عبد الناصر البنا يكتب : مملكة التكاتك

عبد الناصر البنا – الفضائية المصرية
هذا الأسبوع عقد الدكتور مصطفى مدبولي ، رئيس مجلس الوزراء ، اجتماعاً ، لبحث إجراءات تقنين أوضاع مركبات “التوك توك” وتشجيع أصحابها على الترخيص ، بحضور الدكتور محمد معيط ، وزير المالية ، واللواء محمود شعراوي ، وزير التنمية المحلية ، ونيفين جامع ، وزيرة التجارة والصناعة ، ومسئولي الإدارة العامة للمرور والجهات المعنية .
ترجع أهمية تقنين أوضاع مركبات “التوك توك” على مستوى الجمهورية ، والعمل على تيسير إجراءات الترخيص لأصحابها ، من وجهة نظر الحكومة للفوائد الواسعة من هذا التقنين ، سواء للمجتمع ، أو لـ أصحاب “التوك توك” من حبيث التأمين عليهم ، والمعاشات .. إلخ
فى الواقع ليست هناك إحصائيات دقيقة حول أعداد التوك توك فى مصر ، لكن من المؤكد أن هناك مايقرب من الـ ” خمسة ” ملايين مركبة توك توك تجوب شوارع ج.م.ع منها مايقرب من الـ” ثلاثة ” ملايين فى محافظات ” القاهرة والجيزة والقليوبية ” وحدها على الرغم من أن البعض يرى فى الـ”توك توك” كوسيلة مواصلات ، أنه ساهم فى حل مشكلات كثيرة فى قضية المواصلات الداخلية ، خاصة فى المناطق النائية
غير أن سجل مخالفات التوك توك قد ينسف كل ما يقدمه من خدمات ، أولا : بعد أن تزايدت معدلات الجرائم التى تتم بواسطة التوك توك ، وثانيا : كونه وسيلة غير آدمية فى دولة عريقة بحجم مصر ، والأهم من هذا وذاك الأخطار الإقتصادية الكبيرة الناتجة عنه بسبب عزوف الشباب عن العمل في الحرف اليدوية والإتجاه إلى العمل على التوك توك نظرا لأن دخله ثابت وسريع ، مما أدى إلى عدم توفير العمالة وبالتالي يؤثر على معدلات النمو الاقتصادى ، أضف إلى ذلك الفوضى والعشوائية التى يحدثها التوك توك فى المرور ، إضافة إلى أن أغلب سائقى التوك توك في مصر من الأطفال
ومن متعاطى ومدمنى المخدرات .
والغريب فى الأمر أن التوك توك أصبح أمرا واقعا بعد فشل الدولة فى إيجاد حلول جذرية لمشكلة النقل الجماعى داخل المدن بالقدر الذى ساهم فى إنتشار التوك توك بسرعة كبيرة وبشكل عشوائي كبديل للنقل الجماعى وأصبح سببا رئيسيا في إنتشار جرائم السرقة والإغتصاب والتحرش ، إضافة إلى الضوضاء والتكدس المرورى .. إلخ
والحقيقة أن السماح بدخول مركبات التوك توك فى مصر كان واحدا من الأخطاء الجسيمة التى لاتغتفر ، بل الغريب فى الأمر أنه رغم ما أثير حول هذه المركبة طوال السنوات الماضية ، وأن هناك قرارا إتخذ بوقف إستيراد التوك توك إلا أن ” شركات بعينها ” قامت أو ” سمح ” لها بإستيراده ودخوله مصر ” قطع مفككة “، وتجميعه ، وهذا الأمر حقيقة يثير علامات إستفهام كثيرة ؟ فمن الذى سمح بذلك ؟ وأين القانون ؟
من المؤكد أن هناك شىء مخالف للقانون حدث فى الخفاء أو أن هناك ثغرات بعينها فى القانون سمحت بهذا الوضع الذى يخالف القانون بل ويهدر كل جهود الدولة . وهنا لابد من تفعيل القانون ووقف إستيراد التوك توك تماما تحت أى مسمى ، لأنه للأسف حتى كتابة هذه السطور يتم تجميعه وبيعه فى مصر . و لابد من محاسبة تلك الشركات وتوقيع العقوبات الرادعة عليها وعلى من ساعدها فى ذلك .
الأمر الثانى هو أن تشرع الحكومة فى تقنين أوضاع التوك توك هى ” الكارثة ” بعينها ، وكأنما هى بذلك تقنن العشوائية والبلطجة ، وليس هناك من تبرير يمكن قبوله ، فالدولة التى إستطاعت أن تقضى على أشد البؤر الإجرامية خطورة وأن تعيد الأمن والأمان للمواطن المصرى لايمكن أن نعطى لها مبررا كونها تريد أن تتقى شر هؤلاء البلطجية
والدولة التى إقتحمت أشد الأماكن العشوائية خطورة وبلطجة وسوتها بالأرض ونقلت قاطنيها إلى أماكن آدمية فى ” الأسمرات 1 و 2 وأهالينا وروضة السيدة ومدينة بدر وحدائق أكتوبر وغيرها ، فى وقت ماكان لمسئول أن يجرؤ أن يمر فيها فى وضح النهار وأزالتها بالكامل فى أماكن مثل ” الدويقة ومنشية ناصر وعزبة الخيالة وإسطبل عنتر ومنطقة بطن البقرة العشوائية فى مصر القديمة وغيرها قادرة أيضا على مواجهة بلطجة قائدى التوك توك
والحق يقال أن هناك كثير من الأحياء والمدن فى القاهرة والجيزة وغيرها منعت سير مركبات التوك توك فيها ، غير أن الكثير من أصحاب الأيدى المرتعشة فى المدن والأحياء فى إنتظار التعليمات والمسألة بالنسبه لهم أمن قومى بل ولايجرؤ أحد منهم على إتخاذ مثل هذا القرار خشية رد الفعل الغير متوقعة من هؤلاء البلطجيه وعلى مايبدو أن هؤلاء البلطجية على يقين تام بالمثل القائل ” من أمن العقوبه أساء الأدب ” وللأسف أصبح الجميع يخشى بطش هؤلاء .
قد لا أكون مبالغا إن قلت إن الدولة التى تلجأ إلى تقنين وضع مخالف مثل ترخيص التوك توك تكون على مايبدو قد عجزت عن حل المشكلة ، وخروجا من هذا المأزق لابد من ” تخريد ” مركبات التوك توك فورا وتيسير إجراءات ترخيص سيارات “الميني فان” كوسيلة نقل جماعي آمنة وحضارية ، بديلا عن التوك توك ودخولها كما جاء فى قرار السبد رئيس مجلس الوزراء ضمن مبادرة رئيس الجمهورية لإحلال السيارات للعمل بالغاز الطبيعي، على أن تعمل سيارات “الميني فان” التي سيتم تسليمها كبديل للتوك توك بالغاز الطبيعي .
مع ضروره النظر فى إيجاد بديل آخر وهو التوسع فى إنتاج السيارات الكهربائيه للسير داخل المدن مثل حدائق الأهرام وغيرها من أجل القضاء على فوضى وعشوائيه التكاتك . ۚ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ ۚ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ ۚ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.