الزيارة الخارجية الأولى للمستشار الألماني الجديد إلى باريس وبروكسل ..والعمل من أجل مستقبل أوروبا

 تقرير يكتبه من بروكسل: عبد الله مصطفي

لم يكن من قبيل الصدفة ان يقوم المستشار الألماني الجديد اولاف شولتس بأول زيارة خارجية له الى كل من باريس وبروكسل ،
في اليوم الثاني لتوليه المنصب خلفا للمستشارة انجيلا ميركل، وهناك اسباب عدة لعل أبرزها التنافس الفرنسي الألماني في قيادة سفينة
ميركل المستشارة الألمانية السابقة
الاتحاد الأوروبي باعتبار ان كل منهما يعتبر قوة كبيرة ومؤثرة في القرار الأوروبي الجماعي
نظرا للتفوق الاقتصادي والعسكري والسياسي داخل التكتل الاوروبي الموحد
ولابد من تنسيق للمواقف بين باريس وبرلين في العديد من القضايا لتفادي تجميد الملفات اثناء النقاشات الاوروبية في بروكسل .
وأجرى شولتس محادثات مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون والأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ وقادة مؤسسات التكتل الاوروبي الموحد
وبالنسبة للمحادثات التي أجريت في بروكسل فقد بدأت من مقر حلف الناتو وهذا يظهر إلى مدى كبير أهمية الملف الدفاعي
في اجندة عمل المستشار الالماني الجديد في وقت يشهد العالم تغيرات متسارعة وملفات شائكة ومنها تشكيل تحالف عالمي جديد
بين الولايات المتحدة وبريطانيا واستراليا والحديث عن تشكيل قوة عسكرية اوروبية مشتركة في ظل مخاوف البعض ان تكون بديلا
لحلف الناتو، وأيضا التوتر الموجود حاليا بين روسيا واوكرانيا ومخاوف من تكرار تدخل روسي جديد بعد ماحدث
في شبه جزيرة القرم .. الى جانب ملف الانفاق الدفاعي الذي لايزال محور جدل وخلافات داخل حلف الناتو وتعهد المستشار
الألماني الجديد أولاف شولتس خلال زيارته الأولى إلى بروكسل بالعمل من أجل رفع قدرات القوات المسلحة الألمانية.
وقال شولتس بعد محادثات مع الأمين العام ستولتنبيرج: إن كل شيء سيتم اتخاذه من أجل تجهيز الجيش الألماني
بشكل جيد بطبيعة الحال، وأضاف شولتس: إن الإنفاق الدفاعي لألمانيا ارتفع في الوقت الذي كان فيه وزيرا للمالية بالفعل
بطريقة لم تكن كذلك منذ “سنوات عديدة”،
وقال: “هذا شيء سنواصله في حدود ميزانيتنا”. ومع ذلك لم يلتزم شولتس صراحة بما أطلق عليه هدف 2%
الذي حدده الحلف في عام 2014وتقضي الخطة التي نوقشت من قبل باقتراب جميع الدول الحلفاء من معيار الحلف المتمثل
في إنفاق ما لا يقل عن 2% من ناتجها المحلي بحلول عام 2024. ولم يرد ذكر هذا الهدف في اتفاق الائتلاف الحكومي في ألمانيا.
ووفقا لمعايير الناتو بلغ الإنفاق الدفاعي في ألمانيا حوالي 6ر51 مليار يورو العام الماضي. ومع ذلك ما تزال ألمانيا بعيدة عن هدف 2%
الذي توافق عليه الحلف، حيث تبلغ قيمة النفقات الدفاعية حاليا 55ر1%.
ومن المتوقع هذا العام، وفقا لآخر التقديرات المنشورة، أن تبلغ النفقات الدفاعية حوالي 2ر53 مليار يورو بما يعادل 53ر1 % فقط
من الناتج المحلي الألماني.
شارل ميشال
والتقى شولتس عقب ذلك مع رئيس مجلس الاتحاد الاوروبي شارل ميشال وقال شولتس عندما سأله أحد الصحفيين عما إذا كان توليه منصبه يعد نقطة تحول اشتراكي في أوروبا: “لقد تحدثت هنا كمستشار لألمانيا وليس كسياسي من الحزب الاشتراكي الديمقراطي،
وهذه هي الطريقة التي يتعين على أوروبا أن تتبعها لتصنع تعاونا جيدا”. وأضاف شولتس قائلا: “علينا تطوير مستقبل مشترك في أوروبا بغض النظر عن ألوان الأحزاب والحكومات المعنية”.
وتحدث شولتس حول هذا الموضوع في مؤتمر صحفي مع رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي شارل ميشيل، الذي وصف زيارة المستشار الألماني الجديد بأنها “إشارة قوية للغاية” شاكرا إياه على “التزامه القوي بتأييد أوروبا”.
وقال شارل ميشيل وهو بلجيكي الجنسية إنه لمواجهة تحديات مثل تغيرات المناخ فيجب العمل والتنسيق معا. اما المحادثات في باريس فقد اشارت التقارير الاعلامية الاوروبية المتعددة الى تطابق في “وجهات النظر” بين المستشار الألماني الجديد أولاف شولتس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حول أوروبا وعزمهما على “العمل معا” في مواجهة التحديات الدولية الكبرى.
وعملا بتقليد طويل متبع منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، توجه المستشار الاشتراكي الديموقراطي الذي خلف أنغيلا ميركل الأربعاء، إلى باريس فور توليه أول الملفات الداخلية في برلين.لمحاولة التوصل إلى أرضية مشتركة من أجل معالجة الأزمات داخل الاتحاد الأوروبي وخارجه.
ومن جهته، أفاد شولتس عن “مقاربات بناءة كثيرة” استعدادا للرئاسة الفرنسية للاتحاد الأوروبي والرئاسة الألمانية لمجموعة السبع في 2022.
وأضاف “إنني واثق بأن العلاقات الفرنسية الألمانية ستواصل الازدهار”، بعدما أكدت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك في فرنسا “بإمكانكم الاعتماد على دعم ألمانيا”.
ومن الجلي أن أوروبا كانت في طليعة جدول أعمال القمة الثنائية قبل 21 يوما من بدء الرئاسة الفرنسية للاتحاد، وغداة عرض الرئيس الفرنسي أولوياته تحت عنوان “أوروبا أقوى”.
وصرح الرئيس الفرنسي “في المسائل الاجتماعية ومواضيع التحول البيئي والرقمي، والرد المشترك على تحديات الهجرة ومسائل الاستثمار أو الانفتاح الدستوري، أبدينا حقا عزما على العمل معا”.
وفي مؤشر إلى المكانة المحورية لأوروبا في برنامج الحكومة الألمانية الجديدة، توجه المستشار بعد باريس إلى بروكسل حيث التقى قادة مؤسسات الاتحاد الأوروبي تحضيرا للقمة الأوروبية في 16 و17 كانون الأول/ديسمبر.
وتوجه الأحد إلى بولندا التي تخوض نزاعا مفتوحا مع الاتحاد الأوروبي محوره دولة القانون وسيادة القانون الأوروبي. وعلى رأس القضايا التي سيبحثها المستشار الألماني،
تأتي أزمة المهاجرين على الحدود بين بولندا وروسيا البيضاء، كما تتضمن القضايا، الخلاف بين بولندا والاتحاد الأوروبي بشأن استقلال القضاء والتوترات مع روسيا بشأن الحشد العسكري بالقرب من أوكرانيا ومصير خط أنابيب الغاز الروسي إلى ألمانيا.
وقال رئيس الوزراء البولندي ماتيوس مورافيسكي إنه سوف يحث المستشار الألماني على رفض الشروع في تشغيل خط أنابيب “نورد ستريم 2” لنقل الغاز الروسي إلى ألمانيا متجاوزا أوكرانيا.
وتعكس خارطة الطريق للعهد الجديد من أربع سنوات التي وقعها شولتس (63 عاما) مع شريكيه الخضر والليبراليين في الائتلاف الحكومي، طموحات جديدة على صعيد السياسة الأوروبية، بعد الفتور الذي خيم في عهد ميركل.
ويمضي برنامجه أبعد حتى من رؤية ماكرون إذ يتحدث عن “تطور الاتحاد الأوروبي نحو دولة فدرالية أوروبية”، وهو موضوع يعتبر من المحرمات في بعض دول الاتحاد الأوروبي، بما فيها فرنسا،
غير أن باريس تترقب أن يعطي اندفاعة جديدة لأوروبا.لكن من المتوقع أن تكون المحادثات صعبة حول ملف الطاقة النووية، في ضوء دعوة فرنسا إلى إدراجها ضمن قائمة أوروبية لمصادر الطاقة “الخضراء” تمكن من الحصول على تمويل محدد،
وهو ما يرفضه أنصار البيئة الألمان وخصوصا مرشحتهم السابقة للمستشارية أنالينا بيربوك التي تتولى حقيبة الخارجية في الحكومة الجديدة.
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.