جماليات شعر الطفولة عند الشاعر محمد الشرقاوي

تأليف : الأستاذ الدكتور عاطف عبد اللطيف

عرض وتحليل : د. صلاح عدس

الدكتور عاطف عبد اللطيف ناقد قدير في تحليل المضمون وتحليله الأسلوبي بمنهج دقيق وعرض شيق وأسلوب رقيق، وقد جمع لبحثه هذا أوثق المصادر وأدق المراجع الى جانب حسّه النقدي البارع، مما جعل كتابه هذا وكل مؤلفاته العديدة إضافة جديدة للمكتبة العربية وإثراء لحياتنا الثقافية.
د . صلاح عدس
وقد تناول كاتبنا إنتاج شاعر كبير في موضوع أدب الأطفال موضحًا جماليات شعر الطفولة عند محمد الشرقاوي، وذلك من خلال دواوينه الثلاثة “حكايات المساء” و”زهور الأمل” و”خيوط الشمس التي كتبها للأطفال والأجيال الصاعدة لينمي فيهم الانتماء للوطن وللدين والتمسك بقيم الخير والحق والعدل والحرية وهي قيم إنسانية عامة، وقيم إسلامية، وبذلك يتحقق مفهوم الأدب الإسلامي كدعوة ورسالة لها وظيفة اجتماعية مما يذكرنا بشعر “شوقي” للأطفال وما به من بساطة وحكمة…
ويقول الدكتور عاطف [ تبدو براعة الشاعر في أنه جعل حديث المساء من الأجداد للأحفاد، فالأطفال “زهور الأمل” الذين ينتظرون خيوط الشمس لتضئ لهم طريقًا للنهوض والانتصار بعد الانكسار…] وقد أقام ناقدنا جماليات شعر الطفولة على عدة محاور هي:
المحور الأول: الاتجاهات الموضوعية في شعر الطفولة.
المحور الثاني: الألفاظ في شعر الطفولة.
المحور الثالث: الأساليب في شعر الطفولة.
المحور الرابع: الأسلوب القصصي في شعر الطفولة.
المحور الخامس: الصورة في شعر الطفولة.
المحور السادس: الموسيقى في شعر الطفولة.
المحور السابع: عتبات النص في شعر الطفولة.
المحور الثامن: الزمان في شعر الطفولة.
المحور التاسع: الألوان في شعر الطفولة.
المحور العاشر: التشخيص والتجسيم في شعر الطفولة.
المحور الحادي عشر: تعانق الفنون وتداخل الأجناس العربية في شعر الطفولة.
أما المحور الأول عن الاتجاهات الموضوعية في شعر الطفولة وهي ثمانية اتجاهات أولها الاتجاه الوطني
وثانيها: الاتجاه الوطني الإسلامي،
وثالثها: الاتجاه الوطني العلمي،
ورابعها الاتجاه القومي،
وخامسها: الاتجاه الإسلامي،
وسادسها: الاتجاه الاجتماعي،
وسابعها: الاتجاه العلمي والتعليمي،
وثامنها: صدى الطبيعة في شعر الطفولة…
وكان من أمثلة الاتجاه الوطني قول شاعرنا:
 هيا بنا هيا بنـا *** نبني العلا في أرضنا
هيا بنا هيا بنـا *** فالنور في قرآننــا
 والحب نهج بيتنا*** والعدل من أخلاقنـا
وقوله أيضًا:
سر النجاح هو الأمل *** عيش الكرامة في العمل
من عاش ينظر للعلا *** لم يخش من قمم الجبل
وكذلك قول شاعرنا:
صباح الخير يا وطني *** صباح الخير والحـب
فأنت النور في عيني *** وأنت النبض في القلب
وأنت الحضن والمأوى *** كحضــن الأم والأب
وقوله أيضًا:
 مصر في عيني وقلبي *** مصر حازت كل حبي
 في سماء الكون شمس*** نورها في كل درب
ويحدثنا ناقدنا عن الاتجاه الوطني الإسلامي فيورد لنا ما قاله شاعرنا:
دعوت الله في صدق *** دعوت الله من قلبي
الدم في شرياننا *** يجري فدا أوطاننا
أما الاتجاه القومي فيقصد به ناقدنا الأمة العربية مثلما في قوله:
  بغداد مهد الحضــارة *** في كل علم عالمة
 والقدس عاصمة الهدى*** للنصر تحيا قادمـة  
  أما الجزائر ثـــورة *** فوق الأيادي الآثمة
أما الاتجاه الإسلامي ففيه يُذكّر شاعرنا المسلمين بمجد آبائهم الأولين وبالأخلاق الإسلامية مثل طاعة الوالدين وبرّهما، وكذلك أركان الإسلام كالصلاة والزكاة والصيام والحج مثل قول شاعرنا:
صلاة المرء كم تعطي *** له زادًا من الصبر
ومن صلّى فقد أضحى *** بنور الوجه كالبدر
وقوله عن الحج:
  شهور الحج إذ عادت *** تعم الكون أنسـام
  وللشيطان أحــزان *** وللحجاج إكــرام
وكذلك حديث شاعرنا للأطفال عن الرسول وصحبه الكرام إذ يقول عن النبي صلى الله عليه وسلم:
   رسول الله في عيني *** أضاء الأرض أزمانا
   أمات الظلم في عصر*** شكا ذلاً وعدوانــا
ويقول عن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
 يا أمير المؤمنين *** يا زعيم المخلصين
  نلت حبًا في فؤادي*** يا إمام العادليـن
 عندما هاجرت جهرًا*** مات كيد الكافرين
 عندما أرسيت عدلا***صرت نجم الحاكمين
أما الاتجاه الاجتماعي فيحلله ناقدنا باقتدار من خلال قصائد شاعرنا، إذ يقول عن الأهل وصلة الرحم:
   إنهم فخر لشعبي *** إنهم شمس العصور
ونجد شاعرنا في قصيدة إنسانية “حكاية قطة” يقول:
أبصرت يومًا قطتي
قد سارعت من حجرتي
سارت بعيدًا كي ترى
ماءً وبعض اللقمة
لم يرضها زادً لها
ألقيته في غلظة
دارت عيوني خلفها
تبدي عجيب النظرة
ألفيتها تمضي بلا
خوف ونادت جارتي
قالت لها قد نالني
جوعً وبعض الشدة
والقلب أمسى عازمًا
من أرضهم بالهجرة
إن لم أنل من حبكم
فالخير عندي وحدتي
مدت يديها جارتي
بالزاد بعد الرأفة
أحسست إني نادمٌ
والعين ساقت دمعتي
وشاعرنا هنا يرقق مشاعر أطفالنا ويعمق أحاسيسهم بالكائنات الضعيفة من الحيوانات والبشر فينزع منهم نوازع العنف والقسوة، كما أنه من ناحية التقنية يستعمل وسائل درامية مثل السرد القصصي والحوار، أما عن الاتجاه العلمي والتعليمي فنجد شاعرنا يصور لنا في قصيدته “كتابي” قيمة الكتاب والعلم والثقافة إذ يقول:
يا كتابي أنت شمس*** أنت نحو المجد بابي
يا صديقي خذ طريقي***ناظرًا نحو السحـاب
وكذلك تمجيده للأزهر كمنارة للعلم والدين وللحق والخير والعدل وأخيرًا يحدثنا عن الطبيعة في شعر الطفولة عند محمد الشرقاوي باعتبارها طريقًا للانتماء للأرض الوطن وطريقًا لتمجيد الله الخالق المبدع، ثم يحدثنا عن الألفاظ في شعر الشرقاوي ويقوم بتحليل أسلوبي له وكيف برع في البيان والبديع والمعاني، أما البيان فيشمل التشبيه والاستعارة والكناية، وأما البديع فيشمل الجناس والطباق وغيره، وأما المعاني فتشمل أنواع الأساليب وأنواع الجمل من اسمية أو فعلية من أفعال مضارعة أو ماضي أو أمر، وأما الأساليب الإنشائية من استفهام ونداء وتعجب ودعاء وتمني ونهي وأمر وأسلوب شرطي حسب مقتضى الحال.
ثم يحدثنا ناقدنا عن الصورة في شعر الطفولة عند شاعرنا الشرقاوي وكيف تشكل الصور في مجموعها أنغامًا وجدانية تشكل في مجموعها الإحساس العام في دواوينه باعتبارها منظومة واحدة لا دواوين متفرقة.
وأخيرًا يحدثنا عن الموسيقى في شعر الشرقاوي حيث نجده ملتزمًا بوحدة الوزن والقافية والرويّ وهذه هي الموسيقى الخارجية، بينما الموسيقى الداخلية تتعلق بالألفاظ والحروف وما بينها من علاقات صوتية تحدث جرسًا موسيقيًا…
خلاصة القول أن الشرقاوي شاعر أصيل مبدع وأحد الحرس الجديد للشعر العربي في مواجهة قصيدة النثر والزبالة أو الهذيان الشعري الذي يكتبه من يحصلون على الجوائز ويتقاسمها معهم نقادهم لمجرد أنهم يسبون الدين ويتطاولون على الله ورسوله.. وخلاصة القول أيضًا أن الدكتور عاطف عبد اللطيف ناقد وعبقري في تحليلاته العميقة وأحكامه الدقيقة.
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.