وأنت تقرأ هذا المقال لابد أن تستحضر الصور التى جلبها لنا أبناء مصر الذين عادوا من الخليج فى نهاية حقبة القرن الماضى محملين بالفكر الوهابى ” العفن ” بعد أن أنفقت دول النفط الملايين من أجل نشره فى وطننا العربى من المحيط إلى الخليج .. عاد أبناء مصر بلد الازهر والإسلام الوسطى تتدلى لحاهم على كروشهم والسواك لايفارق أيديهم ، وفد إقترب الثوب من الركبة .. أما الزوجة والبنات فعدن قريبات الشبه بالخيام .
والوهابية أو السلفية الوهابية ” العفنة ” هى مصطلح أطلق على حركة إسلامية سنية قامت في منطقة ” نجد ” وسط شبه الجزيرة العربية في أواخر القرن الثاني عشر الهجري ، الموافق للثامن عشر الميلادي على يد الشيخ محمد بن عبد الوهاب (1703 – 1792) والأمير محمد بن سعود حيث تحالفا لنشر الدعوة السلفية التي قامت على إثرها الدولة السعودية الأولى والتي سيطرت على شبه الجزيرة العربية وأجزاء من العراق والشام واليمن.
إعتمد إبن عبدالوهاب على منهج ” إبن تيميه ” فى الفتاوى التكفيرية وتكفير من يخالف مذهبهم وإباحة القتل وبث روح الحقد والكراهية لليهود والمسيحيين وقامت عقيدتهم على العنف والقتل ولم يكن غريبا أن تجد جيشا من السلفيين وهم بعبرون الحدود ليضعوا حول خصورهم أدوات الموت ويصبحوا في لحظة واحدة أشلاء تسحب وراءها أرواحاً بريئة .
وتحرم الوهابية فى فكرها بناء الأضرحة أو زيارتها وحتى بناء الشواهد على القبور وتحرم الرسوم بكل أشكالها وأنواعها والأعمال الفنية وكل حداثه تعتبرها بدعه وهى ترى أن ــ كل محدثه ” بدعة ” وكل بدعة ضلاله وكل ضلالة فى النار ــ وتحذر الوهابية الجديدة من تعرض الإسلام لتهديد خطير من قبل المسيحيين واليهود والملحدين والذين يتآمرون لدسّ أفكار في الإسلام بهدف تدميره من الداخل .
فى العصر الحديث يعتبر ” محمد بن باز ” الذى شغل العديد من المناصب الدينية يعد من أكثر رجال الدين السعوديين أهميةً في التاريخ الحديث، فقد أخذ على عاتقه مهمة تقديم ونشر الأيدولوجية الوهابية الجديدة .. و قام ” بن باز ” ورجال الدين السعوديين من أبناء جيله بالإشراف على برنامج رئيسي لإحياء وشرح وإعادة نشر كتابات ابن عبد الوهاب عن التكفير
وقد ظهرت آثار الفكر الوهابى مع بدايه الربيع العربى عندما قامت الميليشيات الوهابيه السلفيه بالكثير من الأعمال التدميرية للآثار والأضرحة .. كما قام الوعاظ الوهابيين من الذين أخذوا على عاتقهم مهمة التدمير المنهجي للتراث الثقافي والديني الذى يعتبر تدميراً للتراث الإنساني
وقد ظهرت آثار ذلك التدمير جلية فى سورية والعراق بالفتاوى التى إستند إليهات تنظيم ” داعش ” عند تدمير الأضرحة “ وتفجير القبة الحسينية في الموصل” وتدمير التراث المعماري والفني لحضارات ما قبل الإسلام في نينوى في العراق وتدمر في سورية.
في الوقت الذي إنخرطت فيه داعش بحملتها لتدمير الأضرحة والقبور والتراث الإنساني ، صدرت الفتاوى التى ترحب بتدمير حركة طالبان لتماثيل وأوابد بوذا الضخمة في منطقة باميان، ومن ثم تحطيم أعمال فنية أخرى في المناطق التي خضعت لسيطرتها آنذاك في أفغانستان عام 2001.
كما حثت الفتوى المسلمين على تدمير مثل هذه الأصنام والمقابر أينما وحيثما كان بإمكانهم القيام بذلك، مع الإشارة وبشكل خاص إلى منطقة سورية والعراق ومصر, وتحديداً صنم أبو الهول والأهرامات على حد وصفهم.
لكن الحقيقه التى يجب أن لاتغيب عن البال أن مايقوم به الآن ولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان فى المملكة العربية السعودية هو بمثابه ثورة فكرية حقيقيه تقتل فكر ابن تيمية وتعيد إحياء فكر ابن رشد . ولى العهد السعودى ضرب الوهابية فى مقتل عندما كسر القيود وحطم الأغلال وفتح الباب لرياح الحداثه والتغيير ، وأعطى الضوء الأخضر للترفيه وإهتم بالمرأه وقضاياها .
ولم يكتف بذلك وإنما إنطلق في معركة التغيير التي يقودها في مختلف الميادين الإقتصادية والإجتماعية والتنموية وغيرها من الأفكار النابعه من فكر شاب ومتميز ، فكر يدرك أن المعركة التي تدور رحاها في عالم اليوم هي معركه ” حضارية ” بامتياز ، ولذلك لا بد أن تواكب المملكه هذا السباق الحضاري بسرعة كي تعوّض ما فات .
هذا قطر من غيث عن الوهابية العفنة التى خرج من عبائتها تنظيم داعش والسلفية الجهادية والتنظيمات الجهادية الأخرى والجماعات الإسلاميه التى تنتهج الفكر التكفيرى فى مشارق الأرض ومغاربها ضاربه بتعاليم الإسلام وسماحته عرض الحائط حتى أصبح الإر هاب هو الصفه الغالبة على كل ما هو مسلم .