محمد الفيشاوى يكتب : رمضان والتغيير فى عصر الكورونا

ألا صلوا فى بيوتكم..
ألا صلوا فى رحالكم
نداء يتردد خمس مرات فى اليوم لتزرف دموع المسلمين فى كل أنحاء العالم، وجاء رمضان فتزداد ألامنا وأحزاننا ,لكننا نحن المؤمنون ندرك بما لا يدع مجالا للشك أن أمر المؤمن كله خير: إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له.
يصنف الإمام أبو حامد الغزالى- رحمه الله – الصيام فى ثلاثة أنواع : صوم العوام، صوم الخواص، وصوم خواص الخواص.
فصوم العوام هو الإمساك عن شهوتى البطن والفرج، وهذا الصائم ليس له من صومه إلا الجوع والعطش كما بين ذلك رسولنا الكريم حيث قال صلوات الله وسلامه عليه: “رب صائم ليس له من صومه إلا الجوع والعطش”.
وصوم الخواص هو إمساك الجوارح من سمع وبصر وكلام ووجدان ويد ورجل عما يغضب الله سبحانه وتعالى، وهذه منزلة أعظم .
أما صوم خواص الخواص فهو حفظ القلب عن الالتفات لغير الله سبحانه وتعالى، فأنت مع الله ناظرك ومطلع عليك، وهذا بلا شك مستوى راق من الإيمان ومنزلة عظيمة من العبودية لله سبحانه وتعالى علينا جميعا أن نصبو إليها.
ولم لا وفرصتنا كبيرة هذا العام لنرقى للمستوى الثالث من مستويات الصيام، وهذا يحتاج لطاقة هائلة للانتقال من مستوى إلى الأعلى منه، مثلنا فى ذلك مثل الإلكترون الذى يحتاج لطاقة عظيمة ليخرج من مداره إلى مدار أعلى من مدارات الطاقة حول البروتون فى الذرة كما يعرف ذلك أساتذة الكيمياء.
فمع فيروس كورونا كوفيد 19 والإجراءات الإحترازية لمقاومة تفشى هذا الوباء ,فقد أغلقت المساجد مثل ما أغلقت مراكز تجمعات كثيرة مثل الكنائس والجامعات والمدارس والنوادى والمطاعم والكافيهات والقهاوى وكل ما له شأن بتجميع المواطنين.
وبالطبع حرمنا من صلاة الجماعة فى المسجد وصلاة التراويح ومقارئ القرآن والتزمنا بيوتنا وقل الخروج فلا مقابلات ولا تبادل زيارات ولا إفطار جماعى ولا غيره.
لذلك فإننى أرى أن الفرصة كبيرة هذا العام لنكتسب الطاقة اللازمة للارتقاء فى مستويات الصيام المذكورة آنفا ,الفرصة كبيرة لنثبت لأنفسنا ونؤكد لله سبحانه وتعالى أننا لدينا من النية الصادقة والإخلاص فى الأعمال ما يجعلنا نرقى لمستوى صوم خواص الخواص لنحقق الحكمة من مشروعية الصيام وهى التقوى التى جاءت فى قول الله تعالى : “يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون” .
هيا نقرر ونبدأ وبإذن الله نحقق ذلك , فالمحن تجلب المنح , ورب ضارة نافعة ,وما أغلق الله بابا إلا وفتح أبوابا أخرى, ولما لا وبيوتنا صارت هى المساجد ,لم لا ونحن أفراد الأسرة نوزع ونتبادل الأدوار ,لم لا وأنت الداعى والمدعو ,أنت الإمام والمأموم ,أنت الواعظ والموعوظ ,انت من ترتب مصلى البيت، وأنت من تجمع أفراد أسرتك: الابن والابنة , الزوج والزوجة ، الأب والأم، الجد والجدة.
هيا نجعل بيوتنا مساجد عامرة بالإيمان وخلايا تطن بتلاوة القرآن الكريم، ونصدح بالتكبير والتهليل والابتهال والدعاء.
إذا كانت عشرون يوما تكفى لاكتساب عادات إيجابية جديدة، فإن رمضان ثلاثون يوما، هن كافيات لأن تكسبنا فنون القيادة والمسؤولية والمبادرة، فأرجو ألا تكون فاتتك فرصة أن تجعل من بيتك مسجدا ومن أفراد أسرتك نماذج طيبة ونافعة وقادرة على القيادة والإدارة وتحمل المسؤولية والمبادرة لنكون فى الصفوف الأولى من المؤمنين ومن المستوى الأرقى من الصائمين.
تقبل الله منا ومنكم ورفع عن مصرنا العزيزة والأمة الإسلامية والعالم أجمع شر البلاء برحمته، فهو أرحم الراحمين .
كل عام.. أنتم بخير.
مهندس محمد الفيشاوى .. خبير التنمية البشرية
تعليق 1
  1. مهندس محمد الفيشاوى يقول

    شكرا جزيلا للجريدة نشر مقالى بين صفحتها الموقرة..
    آملين استمرار التعاون المثمر من أجل نهضة مصر الحبيبة ثقافيا واجتماعيا ودينيا وسياسيا من أجل مستقبل أكثر إشراقا.
    مهندس محمد الفيشاوى
    خبير التنمية البشرية
    دراسات عليا إسلامية

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.