” وسطيةُ الأزهر ” قصيدة للشاعر محمد الشرقاوي

الحرفُ مِن صرحِ الخلودِ أجادا
يا أزهرًا يهدي العقولَ رشادا
والحرفُ نورٌ بالمحاسنِ ساطعٌ
يبني العلومَ ويصنعُ الأمجادا
يغزو السحابَ مهللا ومكبرا
فترى الملائكَ في العلا أشهادا
وإليه كلُّ الكونِ يسعى طالبا
سبلَ العلا والنصرَ والأعيادا
والحرفُ إنْ أمسى صدوقا بوركت
خُطواتُه وغدا الدليلَ وقادا
 فالصدقُ درعُ المخلصين وتاجُهم
صاروا به بين الورى أسيادا
ومضت سفائنُهم لشاطئِ عِزةٍ
لم تخشَ أمواجا ولا حسَّادا
يا أيها البستانُ غرسُكَ طيبٌ
عمَّت فروعُكَ أنفسا وجمادا
قل للمآذنِ في البقاعِ تجمَّلي
إني صنعتُ فوارسا أوتادا
الناطقون الحقَّ في كلِّ الدنا
هزموا الغلوَ فأرشدوا العبَّادا
مِن ألفِ عامٍ والغصونُ تزيَّنت
والكونُ يجمعُ لا يملُّ حصادا
فالأزهرُ المعمورُ شمسٌ أشرقت
للدينِ صارت قبلةً وعِمادا
إنَّ العلومَ إذا تعانقَ نورُها
أهدت لفرسانِ العصورِ جيادا
فروا إلى الرحمنِ مِن أهوائهم
وعلى البسيطة أصبحوا أطوادا
وسعى نجومُكَ في المشارقِ والمغا
ربِ يصلحون جماعةً وفُرادى
ورأيتُ أسرابَ السلامِ تسابقت
والحقُّ ساندهم فساق مِدادا
خفضوا الجناح لكلِّ عقلٍ سائلٍ
فانكبَّ ينهلُ باليدينِ الزادا
أين المكارمُ والمحافلُ مِن يدٍ
جادت وصانت في القلوبِ ودادا
يا دارَ كلِّ المسلمينَ وعزَّهم
مَنْ سار في أنوارِ عِلمِكَ سادا
ومضى يسطرُ رفعةً ومكانةً
ويفوقُ دون مشقةٍ أندادا
نهجُ الكرامِ تصونهُ وسطيةٌ
أعلامُها رسموا الحياةَ جِهادا
أنقذتَ أقطارا تمادى جهلُها
فمحوتَ مِن سيقانِها الأصفادا
وصددتَ مكرَ القاسطين فغادروا
وبدت مكائدُهم هناك رمادا
وغرستَ فيها من بذورِ محبةٍ
وأزلتَ مِن أركانِها الأحقادا
فمضت تقيمُ حضارةً ومكانةً
وتعينُ أهلَ الفكرِ والأجوادا
يا قبلةً للناظرين إلى العلا
بكَ حققوا عبر العصورِ مرادا
ما ضلَّ مَن قصد المنارةَ راجيا
أنْ يسبقَ الجهَّالَ والأوغادا
ويعيدَ للغبراءِ أمنا شاردا
حتى يصونَ مدائنا وبلادا
حتى تظلَّ الشمسُ في عليائها
تحمي الزهورَ وتسمعُ الأجدادا
وتقودُ نحو الفوزِ عقلا قاصرا
ضلَّ السبيلَ وللمتاعِ أرادا
فليشهد التاريخُ أنَّكَ باسطٌ
كفَّ السلامِ لِمَن دنا وأشادا
بثوابتِ الأديانِ منذُ شروقِها
فنما اليقينُ بقلبهِ وازدادا
يا حصنَ أحبابِ الحياةِ بكَ ازدهت
أرضي وحازت عُدةً وعتادا
بالفكرِ والإصلاحِ صُنتَ شعوبَنا
فحباك ربي نُصرةً وسدادا
أنعم بجمعِ الصانعينَ حضارةً
لم نستطع أنْ نحصيَ الأعدادا
ربَّاه صُن وطني وبارك أزهري
جُد بالرجالِ وأكثِر الإمدادا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.