هاني سالم يكتب :  التغلغل الإردوغاني الناعم في القارة الإفريقيه   

 

كثفت تركيا في الآونة الأخيرة أنشطتها من تركيزها على القارة الإفريقية، فدائماً تعمل تركيا علي توظيف تغلغلها الناعم في القارة السمراء بإدعائها أنها ( شريك الخير ) وتعتمد على عنصر ” الدين ” في سياستها الخارجية، مهما نفت ذلك رسمياً، فرأس الدوله التركيه « رجب طيب إردوغان » أكبر تجار الدين، والذي يستغل الإسلام لخدمة أطماعه الإستعماريه، فلا يكل ولا يمل وراء سراب إستعادة الدوله العثمانيه وإحيائها بعد موتها، وتحاول تركيا إستغلال السكان المسلمين في دول القارة الإفريقية للترويج لسياساتها التوسعية، وكانت البدايه مع إستضافة تركيا في عام 2006 مؤتمر رجال الدين الأفارقه والذي عبرت فيه عن تغيير رؤيتها تجاه القارة لتكون ذات طابع ديني، بجانب أنها تعمل على نشر اللغه التركيه، وتوفير فرص عمل لمن يتحدثون بهذه اللغه، ويعمل اردوغان من خلال منظمات المجتمع المدني لا سيما مؤسسة ” الهدي ” التابعه لحكومته، علي إستغلال الأعمال الخيريه المقدمه لدول القارة لتمويل أنشطته التخريبيه ( الإرهابيه )بها، لقد باتت الأطماع التركيه التي يقودها اردوغان شخصياً في قارتنا السمراء واضحه للعيان أكثر من أي وقت مضى، فنراه يركز على الدول الإسلاميه التي تشهد نزاعات وفوضي داخل القارة، ليحاول إيجاد نفوذ كبير بها، والذي لم يتوقف عند ليبيا أو الصومال، بل إن الأطماع الإردوغانيه ترغب في خلق نفوذ كبير لها في دول أخري بالقارة الإفريقية، وهذه المرة في دولة ” مالي ” التي تقع غرب القارة الإفريقية، فمنذ الانقلاب الذي تم في شهر أغسطس الماضي، قام وزير الخارجية التركي بزيارة قادة المجلس العسكري هناك أكثر من مرة، وهذا يدل على تأكيد نية الأغا العثماني في التوسع أكثر في قارة أفريقيا، وتأكيداً لإستخدام اردوغان منظمات وجمعيات المجتمع المدني لنشاطاته في القارة، فقد ذكر موقع « مورديك مونيتور » أن تركيا تنشط عبر ما تسميه جمعيات ومنظمات إغاثيه، وتقوم بتقديم معونات وإنشاء مدارس وجامعات، من أجل زيادة توسعها وتوغلها أكثر في دولة مالي، وهو نفس الأسلوب الذي إنتهجه وسلكه الأغا العثماني في ” الصومال ” حيث توسعت أنشطتها هناك أيضا وكانت علي شكل مساعدات وهبات، حتي تمكنت من وضع قدم لها.. لا يخفي علي أحد أن اردوغان يركز حالياً علي القارة الأفريقية عبر جبهتين أو طريقين، أولهما عبر التدخل العسكري في ليبيا، وإرساله آلاف الإرهابيين والمرتزقه والأجراء إليها، لدعم حكومة فايز السراج، وجعل ليبيا قاعدة عسكرية للتمدد أكثر في مشروعه ” الفنكوش ” من أجل التوسع في نفوذة بالقارة الإفريقية، وهو فشل حتي الآن في ليبيا بعد أن قام الرئيس عبدالفتاح السيسي برسم وتحديد خطاً أحمر لا يُسمح بتجاوزه، ولن يجرؤ العثمانلي علي تجاوزه.. ثانيهما يعمل اردوغان علي زيادة نفوذه وتواجده في القارة الأفريقية عبر استخدام الجمعيات الأهلية والمنظمات الخيريه، وادعائها بتقديم الاغاثات والمعونات كما ذكرت سابقاً، وهو الذي يحدث بالفعل في مالي الآن، وربما نسمع عن دول افريقيه أخري تتعامل معها تركيا بنفس الأسلوب ( أسلوب التجارة بالدين ) ولكن ما سبب تركيز الأغا المصاب بجنون العظمه علي قارة أفريقيا؟!
سبب تركيز الأغا العثماني علي قارة أفريقيا يكمن في الجانبين السياسي والإقتصادي، فسياسياً يحاول رجب طيب اردوغان كسب نفوذ كبير في عدة دول أفريقيه لعمل (حلف من مجموعة دول إسلاميه داخل أفريقيا ) بحيث يكون داعماً له، وهذا يثبت ويؤكد أن أحلام البلطجي اردوغان التوسعيه والموهوم بأحلام طوي عليها الزمن صفحاته لا نهاية لها، ولو تذكرنا فقد قالها في بعض خطاباته عن حلمه فى عودة نفوذ السلاطين البائده. أما إقتصادياً وهو لا يقل أهمية عن الشق السياسي، فينظر الأغا العثماني في كسب نفوذ كبير بالقارة الإفريقية، لا سيما تملك ثروات من النفط والغاز والمعادن، بعد فشله في شرق المتوسط وخابت كل مساعيه في الحصول علي قطرة نفط واحده، وخسر كل شيء، وأيضا بعد تدهور الأوضاع الاقتصادية في بلاده وتهاوي الليرة التركية، لذلك ركز بشكل كبير في إنشاء قاعدة عسكرية دائمه في ليبيا، لتكون مركزاً ودعماً لوجستياً للإنطلاق والتغلغل في دول أخري مجاورة من ليبيا ( الأطماع الرجبيه الإردوغانيه ) ولو نظرنا لما يفعله ” اردوغان ” في سياساته الخارجيه الحمقاء، نجدها إستنساخ للتجربه الإيرانية بحذافيرها، فكلاهما وجهان لعملة واحدة ونفس الأطماع، فكل تركيز إيران يذهب إلي دعم ميلشيات واذرع في دول عربيه علي حساب إقتصاد البلاد وعلي حساب قوت الشعب الإيراني، ليتكرر المشهد بالكربون بتقليد العثمانلي سياسة إيران وإرسال قوات وعمل قاعدة عسكرية في ليبيا، والرغبه في التغلغل أكثر في عدة دول افريقيه، في الوقت الذي تعيش فيه تركيا ضعف اقتصادي، وارتفاع في معدلات الفقر، وكذلك العقوبات الإقتصادية التي تعرض لها بسبب سياساته البلهاء.. ومن المؤكد أن الأيديولوجيا التي تقوم بها تركيا حالياً لن تكسبها إلا مزيداً من المشاكل، والإنهيار الإقتصادي، وأيضاً العقوبات الإقتصادية، وكذلك زيادة عزلتها أكثر وأكثر عن العالم، لتصبح دوله مُتقزمه، ومن سيدفع الثمن هو الشعب التركي وحده. فإردوغان المأزوم داخلياً وخارجياً، جراء سياساته العدائيه ومحاولاته المستميته قمع المعارضه، والتي طفح بها الكيل، والأزمات باتت تضربه من كل حدب وصوب، يسعي جاهداً لترسيخ مشروعه العثماني الذي يسعي جاهداً لتنفيذه ولو علي حساب شعبه وأبناء وطنه، ويحاول دوماً أن يظهر في صورة الرئيس المؤمن والتقي، ويوظف خطابه الديني ليكون غطاء لعملياته العسكريه، شأنه في ذلك شأن العصابات والجماعات والتنظيمات الإرهابيه، باتت نهايته قريبه وآيلاً للسقوط ولن ولم تفلح مساعيه ولن تزيد بلاده إلا إنهياراً، وستفشل كل ما يسعي إليه في القارة الإفريقية لأنه أصبح مكشوف ومفضوح.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.