عبد الناصر البنا يكتب : العالم تحت رحمة نفايات التكنولوجيا

عبد الناصر البنا – الفضائية المصرية
يعيش العالم الآن فى عصر ”  ثورة المعلومات والاتصالات ” وهى الثورة التى غيرت الكثير من نمط حياتنا إلى الأفضل بل وتركت علامة فارقة في حياة البشرية ، ونتيجه طبيعيه لتلك الثورة فى العلم والتكنولوجيا أن يزداد عدد المنتجات التقنية ، التي قدمت للمجتمعات فوائد هائلة ، وأصبح لاغنى لنا عنها
بل هى الأكثر إستخداما فى حياتنا اليومية مثل ” التليفون المحمول ـ التليفزيون ـ الشاشات ـ الكمبيوتر ـ واللاب توب ـ الطابعات ـ البطاريات ـ الفاكسات ـ ماكينات التصوير ـ الأجهزة المنزلية ” الثلاجه ، الميكروويف ـ المصابيح ـ أجهزه الإضاءة ــ كاميرات المراقبة .. وغيرها الكثير
 وعلى الجانب المظلم خلفت هذه التقنية وراءها ملايين الأطنان من الأجهزة المستعملة والمعطلة ، والتي شكلت هاجسًا كبيرًا ، ومشكلة متفاقمة تسعى الدول والحكومات للتخلص منها
والنفايات الإلكترونية هي أشكال مختلفة من الأجهزة الكهربائية والإلكترونية التي لم تعد ذات قيمة لمستخدميها أو لم تعد قادرة على القيام بالمهام المطلوبة منها بكفاءة ، وتشكل النفايات الإلكترونية أكثر من 5 %  من إجمالي النفايات الصلبة ، وتتزايد هذه النسبة مع ارتفاع مبيعات المنتجات الإلكترونية في البلدان النامية .
ومع دورة حياتها القصيرة ، تتحول الأجهزة الإلكترونية إلى نفايات إلكترونية بوتيرة سريعة ، وتشير التقديرات إلى أن ما يقرب من 500 مليون قطعة من الهواتف المحمولة غير المستخدمة تتراكم في المنازل ، وتصل ملايين الأجهزة الإلكترونية مثل ” الهواتف المحمولة وأجهزة التلفزيون وأجهزة الكمبيوتر المحمولة .. إلخ ” في كل عام إلى مرحلة نهاية عمرها الافتراضي المفيد.
 ولسوء الحظ، فإن غالبية هذه المنتجات الإلكترونية ينتهي بها المطاف في مدافن النفايات ، ويتم إعادة تدوير حوالي 15 % فقط منها بشكل صحيح .
ووفقًا لتقرير للأمم المتحدة ، ينتج العالم ما بين 20 إلى 50 مليون طن تقريبًا من المخلفات الإلكترونية فى كل عام ، ومن المتوقع زيادة تصل إلى 120 مليون طن في الثلاثين عامًا القادمة
 ومن هنا إستوحى الإتحاد الأوروبي اسم ” تسونامي المخلفات الإلكترونية ” ، وتبلغ قيمة هذه المخلفات على الأقل 62.5 مليار دولار أميركي سنويًا .
وتعود خطورة النفايات الالكترونية إلى المواد المستخدمة في تصنيعها مثل ” الرصاص ـ والزئيق ـ والزرنيخ ـ والكروم ـ والكالسيوم .. وغيرها ” من  المواد التى تشكل خطرا كبيرا على صحة الإنسان والبيئة .
والحقيقة أن الوضع عندنا محتلف خاصة وأن الكثير من الناس يحرصون على شراء الأجهزة المستعملة أو مايسمى ” وارد الخارج ” أو ” إستعمال بلادها “
وحسب التقارير أنها تسجل مبيعات عالية في السوق المصري خاصة في أجهزة الكمبيوتر واللاب توب والشاشات الإلكترونية لرخص ثمنها مقارنة بالأجهزة الجديدة التي تشكل خمسة أضعاف سعر المستعمل ، ويتزايد سعرها بشكل جنونى وأغلب بائعي الأجهزة الإلكترونية يلجأون للمستعمل.
الخطير فى الأمر أن هذه الأجهزة الألكترونية قد غزت أسواقنا مؤخرا بصورة لافتة للنظر ، وأخشى القول أننا أصبحنا مقلبا لنفايات الأجهزة الألكترونية التي تتخلص منها دول أوربا ،
وتشير التقديرات إلى أن نحو 40 % من الأجهزة الإلكترونية المهملة يتم إرسالها إلى بلدان أخرى ، وغالبًا بشكل غير قانوني . وهنا يجب على مصلحه الجمارك تشديد الرقابة على المتافذ الجمركية وإحباط أى محاوله للتهرب الجمركى وتطبيق القانون بحسم وحزم شديدين وتحديد ما يجب إستيراده وما لايجب ، بعد أن أغرقت أسواقنا ببضائع صينية رديئة وسيئة الصنع
وتحت مسمى 2.5 جنيه ضاع فيها الكثير من النقد الأجنبى ، والوضع هنا لايختلف كثيرا إذا كان ضرر هذه الأجهزه الألكترونية المستعملة أكثر من نفعها فيجب الحد من إستيرادها لضررها بالبيئة والإنسان والمثل الشعبى يقول ”  لو كان فيه خير ما كان رماه الطير” ” وعمر الحداية ماتحدف كتاكيت ”  وإلا لما تخلصت منها الدول المصدرة ..  وطبقا لقانون مصلحة الجمارك المصرية ” يحظر دخول حاويات نفايات ألكترونية مرعلى تصنيعها خمس سنوات وتعتبر نفايات خطرة ” .  وعلى ذلك تعتبر ” النفايات الألكترونية ” هى الجانب المظلم للتقنية !
والحقيقه أن العالم أدرك مؤخرا خطورة تلك النفايات وماتمثله من أعباء بيئية وعلى صحه الإنسان ، ولذلك تحاول تلك الدول أن تتخلص من تلك النفايات وخاصة بعد أن تنصلت الشركات الكبرى مثل ” آبل ــ وأمازون .. ” وغيرها عن مسئوليتها عن تلك الأضرار ، ولجأت أغلب الدول الصناعية الكبري  إلى دول العالم الثالث والدول الفقيرة للتخلص من تلك النقايات وإبعادها عن محيطها الإقليمى
ولعلنا نتذكر  ” مسرحية الزعيم ” بطوله الفنان عادل إمام التى كتبها فاروق صبرى فى بداية الثمانينات وتدور احداثها حول حاكم وقع اتفاقية دفن نفايات نووية داخل أراضى دولته ، وعلى الرغم من أن الحاكم الجديد كان رئيس محدود الفكر والثقافة وجاء بعد ثورة لم يشارك فيها ، وعلى حد قول البطل ” الثوره قامت وأنا مش عارف أنا كنت فين ساعتها – كنت فى الحمام ساعتها ” إلا أنه أفشل إتمام الصفقة فى النهاية ..
وهكذا تكون الوطنيه التى هى أفعال لا أقوال .
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.