خالد إمام يكتب : ( الربيع الأمريكى ) .. غير ( الربيع العبرى ) ..!!

المشهد فى الولايات المتحدة لا يمكن تصديقه .. انفلات فى اعلى درجاته ، وفوضى مابعدها فوضى ، اقتحام مولات وبنوك ونهبها فى وضح النهار وحرق سيارات .. شاهدنا جميعاً هذه المشاهد الفوضوية عبر فيديوهات صادمة يمكن وصفها بأنها ( ربيع امريكى ) رداً على مقتل المواطن الأمريكى من اصول افريقية جورج فلويد على يد الشرطة التى استخدمت معه القوة المفرطة حيث طرحوه ارضاً خلال اعتقاله وضغط شرطى بمنتهى الغل على رقبته بحذائه حتى فاضت روحه الى بارئها .
اختلف مع من يقول ان ( الربيع الأمريكى ) يشبه ( الربيع العربى ) والذى هو فى الواقع ربيع عبرى من حيث السيناريو وآليات تنفيذه .. لا ياسادة انهما لا يتشابهان الا فيما ذكرت آنفاً من اقتحامات ونهب وحرق فقط .. اما الآليات فهى مختلفة تماماً .
الذى يصر على التشابه عليه ان يخبرنى : من حرض على مايجرى هناك من خارج امريكا ؟؟.. هل تدخلت أية قوى خارجية فى تسيير مايجرى ؟؟..
هل طالب زعيم دولة – أى دولة – الرئيس الأمريكى بالتنحى وقال له ( الآن .. يعنى الآن ) ؟ هل تم القبض على عرب أو مسلمين وسط المظاهرات يحرضون ويخربون مثلما ضبطنا نحن اسرائيليين وسط ميدان التحرير ؟؟.
 هل تشفينا فيهم مثلما هم تشفوا فينا وتابعوا تنفيذ مخططهم مع العدو الاسرائيلى ضدنا ؟؟.. كل هذا لم يحدث ولن يحدث فى امريكا وهذا هو مربط الفرس لأن هناك آليات ديموقراطية لابد من انتهاجها .
المشاهد المنفلتة لا تشكل نسبة كبيرة فى المظاهرات التى اجتاحت 40 مدينة فى 15 ولاية .. قابلة للزيادة والاتساع اكثر واكثر .. لكنى هنا اتوقف امام عدة امور مفصلية :
× اولاً .. ان الرئيس الأمريكى ترامب طلب من حكام الولايات سرعة السيطرة على العنف والشغب بالقوة ، وهدد بنزول الجيش لقمع المتظاهرين .. الا انهم رفضوا نشر قوات الجيش فى الشوارع .. ونذكر ترامب بأن كافة الادارات الأمريكية على اختلاف حزبيتها طالما طالبت دول العالم عامة ودول الشرق الأوسط خاصة باحترام حرية الرأى والتعبير .. بل وحاسبت دولاً وفرضت عليها عقوبات لهذا السبب الذى لا تحترمه هى .
جورج فلويد ليس الحالة الوحيدة التى تُتهم فيها الشرطة الأمريكية بالتعامل العنيف الذى يصل الى القتل لمواطنين امريكيين من اصول افريقية ..
والسؤال : هل قانون التظاهر الأمريكى يسمح لرئيس البلاد باستدعاء الجيش لقمع المتظاهرين خاصة ان الجيش غير الشرطة ( تعاملاً وتسليحاً ) جيش يعنى الضرب بالنار والسحق بالدبابات والمجنزرات .. فأى قانون يبيح هذا ..؟!
× ثانياً .. نظراً للاشتباكات العنيفة بين المتظاهرين والشرطة فى محيط البيت الأبيض .. اختبأ ترامب فى ( قبو محصن ) بارادته أو رغماً عنه وتم فرض حظر التجول فى واشنطن ونشر قوات الحرس الوطنى لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية فى العديد من الولايات منها كاليفورنيا ومينيابوليس ( التى انطلقت منها الشرارة ) وبوسطن وغيرها .
× ثالثاً .. اراد ترامب المتاجرة بالدين فخرج من ( مخبئه المحصن ) بالبيت الأبيض ليعبر الشارع ويقف امام كنيسة القديس يوحنا رافعاً الانجيل بيده مما اثار حفيظة المتظاهرين اكثر .
× رابعاً .. الغضب ضد العنصرية عبر الحدود الأمريكية الى كندا ، كما عبر المحيط الأطلنطى ووصل الى فرنسا ودول اوروبية اخرى والى آسيا تضامناً مع المتظاهرين الأمريكيين المحتجين على عنصرية الشرطة الأمريكية ضد المواطنين من اصول افريقية .. والمؤسف ان افريقيا فقط لم تتحرك للدفاع عن مواطنيها السابقين .. ويبدو ان الاتحاد الأفريقى لكرة القدم ( كاف ) اقوى من الاتحاد الأفريقى الذى ترأسه الآن دولة جنوب افريقيا .. والله عيب..!!
× خامساً .. ان التعامل العنصرى للشرطة الأمريكية له تاريخ اسود طويل على النحو التالى :
1 – اواخر الستينات .. انفجر السود غضباً بعد اغتيال مارتن لوثر كينج مما دفع الرئيس الأمريكى ليندون جونسون لنشر نخبة الجيش الفيدرالى فى الشوارع .. وقد لقى العشرات مصرعهم اضافة الى خسائر مادية فادحة تقدر بملايين الدولارات .
2 – فى عهد جيمى كارتر عام 1980 وبعد تبرئة ضابط شرطة قتل سائق دراجة نارية اسود اندلعت اعمال شغب سقط خلالها 18 قتيلاً .
3 – فى عهد جورج بوش الأب عام 1992 وبعد تبرئة 4 ضباط شرطة بيض اطلقوا النار على سائق سيارة اسود فقتلوه ثار الأمريكيون الأفارقة وامتد العنف الى سان فرانسيسكو واتلانتا ولاس فيجاس ونيويورك وسقط خلال ذلك 59 قتيلاً .
4 – اتسم عهد الرئيس ( الأسود ) باراك اوباما بالعنصرية ضد السود للأسف الشديد : فقد استشرى العنف فى اوهايو عام 2010 بعد مقتل شاب اسود اعزل على يد شرطى ابيض ولم يعد الهدوء الا بعد فرض الطوارىء وحظر التجول
وفى عام 2013 دعا اوباما الى قبول قرار المحكمة وضبط النفس بعد اندلاع مواجهات بسبب تبرئة متهم ابيض فى قضية مقتل مواطن اسود .. وكشفت تقارير اعلامية استخدام الشرطة لأسلحة خاصة بالجيش بالمخالفة للقانون ، وفى 27 ابريل 2015 اندلعت اعمال شغب فى مدينة بالتيمور بولاية ميريلاند بسبب مقتل مواطن امريكى اسود فى احد مراكز الشرطة ومع ذلك خرج علينا اوباما منتقداً غضب الناس معللاً بأن اعمال الشغب لم يكن لها مبرر ..!!! ، كما قُتل 704 من الأمريكيين معظمهم من السود على يد الشرطة عام 2015 وقتل ايضاً 566 خلال الفترة من يناير الى يوليو 2016 .
حدث هذا فى عهد اوباما .. ورأيه ان اعمال الشغب ليس لها مبرر .. ومع هذا خرج منذ يومين معلقاً على واقعة مقتل جورج فلويد فى مينيابوليس بأنه ( مأساوى .. واليم ) ..!! انت يااوباما اسوأ رئيس امريكى شهدناه .. واكثر الرؤساء الأمريكان دموية ضد المواطنين السود رغم انك اسود مثلهم .. لن ننسى يوم ان ( نجست ) قاعة عبد الناصر بجامعة القاهرة وبدأت خطابك الهزلى الخادع بالبسملة ..!!
5 – لا هيومان رايتس ووتش ولا فريدوم هاوس ولا العدل الدولية ولا اى منظمة ( حكوكية ) تصدر تقارير حسب الهوى ولمن يدفع اكثر .. خرجت علينا تدين مايحدث فى امريكا من تفرقة عنصرية صارخة واضطهاد للسود وصل فى كل العهود الى حد السحل والوحشية والتنكيل والقتل العمدى .. عجبى .
ايها الأمريكان .. دائماً تسألون : هو الناس بتكرهنا ليه ؟ عرفتم الآن لماذا يكرهونكم ؟!

×× فتح القناة .. تمحو النكسة ..

فى يوم الاثنين 5 يونيه 1967 كنت اؤدى امتحان الاعدادية لليوم الثالث .. خرجنا من الامتحان لنجد الشوارع ( هايصه ) تحت تأثير اعلام مضلل اوهم الشعب بأننا منتصرون على اسرائيل بعد ان بدأت الحرب .. مرت الساعات .. لتلطمنا الحقيقة المرة .. نكسة مؤلمة وان القوات الاسرائيلية اصبحت على الشط الشرقى لقناة السويس .. عشنا بعدها 6 سنوات عصيبة .. الغل يأكلنا وطلب الثأر يغلى فى عروقنا حتى ظهر يوم السادس من اكتوبر1973 العاشر من رمضان عندما دكت مقاتلاتنا خطوط العدو على طول القناة وعبر ابطالنا اخطر مانع مائى واستولوا على خط بارليف الذى تحول الى فتات فى 6 ساعات لندخل فصلاً جديداً من فك الاشتباك ثم محادثات سلام هنا ومعاهدة فى امريكا نسترد بموجبها سيناء بالتفاوض وطابا بالتحكيم الدولى .
خلال المحادثات .. وفى نفس يوم النكسة 5 يونيه لكن عام 1975 .. اعاد الزعيم الراحل انور السادات افتتاح قناة السويس واعاد الملاحة من خلالها بتكلفة عالية جداً ليمحو شبح الهزيمة ويحولها الى نصر مؤزر .
غداً .. تمر الذكرى 45 لاعادة افتتاح القناة .. كل عام ومصر بخير وسلام .
Khaledemam6@hotmail.com
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.