أجبر المستحيل ليكون ممكنا .. ” الجزء الأول “

كتب / عاطف محمد

يزخر التاريخ العربي” الإسلامي ” بنماذج مشرفة وصلت إلى عنان الشهرة بما كان لهم من أثر بالغ الأهمية، لقد وضعت تلك النماذج اللبنة الأولى والأساسية لكل علم وضع للبشر فيما بعد أو أكملوا الحلقة الناقصة التي تحتاجها العلوم الإنسانية لتمضي فى طريقها وتصنع إنجازاتها التي نشاهدها الآن، صنعوا حضارة ولا أروع !!!!!
صهروا الحضارات القديمة فى حضارة الإسلام ، كانوا الخطوة الأولى التى مهدت لخطوات أوسع فى مجالها ، فلم يكن تميزهم من فرغ أو محض صدفة ، فقد كان تفرد الأفكار طريقهم واختلاف النظرة سبيلهم ، وبالتالي أصبحت صفاتهم هى الفيصل الأوحد فى كونهم علماء من “العيار الثقيل” والذين يوزن قدرهم بميزان الألماس ، ومقال اليوم عن الأبرز والأشهر ، عن العالم والمفكر والشاعر والفيلسوف والفلكي والموسيقي عن “عباس بن فرناس”

استثنائي
دفع المستحيل بعلمه إلى حافة الممكن الميسور، صار كل شىء سهل المنال ، طوع الصعب فبدت الحياة يسيرة ومتاحة فى زمن لم يكن للتكنولوجيا مكانة تذكر ، سبق عصره وزمنه بقفزات واسعة وصلت به للتحليق فى الهواء ، أنه شخصية استثنائية. استثنائي فى فكره وآرائه ونظرته لكل شئ .
تفرد بالجديد وصار علما على مدار التاريخ، لقب بحكيم الأندلس( لجاهزية حجته وقوة براهينه )، لذا سطره التاريخ فى صفحاته باحرف من نور، لأنه بحق موسوعة عربية شاملة مكتملة الأركان راسخة الدعائم . إنه……..
عباس بن فرناس العالم المسلم الشهير ، أول الأسماء في علم الطيران قديمًا، رائد ذلك المجال والذي ظلمه التاريخ حيث حصر مكانته وأثره فى مجرد محاولة الطيران ، ذلك المجال الذي تشغل سيرته أذهان الكثيرين من الحالمين بالطيران وفكرته، والتحليق فى السماء بحرية وأمان ، فقد كان لعباس تجارب عديدة رائدة ومحاولات دقيقة ممهدة لعالم الطيران ، فقد لمع من خلال بلاد الأندلس في ذلك العصر القديم نوعا ما .
لم يكن عباس بن فرناس بالشخص العادي فلقد كانت أحلامه من الحرية بحيث أنها ابتعدت به عن الأرض واقتربت محلقة نحو عنان السماء، فشدة خوفه من الواقع الذى لم يتحرك قيد أنملة منحه الشجاعة ليدفع المستحيل بقوة لحافة الممكن المتاح ، لقد تخطت معارفه وعلومه كل الأشياء ، فبرع في الموسيقى والهندسة وعلم الفلك والفيزياء، والأدب والنحو والكيمياء ، جال فى كل هذه العوالم ببراعة ، ومع كل هذا الزخم العلمي كان أكثر ما يحرك خياله أساطير اختراق الهواء و بهجة التحليق بسهولة فى السماء .
ماذا تقول صحيفة الأحوال ؟
عند قراءة صحيفة أحوال هذا الرجل الاستثنائي نجدها كما يلي
الاسم بالكامل :القاسِم عَبََّاس بن فِرناْس بن وِرداس التاكِرنيْ.
الصفة : عالم مخترع موسوعي
الديانة والمكان: مسلم أندلسي. المولد:ولد في “رندة “بالأندلس (فى أسبانيا)عام 810 م.
العصر: زمن الدولة الأموية في الأندلس في عصر الخليفة عبد الرحمن الثاني ابن الحكم (في القرن التاسع للميلاد.
النشأة:من موالي بني أمية
الإقامة :برابر “تاكرنا”
الكنية: أبو القاسم….. وهذا منذ نعومة أظفاره .
اللقب :لقب بحكيم الأندلس.
النظرة : كانت لديه دائما نظرة متفردة للأشياء ويبحث خلفها.
الفكر:متفرد ومتطور يسبق عصره .
شهرته :اشتهر فى التاريخ بمحاولته الأولى للطيران.
الابداع العلمي :كان عالمًا في الرياضيات والفلك والكيمياء والفيزياء وعلوم اللغة كالنحو ، مبدعا ومخترعا وشاعراً واديبا وموسيقيا .
شهرته فى بلاد الغرب: عرف ابن فرناس في الغرب باللعة اللاتينية باسم: Armen Firman‏
أرمين فيرمان.
تاريخ ومكان الوفاة: 887 م، قرطبة( إسبانيا).
أعمال بارزة: أول محاولة للطيران واختراعات عديدة .
اللغات: الأمازيغ
اللغة الأم: أمازيغ الأطلس الأوسط.
من شعر عباس
الجهلُ ليلٌ ليس فيه نورُ
والعلمُ جرٌ نورُهُ مشهورُ
يا ابن الخلائف كم تسترَ
قاعدٌ عني ويصدئ سمعك المكسورُ
وقد استبنت فساد ذاك وفي
دعا مولاك من إصلاحه تيسيرُ
وأمور مُلككَ كلها موزونةٌ
قد حاطها الإحكام والتجبيرُ
فأصخ لأصلٍ إن هززت فروعَهُ
يسقط عليك اللؤلؤ المنثورُ
اختراعات من….
دفع المستحيل لحافة الممكن
لم تكن اختراعاته المذهلة في هذا الزمن تنسب لنبوغه قط بل كانت ترجمة لحقيقة جنونه التى أكدها العامة والدهماء ،الذين لم يستوعب فكرهم نبوغ هذا الرجل فاتهموه بالجنون ، ولم ينصف إلا فى العصر الحديث حيث أطلق اسمه على أحد فوهات القمر من قبل الوكالة الأمريكية للفضاء (ناسا)تقديرا لعلومه الواسعة فى الفلك وما اسهم به لإيجاد علم الطيرانفى حيز الوجود ، وكان ذلك عام 1369 للهجرة فى شهر شعبان ، و صار القمر يحمل فوهًا يخبر كل البشر عن مكانة عباس بن فرناس.
أول من طار
صار من المألوف الآن أن يحلق الناس من رجال ونساء بل وأطفال فى السماء، بل إنهم انطلقوا صوب الفضاء حيث هبطوا على القمر وغيره وعادوا محملين بصخور منه .
طرقوا جنبات الفضاء إما بالرحلات أو بالاكتشافات الفلكية وصار الفضاء كتابا مفتوحا تكشف صفحاته كل يوم عن جديد ، و بات سحر الطيران مسيطرا على أذهان العنصر البشري.
لقد طار البشر…….
أصل الحكاية ..
المصريون أول الحالمين
برهنت تلك الرسوم التى وجدت فى برديات القدماء المصريين أو التى نقشت على جدرانهم ، والتى اظهرتهم بأجنحة يحلقون بها فى الفضاء ، والتى أوضحت بصورة جلية عن رغبة أكيدة فى ارتياد القدماء المصريين لهذا العالم الساحر عالم الطيران .
حضارات أخرى
سيطرت فكرة الطيران على شعوب وحضارات أخرى، حيث ظهرت عند الصينيين والإغريق والساسانيين قصص وحكايات وأساطير عن الطيران والتحليق فى السماء.
الحكاية الأشهر
انتشرت حكايات الطيران من خلال الأساطير الشعبية والتى جذبت الأسماع لسماعها وتناقلتها الألسن وصارت تراثا ينتقل بقوة الدفع الساحرة من جيل إلى جيل ،ولكن هناك دائما الحكاية الأشهر والتى وصلتنا من خلال «كتاب الملوك» «shahnameh» الذي ظهر منذ عام 1000م ، تلك الحكاية الشعبية التى سردها الفردوسي والتى تقول ……..
أن الملك” قيقاووس” وقع فى فخ كبير أثر اغراء الأرواح الشريرة له فانساق لهم ، فقد اوهمته بأنه قادر على غزو الفضاء….
ولكن كيف ؟ وما….. الوسيلةلذلك ؟
وبعد تفكير ليس بالكثير …..
تفتق ذهن المحيطين بالملك عن صنع مركبة طائرة…..
وهى عبارة عن عرش له أربع زوايا بها أعمدة قوية تتجه إلى أعلى وعلى رأس كل عمود قطعة لحم…
لحم ؟؟؟؟..
نعم لحم طازج بينما ربط فى أرجل العرش مجموعة من النسور القوية بحبال بطول معين (حسب بدقة) ، وعندما تحلق النسور لتصل إلى قطع اللحم ترتفع فتدنو من قطع اللحم لكنها لاتصل إليه ومن ثم يرتفع العرش معها وتظل النسور فى محاولاتها لتصل إلى اللحم لكنها فى أثناء المحاولات المتكررة تصل إلى عنان السماء وهذا هو المطلوب ولكن دون بلوغ اللحم، ولكن الذي لم يكن فى الحسبان أن تتعب النسور ، فلقد نال منها الإرهاق الشديد مما أدى لفقد قدرتها على الطيران فخارت قواها وتهاوت وتهاوى العرش معها وتحطم العرش ومات الملك أثر اصدامه بالأرض .
و…….
فى الجزء القادم نعرف قصة أول محاولة طيران ودور الراهب الانجليزي وعلاقته ب دافنشي ومحاولات الجوهري ونهاية أوتو ليلنتال وقصة لاغاري حسن شلبي و …..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.