من بون (جنة الأرض) .. إلي مصر (مهد الحضارات)

المؤسسات العلمية والبحثية في ألمانيا تحتفل بمرور 20 عاما علي إنشاء GUC

  • التعليم والبحث العلمي العابر للحدود يقفز فوق الحروب والخلافات والأوبئة

رسالة بون – جيهان عبد الرحمن
كنت أود زيارة قلعة جود سبورج الشهيرة والمباني الحكومية القديمة ومسارحها التاريخية الهامة, متحف بيت التاريخ ومتحف الفن ومتحف بون للأثار الفرعونية. كنت أود زيارة قصر بوبلسدروف الذي يعد جزء من الجامعة ويضم حديقة نباتية رائعة, تمنيت التقاط صورة تذكارية مع أطول زهرة في العالم زهرة التيتانينفورز العجيبة و هي زهرة لا تتفتح إلا يوم واحد في السنة, لكن كان هناك حدث هام ينتظرنا وهو احتفال الهيئة الألمانية للتبادل العلمي (DAAD) ومؤسسة الكسندر فون هومبولت البحثية والوزارات الفيدرالية للتعليم العالي والبحث العلمي في ألمانيا بمرور 20 عاما علي إنشاء الجامعة الألمانية بالقاهرة والتي تمثل 40% من التعليم الألماني العابر للحدود بمشاركة الدكتور أشرف منصور رئيس مجلس أمناء الجامعة.
كانت البداية من مطار دوسلدورف الدولي, وهو من أكبر ثلاث مطارات في ألمانيا وأقدمها, إنشي عام ,1927 ومن دوسلدورف المطار والمدينة التي تحمل اسمه شمال نهر الراين, انتقلنا إلي جنة الأرض كما يطلق عليها الألمان في جنوب ولاية شمال الراين حيث العاصمة الأثرية القديمة “بون” التي تعد المدينة الأجمل في العالم, و كانت حتي عام 1990 عاصمة المانيا الاتحادية قبل نقل العاصمة إلي” برلين” بعد اتحاد الألمانيتين الشرقية والغربية.
(العاصمة القديمة)
بون التي لم يتسع الوقت لمعرفتها عن قرب كانت تضم كل الوزارات التي انتقلت جميعها إلي العاصمة الجديدة برلين ماعدا أربع وزارات هم التعليم العالي والدفاع والتعاون الدولي والنقل والزراعة, استمرو هنا مع وجود بنايات لهم في برلين.
العاصمة القديمة, بها جامعة بحثية رائده وهي جامعة بون إضافة إلي هيئة التبادل العلمي العملاقة DAAD وهي أكبر مؤسسة للتبادل العلمي علي مستوي العالم تبلغ موازنتها لتمويل البحث العلمي داخل وخارج المانيا 635 مليون يورو, إضافة إلي مؤسسة الكسندر فون هومبولت والمتخصصة في المنح لمن أثبتوا كفاءة علمية علي مستوي العالم موازنتها 3,3 مليار يورو.
هيئة DAAD من اهم أسس إنشاء الجامعة الألمانية بالقاهرة عام 2002 ولها علاقات تاريخية مميزة جدا مع مصر عن طريق المنح الطلابية وتعزيز التعاون بين الباحثين والعلماء الألمان مع نظرائهم.
أهم ما يميز حفل الاستقبال كان التركيز علي مفاهيم مثل عمق العلاقات التاريخية والعلمية بين البلدين, وأن الأزمات السياسية والحروب والأوبة يجب أن لا تؤثر علي العلاقات العلمية المستمرة. وكما أكد د. اشرف منصور أن مصر كان لها أيد بيضاء علي العالم اجمع في مجال البعثات والبحث العلمي, وأنها ستعود كما كانت وأكثر.
(مؤسسة هومبولت)
دكتورة كاتيا ينج ممثلة مؤسسة الكسندر فون هومبولت أوضحت ان المؤسسة أطلق عليها أسم مكتشف ألماني وعالم جامعي عاش في القرن الثامن عشر وكان رجل موهوب في مجال التعاون العلمي حول العالم وحين تم تجديد المؤسسة بعد الحرب العالمية الثانية أطلق اسمه عليها تخليدا لذكراه, ولهذا تهدف المؤسسة إلي عمل شبكة دولية للتعامل الأكاديمي يحكمها فقط معيار التميز العلمي ولا علاقة بدولة معينة أو علم معين المهم هو التميز العلمي والتمويل يكون لأشخاص لا مشروعات فقط نحن نساعد مشروع الأفراد الاكاديمي مدي الحياة بشرط ان يجد شريك في المانيا لديه استعداد البحث العلمي.
أضافت نهتم بالباحثات من الإناث لأنهم غير ممثلين بدرجة كافيه, وأعدادهم تقل والمؤسسة مهتمة بتقديم برامج مختلفة بوسائل مختلفة لدعمهن بحيث يكون لديهن فرصة لو عندهن منحة ونقدم لهن تسهيلات أكبر لتحمل نفقات الدراسة ورعاية أطفالهن.
هناك منح أخري لما بعد الدكتوراه بشرط توافر خبرة بحثية, والمؤسسة تستمر في التواصل مع الاكاديميين لديها عن طريق شبكات التواصل لانهم أصبحوا أعضاء لدينا مدي الحياة, والشبكة تضم 300 الف طالب منهم 75 باحث حاصل علي نوبل. ولديهم أيضا جائزة هومبولت البحثية, وبرامج للحصول علي الأستاذية وهي من أعل البرامج الممنوحة في المانيا. وبعد انتهاء المنحة ممكن للباحث التقدم لمنح أخري بحثية لمدة ثلاث سنوات للعمل في مؤسسة بحثية علمية للربط بين مؤسستين مصرية ألمانية.
(معايير أكاديمية)
عن الوضع في مصر أكدت أن جميع البرامج مفتوحة لمصر, ويمكن لطالب البحث عبر شبكات التواصل عن جامعات مضيفة حتي لو لمتكن تابعة لمؤسسة هومبولت الأمر في النهاية يخضع لمعايير تتعلق بجودة الأبحاث المنشورة في المجلات العلمية, وخطاب توصية من دكتور اكاديمي يرحب بالجامعة المضيفة وأن يكون لهم بروفيل اكاديمي وغير مطلوب إجادة اللغة الألمانية في مجال الطب والهندسة لكن الأمر يتطلب قدر منها في العلوم الإنسانية, ويؤخذ القرار من 4 إلي 7 أشهر حسب سرعة المراجعين وتقرير اللجنة مدي تميز الطالب, وتحدد قيمتها حسب مستوي كل طالب وتتراوح من 2600 إلي 3100 يورو ولو متزوج قد تزيد من 500إلي 800 يورو مع تغطية نفقات السفر ودعم دورات اللغة الألمانية. وكل طالب له شخص محدد داخل المؤسسة يتابعه داخل وخارج ألمانيا.
ثمة برامج أخري للجوائز تقدم للباحث 66الف يورو لكن هؤلاء مرشحين من قبل الجامعة حال وجود اكتشافات جديدة أو أبحاث مميزه, وهناك برامج خاصة بالمناخ تم حث وزارة البيئة عليها للوصول إلي مشروعات جادة لحماية البيئة.
موازنة المؤسسة في 2020-2022 بلغت 140 مليون يورو للباحثين حول العالم مصدر هذه الميزانية, وزارة التعليم العالي والجزء الأكبر من وزارة الخارجية الألمانية مؤسسة الكسندر هومبولت جزء من الثقافة الألمانية.
(مصر المستفيد الأكبر)
دكتورة سونيا شبال مديرة برنامج شمال أفريقيا ومديرة برامج الخريجين أكدت أن المؤسسة منذ إنشائها لديها 30الف باحث وأكبر شبكة في أوروبا, شمال أفريقيا بها 800باحث منهم 315في مصر و10 في الجزائر و24في الأردن و ليبيا باحث واحد والمغرب 18, تونس 18. وتعد مصر هي الرقم الأكبر خاصة ان جنوب أفريقيا 200 باحث.
خلال خمس أعوام حصلت مصر علي31منحة منهم 10 إناث وهذا رقم كبير قياسا للسائد في العالم, كما قدمنا 6 جوائز للشرق الأوسط منهم 3 لمصر من جامعات المنيا والقاهرة والجامعة الأمريكية, مع العلم أنها برامج معقدة جدا.
أكدت أن الخريجين هم من يقومون بالتسويق فلا يوجد للمؤسسة مكاتب في الخارج فهناك 100 جمعية لخريجي هومبولت في العالم فهم السفراء, مثلما حدث عام 2010 مع د. أشرف عبادي من الجامعة الألمانية, ومع د. مؤمن حنفي عام 2016 من المركز القومي للبحوث .
الاستفادة من برامج الخريجين في مصر كبيرة جدا وصلت 55 . إضافة إلي تنظيم زيارات متبادلة بين مصر وألمانيا وورش عمل ومؤتمرات.
وفي النهاية تم التأكيد أن برامج المنح والجوائز تستفيد منه 140دولة في جميع المجالات البحثية, متاح لكل الباحثين بلا تمييز أو كوته لأحد, وأن الهدف هو المساواة, ويفضل فقط ان يكون البحث العلمي في الدول النامية مرتبط بالتنمية والطالب حين يعود لبلدة تستمر المؤسسة في دعمه فيما يسمي بمنح العودة خاصة وان له شريك ألماني يلجأ له في مسارات بحثه في أي وقت.
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.