عبد الناصر البنا يكتب : التنمية تبدأ من الجنوب ..

عبد الناصر البنا – الفضائية المصرية
الصعيد هو تلك البقعة الغالية من أرض مصر التى يتمنى الكثير من المصريين الإنتماء إليها ، وأنا أكتب مدفوعا بحب الجنوب وعشق الجنوب الذى يصل إلى التعصب أحيانا ولم لا وهو التاريخ التاريخ والأصالة وهو العودة إلى الجذور ،
إلى الصعيد الغنى بدفئه وجوده وكرمه وطيبة أهله وشهامتهم وأخلاقهم ، الصعيد بطبيعته الخلابة وجوه المشمس الدافئ الذي تتمتع به فى هذا الوقت من العام وأدعوا الله أن يديم علينا تلك النعم .
الصعيد هو تلك المساحة الشاسعة من الأراضى التى تشكل ظهيرا صحراويا ممتدا لكل محافظة من محافظاته
أو تلك المساحة الخضراء المحدودة جدا من الأراضى التى تتلوى بلونها الأخضر على جانبى النهر
التى إذا نظرت إليها من أعلى وجدتها بحجم كف اليد الواحده وماعداها مغلف باللون الأصفر ” لون الصحراء ” الصعيد الغنى بثرواته الطبيعية والقوة البشرية التى لاتلين أمام الحديد .
لقد عانى الصعيد لسنوات طوال ، وأصبح محروما من كل شىء ( الخدمات ــ والبنية التحتية ــ وتفشى فيه الجل والمرض ــ والبطالة ــ والمحسوبية ..
وأشياء كثيرة لايسع المقام لذكرها ) ومكمن الخطورة فى تلك المجتمعات التى تنحسر فيها الخدمات العامة وفرص العمل أنها غالبا ماتكون بيئة خصبة للجهل والأفكار المتطرفة وبالتالى هى تشكل ( قنابل موقوتة ) قابلة للإنفجار فى أى لحظة . !!
والمتأمل للصعيد يجده بائسا ، فاقدا للبهجة والبسمة والتفاؤل ، والشىء المحير للعقل أن ماحدث للصعيد لم يكن وليد يوم وليلة وإنما هو نتاج سياسات فاشلة وضعت الدولة فيها جل إهتمامها على العاصمة وتركت الاطراف تئن من الفقر والجهل وإنعدام الخدمات
ولسوء الحظ أن جعلت من الصعيد ” منفى ” لكل من هو مغضوب عليه ، وأزعم أنها سياسات موغلة فى القدم ، ومن أجل ذلك أصبح الصعيد محروما من كل شىء .
على أرض الواقع تحاول الدولة جاهدة بما لديها من إمكانيات عمل تنمية حقيقية فى الصعيد محافظات الصعيد التى كان لها حظا وافرا من المشروع القومى لتطوير الطرق أبرزها مشروع القطار السريع ومحور سمالوط وديروط على النيل
وأيضا أعمال تطوير المرحلة الأولى من طريق “ القاهرة – أسوان” الصحراوى الغربى ” إضافة إلى مشروعات ” حياة كريمة ” التى إمتدت إلى أغلب محافظات الصعيد والقرى الاكثر فقرا وكان للصعيد حظا وافرا منها وهناك عدد كبير من المشروعات القومية التى توليها الدولة إهتمامها فى محافظة أسيوط مثل ” مدينه ناصر الجديده “
وفى أسوان مثل ” محور خزان أسوان ـ وكورنيش النيل والإسكان الإجتماعى والقطار الروسى الجديد وإنشاءات أسوان الجديدة .. وغيرها من المحافظات .
أنا دائما أرى أن التنمية الحقيقية تبدأ من الجنوب ، تبدأ من صعيد مصر ، الصعيد الذى عانى كثيرا مراره الحرمان
والحقيقة أن الدولة من أجل الوصول إلى هذا الهدف بادرت فى عام 2018 بإنشاء ” الهيئة العليا لتنمية جنوب الصعيد ” التى جاءت فى إطار خطة الدولة للإسراع بالتنمية الإقتصادية والإجتماعية والعمرانية الشاملة لمناطق إقليم جنوب الصعيد ،
وأيضا للعمل على جذب الإستثمارات اللازمة لتحقيق التنمية المستدامة والعوائد الإقتصادية والإجتماعية للمناطق المستهدفة . ورغم نبل تلك الغايات إلا ان الهيئة الموقرة لم نسمع لها ضجيجا ولا طحينا ،
وأخشى أن تكون قد غابت فى دهاليز الروتين وتاهت كما كتب على الصعيد ان يتوه فى دوامة الفقر والجهل ، وكتب على أبناءه الغربة والعودة محمولين على الأعناق .
ودعونى أكون صادقا فإن مشاكل الصعيد معقدة جدا وقد تستعصى على الحلول التقليدية ولدى من الأسباب
ــ كون الصعيد قد عانى من الفقر والتخلف لسنوات طويله
ــ تفتت الملكية الزراعية بعد ثورة يوليو 1952 وصدور قوانين الإصلاح الزراعى ولم يعد الصعيد أبعاديات كما كان
بل تفتت الملكيات وأصبحت الخمسة أفدنة قيراطا أو إثنين
ــ إنعدام فرص العمل و ضيق ذات اليد التى كانت السبب الرئيسى لـ هجرة أهل الصعيد “الداخلية ـ والخارجية “
هجر أهل الصعيد ماتبقى من أرضهم ونزحوا إلى ” القاهرة والأسكندرية ” ومع مرور الزمن كونوا ثروات طائله لكنهم نسوا أو تناسوا ماضيهم ولم يعد لديهم القدرة على تذكر تلك الأيام الضنك ..
وإمتدت هجرة أهل الصعيد إلى دول الخليج وهناك مايقرب من الــ 9 ملايين صعيدى فى دول الخليج وللأسف أغلب ثرواتهم ودائع فى البنوك دون محاولة إستثمارها فى مشروعات تنموية .
إن فكرة إنشاء هيئة عليا لتنمية جنوب الصعيد كان الهدف منها وضع خطة للإسراع بالتنمية الإقتصادية والإجتماعية والعمرانية الشاملة على أرض الصعيد كل ما أتمناه هو إحداث تنمية حقيقية فى الصعيد تضع ضمن أولوياتها ” الصناعة “
وإقامة مجتمعات صناعية تستوعب تلك الأيدى العاملة التى تستطيع أن تعمل تحت أيه ظروف وماعدا ذلك هو هى أشياءا تحمد الدوله عليها .
وختاما لايمكن تنمية الصعيد بالشعارات .. لابد أن يعلم القاصى والدانى أن ثروة مصر الحقيقية فى أبناءها .. فهل يعقل أن تتخلى مصر عن أعز ماتملك .. أعتقد أن الإجابه (لا)
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.