الدكتورة سامية خضر تكتب : “حياة كريمة ” .. طوق نجاة للوطن

د. سامية خضر
لم يعد مصطلح البيئة يعنى البيئة الطبيعية فقط حيث اشتمل مفهوم البيئة على المظاهر الثقافية والسياسية والاجتماعية والمادية لذلك فإن عدم التحديد بكلمة الطبيعية يجعلها كل المظاهر الطبيعية وغير الطبيعية حيث أن تدمير البيئة لم يعد قاصرا على الحروب والفيضانات والزلازل والبراكين ولكن قد يكون الأثر المتمثل فى اللامبالاة والسلبية أكثر خطراً وتدميراً ..
ويعتبر البعد التنويرى فى المدارس والجامعات والإعلام وأماكن العبادة من الاحتياجات الأساسية لنشر الهوية القومية والانتماء والوعى السياسى والقضاء على السلبية واللامبالاة .. وإن عدم وضوح خط ثقافى داخل المدارس والجامعات يقضى على الانتماء الوطنى
بل إن الغموض الفكرى هو امتداد للأمية الأبجدية وإلى انتشار الفكر المتطرف كذلك، إن النشاط غير الواعى بالمدارس والجامعات والذى ليس له هدف واضح ساهم فى إمتهان البيئة المعاشة كذلك إن إنفصال المعرفة العلمية عن المجتمع ساهم أيضاً فى مزيد من نشر الخرافات كذلك.
إن عدم فاعلية مراكز رعاية الشباب ساعد على انتشار نزعات العنف. حيث أن السلوك المدمر للبيئة لا يولد بين يوم وليلة ولكن تساعد الظروف الكامنة فى المجتمع والتى لا يتم الالتفات إليها إلى انتشار قيم الانتهازية والأنانية والسلبية ويفقد السكان الحس القومى والمشاعر الوطنية
وبذلك ينتشر ما يسمى بالفساد على كل الأصعدة، وإن تعبير المشاركة يجب أن يسجل فى إطار التغيير فمعظم المؤسسات والاتحادات والجمعيات تنشأ أصلاً لتعكس نوعيات مختلفة من التغير، وإن إرادة المواطن ليحتفظ ببيئة صالحة للحياة بل وقادر على تطويرها للأفضل يدخل فى اطار التغيير.
ومن الواضح أنه طالما ظل الإنسان سواء باعتباره كائنا بيولوجيا أو كائنا اجتماعياً طالما استمرت العلاقة بين الانسان والبيئة تشكل محور الاهتمامات، مع الأخذ فى الاعتبار تتابع المنجزات والمخترعات العلمية، حيث يتم التحول العالمى دون استئذان العالم الثالث نظراً لاتساع الفجوة العلمية والمعرفة التكنولوجية
ولا مخرج لسكان الجنوب إلا بالمعرفة العلمية والوعى بأهمية تحسين البيئة الثقافية والتى تنعكس على البيئة الاقتصادية والسياسية وإلا سيأتى اليوم ويكون الاندثار الكبير وترك الساحة للأصحاء والأقوياء الذين يستطيعون أن يستمروا فى ذلك العالم المتغير.
ونشير إلى أن المدارس والجامعات لها تأثير على حل مشكلات البيئة مثال فى موضوع الزيادة السكانية ونشر الوعى بالنزول إلى المجتمع (إنجاب طفلين فقط يساوى أسرة سعيدة) وإن التكيف مع البيئة الخارجية يعتبر أول الشروط لاستمرار الحياة.
هكذا تكون المعرفة قوة، فهذه الفئة من طلاب العلم ينشرون المعرفة وفى نفس الوقت يندمجون فى تلك الأفكار فتعود عليهم وعلى الدولة بالايجابيات. وإن ملاحظة الجامعة والمدرسة لما يدور حولها واجب أساسى. وتعتبر المنيرة الغربية أكبر مثال على أن تدهور البيئة يعمل على تدهور المجتمع والقضاء على الأمن البيئى فقد كانت وكرا للإرهاب
حيث أقيمت المساكن فى تلك المنطقة بدون تخطيط ولا ترخيص ولا مرافق على أرض زراعية وعلى حدود المدينة وداخل بعض المناطق السكنية وأصبحت عبارة عن تقاسيم عشوائية ولم تترك فراغات ولا أراضى لإقامة مرافق ولا خدمات ولا شوارع يمكن إجراء توسعات بها، ووصل عدد السكان بها أكثر من نصف مليون
وكان هناك قصور شديد فى مياه الشرب والصرف الصحى والكهرباء نتيجة الوضع غير القانونى للمبانى ونقص شديد فى المدارس والمستشفيات حيث اتضح أن 71% من الأطفال لا يذهبون إلى المدارس و14% فقط يذهبون للمستشفيات لنقص الخدمات الطبية.
وقد استفحل الإرهاب بتلك المنطقة وقد تم فى تلك الفترة التركيز على توفير الاعتمادات وإقامة المشروعات والخدمات وتغطيتها بالكامل بكافة المجالات تعلمية وصحية وإقامة مركز للشباب ومجمع للخدمات وسادت الإنارة العامة بعد أن كان الظلام هو الذى كان سائداً وقد تم الاستفادة فى ذلك الوقت من منحة أجنبية واستمرت إعادة هذه المنطقة إلى الحياة الآدمية وبجهد خارق لمدة ست سنوات من عام 1990 إلى 1996 وعند زيادة الأمير “شارلز” لتلك المنطقة استقبله السكان بالورود والزغاريد .. حيث تحولت إلى منطقة صالحة للحياة.
وها هى الدولة حالياً تقوم بتنمية كبرى بالقرى والنجوع تحت مسمى (حياة كريمة) فى سياق اهتمام الرئيس عبد الفتاح السييسى فى السعى لتغيير الريف ووقف البناء على الأراضى الزراعية وهى مبادرة وطنية بمثابة طوق النجاة لسكانها بل للوطن كله ..
وبرغم أن الأمم المتحدة قد اشادت بتلك المبادرة إلا أننا لم نسمع عن دور المدارس والجامعات فى ذلك الشأن حتى ولو بنشر التوعية بأهمية الحفاظ على البيئة، وأخيراً: هل من مجيب ؟
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.