت بتقديم برامج ونجوم تمثل تاريخا لقوتنا الناعمة ، واقتطع منه الجراج الكبير .. لكن

المبني بهذا الحجم والشكل هو أيقونة الكورنيش ومعلم من معالم صور مصر السياحية

تصريح رئيس الهيئة الوطنية لم يوقف الجدل .. ولم يبدد الشك في نية بيعه أو تصفيته أو تأهيله ليكون فندقا كبيرا

في مثلث ماسبيرو !

التاريخ والريادة – حتي وإن كانت سابقة علي هذه الفترة – لا يمكن بيعها بالمال ، ولا مقايضتها بأي مكسب مادي

أو معنوي

وإذا كان ولا بد من انتقال الإذاعة والتليفزيون إلي مكان آخر لمواكبة تكنولوجيا الإعلام الحديث فليبق المبني بما فيه

من تاريخ شاهد علي مصر المعاصرة وليتحول إلي متحف يدر عائدا عظيما بعد تأهيله لذلك ، فالملايين يتوقون لرؤية

استوديوهات شهدت تسجيلات وغناء أم كلثوم وعبد الوهاب ، وأعمال درامية وتاريخية شكلت وجدان المصريين

ورسخت قيم العطاء والانتماء ، واستوديوهات صدر منها بيانات غيرت تاريخ هذا الوطن ، وطرقات سار فيها عظماء

هذا البلد

وجود المبني مع تجديد شكله الخارجي ونفض التراب والغبار عنه يضيف لمثلث ماسبيرو ويزيده بهاءا

ماسبيرو المبني والمعني يستحق الاهتمام وليس الإهمال ولا يجب أن يعامل كما تعامل خيل الحكومة

ماسبيرو في انتظار كلمة الرئيس ليتوقف الجدل ونرد كيد المتربصين بنا وبتاريخنا

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.