هاني سالم يكتب : هل تنجح العقوبات الأوروبية والأمريكية في كبح جماح العثمانلي؟

بدأ صاحب المزاج الإمبراطوري الذي يعاني من جنون العظمه الرئيس التركي ” رجب طيب إردوغان ” يحصد عواقب سياساته المثيره للجدل والتوتر والصراعات، ليس في منطقة الشرق الأوسط فحسب، بل أيضاً داخل معسكر التحالف الغربي الذي تعد تركيا جزءا منه بحكم عضويتها في حلف شمال الأطلسي ( الناتو ) حتي وإن كان يظهر بأنه لا تعنيه تلك العقوبات، فيوم الإثنين الماضي أقرت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عقوبات علي تركيا بسبب شرائها منظومة الدفاع الجوي الروسيه « إس 400 » وشملت تلك العقوبات حظر كل تراخيص التصدير الأمريكيه والتصاريح الممنوحه لوكالة المشتريات الدفاعيه التركيه، وتعليق صفقة الطائرات F 35 إلي تركيا، وإيقاف التأشيرات للشركات والأفراد، وكذلك تجميد أرصدة وفرض قيود على تأشيرة رئيس المؤسسه ” إسماعيل دمير ” ومسؤولين آخرين، وهذا ما إعتبره وزير الخارجية الأمريكي ” مايك بومبيو ” دليلاً علي إلتزام واشنطن بتنفيذ قانون مكافحة أعداء أمريكا المعروف بإسم كاستا CASTS A ، وجميعها قرارات وعقوبات بالتأكيد سوف تضاعف من كفاءة الجيش التركي، في المقابل وقبل ذلك بأيام قليله، قرر قادة الإتحاد الأوروبي خلال القمه التي إنعقدت في بروكسل يوم الخميس الماضي، فرض عقوبات على أفراد وكيانات تركيه علي خلفية تصرفات الأغا العثماني صاحب المزاج الإمبراطوري العنتريه وغير القانونيه، لا سيما العدوانية في البحر المتوسط ضد اليونان وقبرص اللذان يعتبران جزء لا يتجزأ من الإتحاد الأوروبي، مع الأخذ في الإعتبار بأن تلك العقوبات سوف تتسع مستقبلاً إذا إستمرت تركيا في تلك التصرفات وإستمر إردوغان في سلوكياته، وقد أعلنت المستشاره الألمانيه أن القاده الأوروبيين إتفقوا خلال القمه ال 27، علي مناقشة صادرات الأسلحه إلي تركيا بالتنسيق مع الإداره الأمريكيه الجديده كونهم جميعاً أعضاء في حلف شمال الأطلسي ( الناتو ) كلها ضربات موجهه عنيفه وموجعه ضد إردوغان الذي سعي إلي إستغلال أزمة فرنسا مع جماعات التطرف وتوظيفها لتصفية حساباته السياسيه مع الرئيس إيمانويل ماكرون، الذي وقف صارماً في وجه سياسات الأغا العثماني المثيره للتوتر وعدم الإستقرار، من ليبيا إلي شرق المتوسط وصولاً إلي إقليم ” ناغوروني كاراباخ ” وتصدره حملة التحريض على فرنسا ورئيسها، ودوافعه من هذه الحمله التي لا تخفى على أحد، فمن ناحيه يريد إردوغان الإنتقام من ماكرون الذي يقف بالمرصاد لمساعي الهيمنه التركيه، ومن ناحيه أخري يريد الأغا العثماني أن يثبت للموالين له والموتورون المخدوعين بخطاباته العنتريه أنه غيور على الإسلام، وأنه يدافع عنه حتي يظل هؤلاء مقتنعين بأنه يصلح أن يكون خليفة المسلمين الحديث… وتحمل هذه العقوبات الأوروبيه والأمريكيه، عدة رسائل ودلالات مهمه لأنقره وسياساتها وعلاقتها بحلفائها الغربيين، وأول هذه الرسائل أن دول التحالف الغربي لم تعد قادره علي التسامح أو التغاضي عن إستمرار السياسات العدوانيه والبلطجة التركيه في شرق المتوسط، وسياسة اللعب علي جميع الحبال، والتقارب تارة مع الروس وتارة أخرى مع الأمريكان، وعلي إردوغان أن يتحمل نتائج أفعاله وسياساته ومغامراته الغير مدروسه. والرساله الثانيه أن هذه العقوبات تأتي قبل أسابيع قليلة من تنصيب الرئيس الأمريكي جو بايدن مقاليد الحكم وإستلامه السلطه، وهو صاحب مواقف صارمه تجاه تركيا وممارساتها، وهذا يعني أن مواصلة إردوغان نهجه العدواني والشيطاني وطموحاته الخُزعباليه في المنطقه والعالم سيواجه برد قاسي من قبل أمريكا في المرحله المقبله، وهذا يفسر سبب اللهجه المتغيره ولغة المهادنه التي تحدث بها الأغا العثماني عن جوزيف بايدن في الفتره الأخيره.. أما الرساله الثالثه وهي أن تلك العقوبات تأتي في وقت شديد الصعوبه علي تركيا، ويعاني فيها الإقتصاد التركي من كوارث ومشكلات كبيره في ظل تهاوي وتراجع الليره التركيه وضعف وهشاشة الإقتصاد، وحملات المقاطعه، وإرتفاع مستويات التضخم إلي نسب كبيره، وتدهور قطاع السياحه التركي بسبب جائحة كورونا، خلاف الفساد المستشرق في البلاد وتفاقم تلك الظاهره التي إنتهت بإستقالة صهر إردوغان ( براءات ألبيرق ) وبرغم أن هذه العقوبات الجديده ليست بالقوه المطلوبه، أو ليست قويه بما يكفي حسبما كان يريد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون واليونان وقبرص التي كانت تري أن هذه العقوبات يجب ان تكون أشد صرامه ومنها إلغاء الإمتيازات والإعفاءات الجمركيه التي تحصل عليها البضائع التركيه التي تدخل إلي الإتحاد الأوروبي، وكذلك منع السفن التركيه من دخول موانئ دول الإتحاد، إلا أن تلك العقوبات التي تم فرضها ستزيد المشهد تعقيداً وستفاقم حتماً من حالة التردي الإقتصادي الحالي في تركيا، والدليل علي توجس تركيا من تلك العقوبات هو تهديدها في حالة تنفيذها فإنها سوف تفتح حدودها أمام أمام اللاجئين والهجره غير الشرعيه، رغم تقاضيها 3 مليار يورو سنوياً من الإتحاد الأوروبي نظير الإحتفاظ بهم.
ويبقي السؤال: هل تنجح تلك العقوبات في كبح جماح صاحب المزاج الإمبراطوري رجب طيب إردوغان؟!
الإجابه: هي نعم بكل تأكيد، لأن الأغا والسلطان العثماني الجديد والمعروف بتقلباته، دأب على تغيير سياساته وسلوكياته للتكيف مع الظروف المتغيره من حوله، ومن المؤكد أنه سيشاهد في هذه العقوبات مؤشر جاد علي بداية مرحله جديده من التشدد الغربي والصرامه تجاه مغامراته وتصعيده العسكري في العديد من الأزمات الإقليميه من شرق المتوسط إلي إقليم كاراباخ مروراً بليبيا وسوريا والعراق وغيرها، وحتي تدخله السافر تلك الأيام في الإنتخابات الصوماليه. وبالتالي فإن المغامر البلطجي إردوغان سيتجه حتماً إلي تغيير هذه السلوكيات المُشينه لتهدئة كل العواصف ضده والخضوع للضغوط الغربيه، كما فعل من قبل مع روسيا عندما صعدت ضده عقب سقوط المقاتله الروسيه، وإذا إستمر وتمادي في أخطائه وسلوكه العدواني المثير للجدل وللتوتر والأزمات فلا يلوم إلا نفسه وسيكون وضعه الداخلي والخارجي حرجاً للغايه، وأكثر مرار مما هو عليه
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.