ابراهيم نصر يكتب : الحزم والشدة مع المخالفين

حين قررت الحكومة إعادة فتح المساجد، اشترطت لاستمرار الفتح أو السماح بإقامة صلاة الجمعة فيما بعد: أن يلتزم المصلون بالإجراءات الاحترازية من لبس القناع والحفاظ على التباعد وإحضار كل مصل مصلاه الخاصة، ونبه الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، على جميع المديريات متابعة تنفيذ التعليمات، وحذر من أن أى مخالفة ستكون سببا فى إعادة غلق المسجد الذى وقعت فيه المخالفة، ومعاقبة كل المسؤولين عن المسجد، منبها إلى أن كثرة المخالفات ستؤخر التفكير فى عودة إقامة صلاة الجمعة فى جميع المساجد، وناشد جموع المصلين أن يكونوا سببا فى استمرار الفتح، لا سببا فى إعادة الغلق.
وللأسف الشديد اضطرت الوزارة إلى إغلاق مسجد مولانا الإمام الحسين – رض الله عنه وأرضاه – بسبب التجاوزات التى وقعت من المصلين حول المقام، وقد نلتمس لهم عذر اشتياق المحبين لآل البيت، وقد نلتمس العذر أيضا لأئمة المسجد والعاملين فيه الذين لم يستطيعوا منع التزاحم على المقام، لكن وزير الأوقاف رأى أن التماس الأعذار فى مثل هذه الظروف سيكون سببا فى حدوث ما لا يحمد عقباه، فكان لا بد من أخذ الأمر بمنتهى الشدة والحزم، فتم غلق المسجد ومعاقبة الأئمة والعاملين فيه بخصومات من مرتباتهم وبدلاتهم.
وبعد تعقيم المسجد أرجوا أن يعاد افتتاحه أمام المصلين، مع الالتزام بتعليمات الوزارة فيما يتعلق بالمساجد التى بها أضرحة بضرورة إيجاد حرم آمن يحول دون وصول المصلين إلى الضريح، والانصراف فور انقضاء الصلاة دون تجمعات أو عناق أو حتى مصافحة، حفاظا على أرواح الناس، ولئلا تكون المساجد سببا فى زيادة انتشار العدوى بالفيروس اللعين.
الجهل أحيانآ يكون أشد فتكا من الفيروس ذاته، والطريق إلى جهنم مفروش بحسن النوايا، فمع هذه الجائحة يكون التهاون فى اتباع التعليمات من الجهل القاتل، وليس مقبولا أن نتعامل بحسن النية فى مثل هذه الأحوال، بل نقول لهؤلاء: لو أحسنتم النية لأحسنتم العمل، والنية الصالحة لا تصلح عملا فاسدا.
وقد أوضح وزير الأوقاف فى أكثر من تصريح ومداخلة تليفزيونية أنه يستند فى إجراءاته القاسية ضد المخالفين من الأئمة والعاملين فى المساجد إلى شريعة الله أولا ثم إلى أحكام صادرة عن المحكمة الإدارية العليا تؤكد أن الظروف الاستثنائية تعطى الحق لجهة الإدارة فى توقيع عقوبات استثنائية على المخالفين، فلا عجب إذا قام وزير الأوقاف بفصل كل من يخالف التعليمات وينهى علاقته بالعمل الدعوى.
وفى هذا الصدد يؤكد وزير الأوقاف أنه لا خلاف على أن الحفاظ على النفس البشرية أحد أهم المقاصد الضرورية للشريعة الإسلامية الغراء التي تحثنا على حفظ النفس، فأباحت للمضطر أن يأكل من الميتة المحرمة شرعا ما يحفظ به الإنسان حياته، وكذلك لو أشرف على الهلاك ولم يجد سوى رشفة خمر تنقذه من الهلاك فيحل له ذلك، وكذلك من أكره على الكفر وخشي على نفسه الهلاك وقلبه مطمئن بالإيمان، حيث يقول الحق سبحانه، “إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ” (النحل: 106)، فكل ذلك يأتي للحفاظ على قوام النفس الإنسانية، وفي هذا السياق وفي ضوء هذه المعاني مجتمعة كان قرار إغلاق المساجد وقت انتشار أي وباء حفاظًا على نفس الساجد التى هى أهم من المساجد، وكان إلغاء أي بعثة حج على نفقة وزارة الأوقاف هذا العام، وتوجيه ما كان مخصصا لذلك للمتضررين من آثار فيروس كورونا وللأسر الأولى بالرعاية، ومع إعادة فتح المساجد إذا تكررت المخالفات وتعددت فى كثير من المساجد، قد يكون ذلك سببا فى إعادة الغلق ومنع صلاة الجماعة مرة أخرى، فاتقوا الله يا من تخالفون، واعتبروا يا أولى الألباب.
Ibrahim.nssr@gmail.com
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.