أكتوبر ملحمة لن تنتهي فصولها ، ولن تنضب حكاياتها وستظل شاهدة علي عظمة المصريين الذين خططوا وقاتلوا واستشهدوا وأصيبوا وصنعوا لمصر تاريخا نفخر به دائما
حرب أكتوبر المجيدة كانت وستظل علامة فارقة في تاريخ مصر المعاصر ، وشرف للعسكرية المصرية ، وعزة وكرامة وفخر للشعب المصري البطل ..
ليس لكونها حققت انتصارا تاريخيا علي اسرائيل ، وليس لأنها سحقت خط بارليف وداست عليه كما تدوس القدم علي بيت من رمال صنعه طفل علي شاطئ البحر ، وليس لأنها كانت في عز الظهر – وهو توقيت لم تعرفه الحروب العسكرية بين الجيوش حيث تبدأ الحروب مع أول ضوء أو آخر ضوء –
وليس لأنها حققت السيطرة علي طول الجبهة وعبرت أكبر وأعقد مانع مائي في ست ساعات ، وغير ذلك من تفاصيل دقيقة ومعجزة وقفت أمامها الأكاديميات العسكرية في العالم طويلا ، وأقرتها كعلم من العلوم العسكرية التي تدرسها لطلابها .
حرب أكتوبر ببساطة الكلمة وعمق المعني هي ( روح ) والروح لا تموت .. فكلما تعثرنا أو ضلت أقدامنا الطريق استدعيناها نستلهم منها القدرة علي التحدي والصمود واستكمال الطريق .
في الذكري السابعة والأربعين نتذكر حرب اكتوبر بالنصر المبين والفخر ، وتتذكرها اسرائيل بالهزيمة والقهر والمرارة ، وبعد 47 عاما تشعر اسرائيل بمرارة العلقم في حلقها
في عشية الاحتفال بعيد الغفران كل عام يستذكر كل قادة الكيان الغاصب ذلك العبور العظيم ولسان حالهم يقول – كما قال نتنياهو قبل عامين تصريحا هذا نصه ..
” قبل 47 عاما أخطأت الاستخبارات العسكرية حين فسرت بشكل خاطئ النوايا المصرية والسورية لشن حرب علينا وبعد أن اتضحت صحة تلك النوايا،ارتكب النسق السياسي خطأ كبيراعندما لم يسمح آنذاك بشن ضربة استباقية “
وأضاف: “لن نرتكب هذا الخطأ مرة أخرى أبدا ” وأكد عزم بلاده على التحرك بلا هوادة من أجل منع أعدائها من التزود بأسلحة متطورة .
هذا ما تشعر به اسرائيل منذ الهزيمة في 1973وحتي اليوم وإلي آخر الزمن وهذا يؤكد لنا وللأجيال التي لا تعرف كثيرا عن حرب أكتوبر غير سطور قليلة في كتب المدارس
وللأجيال الني لا تعرف عن نصر أكتوبر غير يوم الأجازة أو كوبري أكتوبر أو مدينة 6 أكتوبر أن هذا النصر العظيم – وبعد كل هذه السنوات – أحدث جرحا غائرا في جسد وعقل الكيان الصهيوني الغاصب ما زال ينزف حتي اليوم وسيظل ينزف طويلا !
تصريح نتنياهو الذي مر مرور الكرام ولم يلتفت إليه أحد أو يسلط الإعلام الضوء عليه لكشف نوايا اسرائيل تجاهنا وتجاه المنطقة العربية كان تصريحا كاشفا يستحق التوقف أمامه طويلا لتحليل ما بين السطور فيه ..
– نتتنياهو يقول : ( لن نكرر أخطاء الماضي في مواجهة أعدائنا ) ، وهذا يعني قولا واحدا أن إسرائيل لا ولن تعترف بأي سلام في المنطقة إلا بشروطها وتعتبر كل من حولها أعداء لها سواء كانت هناك اتفاقيات سلام أم لا !
– ويقول : ( أخطأت الاستخبارات الإسرائيلية عندما فسرت بشكل خاطئ النوايا المصرية والسورية في شن هجوم علينا ) ، وهذا يؤكد أن أسطورة المخابرات الاسرائيلية والجيش الإسرائيلي هما ( وهم ) صورته لنا ماكينة الدعاية الإسرائيلية والصهيونية العالمية ، وأننا في مصر نملك جهاز استخبارات استطاع أن ينفذ وبمهارة صدمت العالم خطة خداع استراتيجي علي أعلي مستوي فأفقدت اسرائيل القدرة علي الاستيعاب والرد وشلت حركتها حتي تم العبور وحتى صرخت جولدا مائير واستغاثت بأمريكا التي فتحت لها جسرا جويا نزلت منه الدبابات أرض المعركة مباشرة !
– الأخطر في تصريحه هو ( عزم بلاده على التحرك بلاهوادة من أجل منع أعدائها من التزود بأسلحة متطورة ) وهذا يفسر بوضوح كيف تقرأ القيادة المصرية عدوها إسرائيل ، ولماذا قررت القيادة السياسية في مصر فتح ملف تنويع مصادرالسلاح وإنهاء الاعتماد علي السلاح الأمريكي بشكل كامل والذي يحقق تفوقا نوعيا لإسرائيل علينا ؟
ولماذا اهتمت القيادة السياسية بتطوير الجيش وتجديد عقيدته العسكرية القتالية للدفاع عن الوطن ، وتطوير أسلحته الهجومية والدفاعية وامتداد السيطرة البحرية والجوية علي مستوي النطاق الإقليمي ؟
تصريحات نتنياهو أجابت عن أسئلة رددها البعض عن غير فهم ، ويرددها البعض من الكارهين والخونة للنيل من الجيش المصري لحساب اسرائيل التي تتمني العيش بين دول الطوق النظيف .. دول بلا جيوش أو قوة عسكرية ..
ستظل روح اكتوبر سارية ، وسيظل اعتقادنا أن العدو الرئيسي هو الكيان الصهيوني الغاصب ، وستظل اسرائيل تري الجيش المصري هو العقبة الكؤود في طريق أحلام دولتها الكبري ، وستظل ( مرارة العلقم ) في حلق الكيان الغاصب حتي تخنقه .
تحية للشعب المصري وتحية لروح الرئيس السادات صاحب قرار العبور والحرب ، وتحية واجبة لشهداء الوطن والواجب في كل حروب مصر ومعاركها المقدسة ، وتعظيم سلام لكل مقاتل في جيشنا العظيم من القائد الأعلي إلي آخر جندي قاتل وساهم في تحقيق النصر ورد الكرامة والاعتبار .. ولا أستثني منهم أحد ..
كل عام ومصر بخير وجيشها المؤتمن قادر علي الدفاع عنها ، وتحية واجبه للرئيس السادات في ذكري عبوره وذكري استشهاده