اللواء دكتور سمير فرج يكتب : اليوم الخامس من يونيو

اللواء دكتور سمير فرج
يمثل الخامس من يونيو، ذكرى أسوأ أيام تاريخ شعب مصر، وجيشها، في العصر الحديث، بعدما تمكن العدو الإسرائيلي، في صباح ذلك اليوم، من عام 1967، من تنفيذ ضربته الجوية، على القواعد الجوية المصرية، فدمر طائراتنا المقاتلة، على الأرض، وأبطل عمل هذه القواعد، ليتحول، بعدها، لمهاجمة قواتنا البرية، في سيناء، على كافة المحاور، في معركة غير متكافئة. وصدرت الأوامر لوحدات الجيش المقاتلة في سيناء، بالانسحاب، فوراً، في اتجاه قناة السويس. فالحقيقة أنه لم تحدث أي معركة داخل شبه جزيرة سيناء، بل كانت هناك قوات مصرية تنسحب، في اتجاه قناة السويس، بدون خطة، وبدون غطاء جوي، في أرض صحراوية مكشوفة، بينما قوات العدو تكيل لها الضربات.
وفي التاسع من يونيو 1967، رفعت إسرائيل أعلامها على الضفة الشرقية للقناة، وأعلن عبد الناصر تنحيه عن الحكم، لكن الشعب المصري، بإراداته، رفض الهزيمة، ورفض تنحي رئيسه. وبدأت القوات المسلحة في إعادة التسليح وتنظيم صفوفها، فأنشأت قيادة الجيشين الثاني والثالث، وأنشأت قوات الدفاع الجوي، وبنت خط دفاعي على الضفة الغربية لقناة السويس، ورفعت كفاءة قواتها بالتدريب على الأسلحة الجديدة، بعدما كانت إسرائيل قد دمرت 80% من حجم الأسلحة المصرية.
وبدأت مرحلة حرب الاستنزاف، لمدة 6 سنوات، كاملة، وُضعت فيهم خطة الهجوم، والتدريب لتنفيذها؛ فتدربنا على عبور أكبر مانع مائي في التاريخ، في أفرع نهر النيل، وتدربنا على تدمير خط بارليف، أقوى الحصون الدفاعية. بينما الشعب المصري يسخر كل إمكاناته للاستعداد للحرب، فقام رجال شركة المقاولون العرب ببناء قواعد الصواريخ، واستجاب أبناء الشعب، لتوجيهات عبد الناصر “بربط الحزام”، فاكتفوا بصرف دجاجتين، شهرياً، لكل أسرة، واستغنوا عن الكثير من احتياجاتهم الأساسية، وأبسطها الشاي والسكر، لدعم المجهود الحربي، بل وتم تهجيرهم، طواعية، من مدن القناة؛ بورسعيد، والإسماعيلية، والسويس، باعتبارها منطقة الجبهة.
كانت حرب الاستنزاف ملحمة من جهود القوات المسلحة الباسلة، وتضحيات شعب مصر العظيم، فتحولت هزيمة يونيو 67، إلى نصر أكتوبر 73 العظيم، ليكون درساً للأجيال الجديدة، التي لم تعاصر تلك الفترة، ليعرف الجميع أن مصر، بجيشها وشعبها، قادرة على تحقيق المستحيل. وهو ما نشهده اليوم، في معركة جديدة، غير عسكرية، إذ تخوض مصر معركة التنمية، بعدما قضت على الإرهاب في سيناء، وبينما حدودها الاستراتيجية الأربعة تحفها المخاطر، فضلاً عن الوضع العالمي الناتج عن وباء كورونا، ورغم ذلك سينتصر هذا الشعب العظيم الذي انتصر من قبل على هزيمة يونيو 67.
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.