الوطن لن ينسي من رفعوه ، ولن يرحم من خذلوه .. لأن للوطن كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا سجلها ووثقها ووصمها إما بالفخر ، وإما بالعار !
صور كتاب الوطن لاتعد ولا تحصي منذ خلق الله هذا الوطن بحدوده الثابتة التي لا تتغير ، وكما تقول علوم الإعلام أن الصورة بألف كلمة ، وربما في أحيان كثيرة بألف كتاب ..
في الأيام القليلة الماضية توقفت طويلا أمام صورة حية لا يمكن أن تتلاشي تفاصيلها من الذاكرة ، ولا يمكن أن أراها دون أن أحبس أنفاسي وأنا أتابع تفاصيلها ..
الصورة يراها الملايين وربما تمر علي الكثيرين مرور الكرام ، وربما لا يلتقط الكثيرون رسائلها المهمة !
صورة شبابنا من خريجي الكليات العسكرية بأنواعها وتخصصاتها المختلفة ، ومن كلية الشرطة .. صورة تفوح منها رائحة العرق الممزوج بالإصرار والعزيمة ، وتنطلق منها روح التضحية والفداء في سبيل الوطن ..
صورة ترسخ في النفس الشعور بالأمن وهو أغلي سلعة في العالم ، وتطمئن القلوب علي المستقبل .. صورة تشعر معها دائما بالفخر والزهو .
تلك الصورة – كانت وما زالت وستظل – ترد بكل القوة والصدق علي هؤلاء الذين كانوا- وما زالوا – يراهنون علي إحجام أبنائنا عن الالتحاق بكليات الشرف والواجب ومصانع الرجال خوفا من الموت في ساحات الواجب الوطني ،
والذين كانوا يخوفون زوجات وأمهات أبناءنا من الضباط في الجيش والشرطة ، والذين كانوا يحرضون علي قتلهم جهارا نهارا علي شاشات الخيانة والرخص
صورة بألف كتاب تشرح إيثارالوطن ورضاء أهالي الشهداء وفخرهم بالتضحية بفلذات أكبادهم ومنهم من له شهيد وأثنين وثلاثة .. كانوا يقولون صدقا .. إذا كان الدم غالي .. فتراب الوطن أغلي وأعز
الصورة الثانية هي لشباب مصري صاعد .. واعد .. مقبل علي الحياة .. متمترس بالعلم والمعرفة .. مُدرك لما يدور حوله .. يعرف طريقه ويرسم خطواته بكل دقة وإصرار ..
تراهم صورة مشرقة في مؤتمرات الشباب ، وفي فعاليات علمية وسياسية .. في البرلمان وفي مراكز السلطة .. صورة حية تري فيها رغبة قوية لتحمل المسئولية بعيون لا يغادرها بريق المستقبل ، وكأنهم أصبحوا قاب قوسين أو أدني منه .. إصرار وعزيمة وثقة في الله وفي أنفسهم .
صورتان من كتاب الوطن .. الأولي من مصانع الرجال تحمل علامة الجودة وشارة ( حماة الوطن وصون الكرامة ) تقول لنا .. إطمئنوا .. والثانية تحمل علامة العلم والمعرفة وشارة ( صناعة الأمل ) ..
الأولي يقدم فيها الشباب الدم والروح لكي يبقي الوطن ، والثانية يزرع فيها الشباب الأمل في الوطن لكي يتقدم وينجح .
كتاب الوطن لا تنتهي صفحاته ولا تتوقف صوره ، وعلينا أن نعتز ونفخر بصفحات وصور الانتصارات ، ونتأمل ونتعلم من صفحات وصور الانكسارات ، وننتبه ونعي الدرس من صفحات الخيانة والعمالة وبيع الأوطان بأبخس الأثمان .