هانى سالم يكتب : لماذا هذا التهافت التركي .. لإستعادة العلاقه الكامله مع إسرائيل

« إذا خطت إسرائيل خطوه واحده نحونا، فسوف تتخذ تركيا خطوتين، وإذا رأينا ضوء أخضر، فسوف تفتح تركيا السفاره مره أخري ونعيد سفيرنا، وربما في مارس يمكننا إستعادة العلاقات الدبلوماسية الكامله مرة أخرى » تلك الكلمات هي ل ” مسعود جاسين ” مستشار الأغا العثماني ” إردوغان ” لشؤون السياسه الخارجيه. فما يمكن فهمه من كلام المسئول التركي هو التهافت التركي علي إستعادة العلاقات الكامله مع الكيان الصهيوني، ولكن لماذا هذا الإصرار وهذا التهافت العثماني علي إسرائيل؟ ولماذا في هذا التوقيت؟ وأين ذهبت الشعارات السابقه للفارس الملثم ” إردوغان ” بخصوص تحرير القدس، ورفع الحصار عن غزة، أين ذهبت نظرية وشعار علي القدس رايحين شهداء بالملايين؟ أين وصفه لإسرائيل بدولة الإرهاب؟!
الحقيقه منذ الإعلان عن توقيع معاهدة السلام ( الإماراتيه_ الإسرائيلية ) بدت تركيا واردوغان يعيشان حالة من الإرتباك وعدم التوازن، وازدواجية المعايير، وتصريحات الكيل بمكيالين، بين الهجوم على إتفاقيات السلام التي توقعها الدول العربية مع إسرائيل، وبين التهافت التركي واللهث التركي علي إسرائيل، والسعي بكل قوه لإستعادة كامل العلاقه معها، رغم أن العلاقه بين الجانبين فوق الممتازه وفي أفضل حالتها، علاقات أخوه، كما تشير أرقام حجم التبادل التجاري بينهما، وهذا أمر يتجاوز التناقض والإنفصام إلي السخريه والسذاجه معاً، فأصغر طفل بات يدرك مدي نفاق الأغا العثماني إردوغان وسياسته بشأن القضيه الفلسطينية وهو أول المتاجرين بها.
إذً توقيت هذا التهافت التركي علي إسرائيل يحمل عدة مؤشرات ودلائل ومنها: أولاً_ العثمانلي يشعر بخساره كبيره من فوز جو بايدن بالرئاسه الأمريكيه، ويدرك ويعي صعوبة العلاقه مع الإداره الأمريكيه الجديده، لا سيما بعد العقوبات التي فرضت عليه من قبل الإداره الأمريكيه الحاليه، وكذلك هناك عقوبات علي طاولة الكونجرس ضد تركيا إذا استمرت في نهجها وسلوكها العدواني، يعتقد إردوغان بأن إسرائيل تشكل المفتاح السحري لتحسين علاقته مع إدارة الرئيس المنتخب حوزيف بايدن.
ثانياً: معاهدات السلام التي تم توقيعها مؤخراً بين إسرائيل وبين كل من الإمارات والبحرين والسودان ومؤخراً المغرب، وأيضاً الحديث عن معاهدات واتفاقيات مماثله منتظره وفي الطريق مع عدد من الدول العربية، تجعل ” إردوغان ” يشعر بخساره كبيره ستلحق بالعلاقه التاريخيه والحيويه والممتازه لبلاده مع إسرائيل لصالح الدول العربية ( غيرة منقطعة النظير ) إذاً تركيا هي أول دوله إسلاميه تعترف بالكيان الصهيوني عام 1949، لا تريد بأن يكون هناك شريك أو منافس في المنطقه، يكون له علاقه جيده مع إسرائيل، وطبعاً هذا خوفاً من تراجع مكانتها وقدرتها على التلاعب بقضايا المنطقه، لا سيما تجارة إردوغان بالشعارات الرنانه ( الشعارات الإسلاميه العنتريه ) وإستغلاله للجماعه الإرهابيه ” جماعة الإخوان المسلمين ” وعلاقته بضئيلة الحجم ” قطر ” فإردوغان بات يدرك أن مسار السلام العربي الإسرائيلي يؤسس لنظام إقليمي جديد في المنطقه، وسيكون من أهم أولوياته مواجهة أجندة تركيا وإيران وكبح جماحهما، الطامحين للسيطره والهيمنة على المنطقه برمتها.
ثالثاً: البحث عن الطاقه والغاز في شرق المتوسط، فهو في صلب توجه ولهث وهرولة إردوغان نحو الكيان الصهيوني، فتركيا وبعد الإصطفاف الأوروبي وأيضاً الإصطفاف الإقليمي إلي جانب اليونان في صراعها علي الطاقه شرق المتوسط، وإبقاء تركيا خارج منتدي غاز شرق المتوسط، وتحولت إلى منظمة إقليميه مقرها هنا في القاهره، وهذا ما جن جنون الأغا العثماني، طبعا هذا غير الإتفاقيات التي وقعت بين مصر واليونان وقبرص، بشأن غاز المتوسط وترسيم الحدود البحريه، كل هذه وقائع جعلت تركيا معزوله في البحر المتوسط، وفي صدام مع معظم دول الحوض، وعلي ذلك هرولت تركيا إلي إسرائيل، وبدت بحاجه ماسه إليها، لعقد إتفاقيات معها بشأن موارد الطاقه في المتوسط.
خلاصة القول إردوغان الآيل للسقوط والحاصل على جائزة الشجاعه اليهوديه، والذي قام بزيارة القدس عام 2005، واكتفي بإبتسامته الصفراء، عندما قال له « شارون » مرحباً بك في القدس عاصمتنا الأبديه، لن يخجل من نفسه ولن يجد صعوبة في تقديم المزيد من التنازلات لإسرائيل مقابل إستعادة العلاقات الكامله معها، والإستفاده منها لتحسين العلاقه مع الإداره الأمريكيه المقبله، كما يحلو له وكما يتوقع الأغا العثماني، فهو يبيع أبيه من أجل مصلحته..
ويبقي السؤال المهم والمُلح: متي يكف بلطجي شرق المتوسط إردوغان عن متاجرته بالقضيه الفلسطينية؟! ومحاولته توظيف هذه القضيه في استخدام عصابات وجماعات الإسلام السياسي وعلي رأسها الجماعه الأم ” جماعة الإخوان الإرهابيه ” فجميعهم ولدوا من رحم هذه الجماعه الأم، كمرتزقه في سفك دماء الشعوب العربيه، لا سيما سوريا وليبيا والعراق، وبث الفوضي ونشر الإرهاب ودعمه في بلدانهم، مع إن كل ذلك بات مكشوفاً ومفضوحاً أمام الجميع.
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.