الدكتور صلاح عدس .. والمسرح الشعرى الاسلامى

دراسة بقلم : دكتور صلاح إبراهيم -جامعة الازهر

كتب الدكتور صلاح عدس ست مسرحيات شعرية هى مسرحية البعث ومسرحية بلال الثائر ومسرحية عبدالله بن حذافه والقيصر ومسرحية أبى زيد الهلالى سلامة ومسرحية حبيب بن زيد ومسيلمة الكذاب .ومسرحية المعتمد بن عباد وكلها تشكل حلقة جديدة فى سلسلة المسرح الإسلامى الذى كان رائده على أحمد باكثير .
وهذه المسرحيات ليست إعادة لسرد التاريخ والأسطورة الشعبية وإنما هى إسقاط على الواقع أما مسرحية بلال فتصور الصراع بين الوثنية والإسلام حيث نجد الشخصية المحورية هى بلال الذى يقاوم الشخصية المضادة أمية بن خلف ، وأما مسرحية عبدالله بن حافة فهو الشخصية المحورية بينما القيصر هو الشخصية المضادة . ويدور الصراع الدرامى بينهما صراعاً بين الإسلام والمسيحية حيث يرفض عبدالله بن حذافة التنصًر رغم تعذيب اليصر له ورغم إغراته ، أما حبيب بن زيد فيصر على رفضه الشهادة بالنبوة لمسيلمة الكذاب رغم تقطيعه لجسده إرباً إرباً..
أما مسرحية البعث فهى ذات مضمون اسلامى رغم أن موضوعها مسيحى إذ يتناول الحدث فيها فتره الإضهاد الرومانى للأقباط بمصر فى عهد أهل الكهف الذين ورد ذكرهم فى القرآن الكريم
ويدور الصراع الدرامى فيها بين الشهيدة دميانه والإمبراطور الطاغية دقيانوس الذى  يعذبها كى ترتد إلى الوثنية لكنها تقاوم حتى الموت وتقول الأسطورة الشعبية أنها عندما ماتت بُعثت وتقول المسرحية إن الثورة والمقاومة والجهاد هى الخيار الاستراتيجى الوحيد كى نحقق  البعث لهذه الأمة وكى تخرج من الكهف .. كهف السلبية والإنهزامية
وأما مسرحية مأساة المعتمد بن عباد فتصور سقوط الاندلس فى عهد ملوك الطوائف الذين كانوا يتحاربون ويستعينون بملك الفرنجة الفونسو ضد بعضهم البعض وكانت النتيجه هى إحتلاله لإماراتهم المتصارعة ولم يُنقذهم سوى الوحدة على يد ” يوسف بن تاشفين ” حين أقام دولة المرابطين وهزم الصلبيين فى الأندلس لأول مرة هزيمة شنعاء فى معركة الزلاًقة التى تفوق فى عظمتها معركة ” حطين ” التى قادها صلاح الدين وذلك على حد تعبير ” بروكلمان ” فى كتابه عن تاريخ الشعوب الإسلامية
وهكذا تقول المسرحية إن الهدف الإستراتيجى لإنقاذ أمتنا هو الوحدة الإسلامية فى مواجهة الحملات الصليبية الجديدة وفى مواجهة الدولة الرومانية الجديدة .
 وتتسائل مسرحية البعث : من كان يظن بالحسابات المادية أن الدولة الرومانية التى عذبت دميانة وقهرت المسيحيين الأوائل سوف يرضخ قيصرها ” قسطنطين ” فيما بعد ويعلن أن المسيحية هى الديانة الرسمية التى اعتنقتها أوروبا بأكملها وهكذا انتصرت المسيحية المستضعفة وكذلك ستنتصر أمتنا بالثورة وبالتوحيد رغم ما يبدوعلينا الآن من ضعف بالحسابات المادية
ورغم ما ساد فى أمتنا من أمثال أبى زيد الهلالى سلامة الذى كان إنتصاره على تونس وتدميره لها نصرا فرديا وهزيمة جماعية للأمة حيث إنهزم المسلمون آنذاك فى الأندلس لإنشغالهم بحروبهم ضد بعضهم البعض ..
وهكذا نجد القيمة الرئيسية فى المسرحيات الست هى الثورة والصمود والمقاومة أى الجهاد بالمصطلح الإسلامى ، ونجد فيها المؤلف يعمد إلى إختبار اللحظة التاريخية الموازية للحظة التاريخية المعاصرة ، فالعالم الإسلامى يعيش الآن فى عصر دقيانوس وأبى جهل ومسيلمة الكذاب وأبى زيد الهلالى وملوك الطوائف والمسلمون الان بحاجه إلى أمثال الشهيدة دميانة وبلال وحبيب بن زيد وعبدالله بن حذافة ويوسف بن تاشفين ،
وهذه هى الرسالة التى تحملها هذه المسرحيات وفيها تتضح الرؤية الإسلامية ….
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.