عبد الله مصطفي يكتب : بايدن يحاول إصلاح ما أفسده ترمب فى العلاقات مع الأوروبيين؟

عبد الله مصطفي – بروكسل
فى أول جولة خارجية له منذ أن أصبح الرجل الأول في البيت الابيض،  يسعى الرئيس الاميركي جو بايدن إلى إصلاح ما أفسده سلفه دونالد ترمب في العلاقات مع الدول الغربية وعلى راسها دول الاتحاد الاوروبي ومعظمها دول في حلف شمال الاطلسي  “الناتو”، فهل ينجح فى هذه المهمة ؟
بدأ الرئيس الاميركي جولته بالمشاركة في قمة مجموعة السبع الكبار في لندن من الحادي عشر الى الثالث عشر من الشهر الجاري وبعدها يتوجه الى بروكسل للمشاركة في قمتين الأولى تجمع قادة دول حلف الناتو والثانية ستكون قمة بايدن مع قادة دول الاتحاد الأوروبى وبعدها يتوجه إلى جنيف السويسرية في 16 يونيو الجاري للاجتماع مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين
بالنسبة لقمة حلف الناتو  أتذكر اثناء كتابة المقال،  المشهد الذي ظهر فيه الرئيس الاميركي السابق دونالد ترمب وهو يتحدث في القمة الأطلسية الأخيرة في بروكسل وأثارت تصريحاته وطريقة كلامه الساخرة والمتغطرسة، غضب العديد من القادة  وكان ترمب ينتقد بشكل صريح عدم مشاركة باقي الدول الأعضاء في الناتو في تقاسم الأعباء داخل الحلف لدرجة أن الولايات المتحدة تتكفل بمفردها بمايقرب من 70 في المئة من موازنة تحركات وعمليات الحلف،  وقد جاءت تصريحات ترمب وقتها رغم حرص العديد من القادة وايضا الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرج على توجيه رسالة طمأنة تؤكد على زيادة في الإنفاق الدفاعي لدول الحلف وتعهدات بالمزيد.
واليوم سيأتي بايدن إلى بروكسل للمشاركة في القمة ولا اعتقد انه  سيتراجع عن مطالبة الدول الأعضاء بالمشاركة بشكل أفضل في تقاسم الأعباء داخل الحلف ولكن لن يكون بنفس الأسلوب، الذي اتبعه سلفه ترمب.
أما في قمة الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة فقد عرفت العلاقات بين الجانبين توترا في بعض الملفات وخاصة العلاقات التجارية وتبادل فرض مزيد من الرسوم الجمركية على البضائع من ضفتي الاطلسي كما ان الخلافات داخل منظمة التجارة العالمية بين بروكسل وواشنطن واضحة للجميع فضلا عن الخلافات في التعامل مع ملفات عدة منها ملف إيران النووي وملف حل الدولتين، لانهاء الصراع بين الاسرائيليين والفلسطينيين الذ حاول ترمب استبدالة بما يعرف بصفقة القرن إلى جانب ملفات أخرى.
وستكون النقاشات بين القادة في القمتين صعبة ولكنها فرصة جيدا للقاء المباشر وتقريب وجهات النظر وتحديد أولويات العمل وكيفية تنسيق المواقف وخاصة في التعامل مع ملفات تتعلق بالنمو الصيني والذي يعتبره البعض خطرا على الجانبين وأيضا ملف التوتر الحالي في العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وروسيا وكيف يمكن ان تتوحد المواقف الأميركية والأوروبية في الملفات ذات الاهتمام المشترك إلى جانب ملف التغير المناخي والرقمنة ومواجهة تداعيات وباء كورونا وقضايا أخرى دولية وإقليمية متنوعة.
ويرى المراقبون في بروكسل أن أوروبا أصبحت مسرحاً سياسياً “ثانوياً” بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية منذ حقبة الرئيس الأسبق باراك أوباما، لكنها تبقى مهمة لمواجهة روسيا والصين.
ويذهب البعض منهم إلى أن الرئيس بايدن يسعى لتكريس فكرة القيادة الأمريكية للقوى الغربية ضد القوى المنافسة ولإعادة تفعيل العلاقات عبر الأطلسي بعد التدهور الذي لحق بها خلال فترة الرئيس السابق دونالد ترمب.
ونبه البعض من  المراقبين هنا في بروكسل إلى بعض إشارات التهدئة القادمة من واشنطن، لا تعني أن كافة المشاكل الاقتصادية قد حُلت بالفعل بين الأوروبيين والأمريكيين، وذلك في إشارة إلى النزاع حول مساعدات الدولة بشأن شركتي بوينغ وايرباص والحرب التجارية بخصوص الألمنيوم والصلب.
وبخصوص المواجهة مع الصين، اعتبروا أن لواشنطن وبروكسل مصلحة في التعاون ضد بكين خاصة في مجال التقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي، ويقول البعض منهم: ”على الدول عبر ضفتي الأطلسي أن تضع سياسات موحدة لمواجهة الصين في كافة المجالات التقنية”.
وأيدوا الرأي القائل بأن السياسة الأمريكية – الأوروبية المشتركة ضد الصين غير موجودة حالياً، وأن بكين هي الطرف الأقوى في كل مجالات التكنولوجيا.
كما تطرق البعض من الخبراء والمحللين الى أهمية اجتماع دول الحلف، بوجود بايدن، هذا العام،  وأشاروا إلى أن الحلفاء الأوروبيين يريدون التزاماً واضحاً من واشنطن بدعم دفاعهم عن أراضيهم ضد التهديد التوسعي الروسي وربما الصيني، فـ”التقارب العسكري بين موسكو وبكين يقلق الناتو ” .
فهل سينجح بايدن في مهمته خلال هذه الجولة المهمة فعلا وللجميع .. نعنى للجميع لأن العلاقات الجيدة بين ضفتي الأطلسي  سيكون له تداعيات ليس فقط على الأمريكيين والأوروبيين، وإنما أيضا على مناطق أخرى من العالم وخاصة على الشركاء للجانبين وخاصة في منطقة الشرق الاوسط وجنوب المتوسط بشكل عام .
* عبدالله مصطفى صحفى مصرى مقيم  في بروكسل عاصمة الاتحاد الأوروبى.
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.