ما كان لى أن أغفل ما حدث بين فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، وفضيلة الدكتور محمد عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة، خلال انعقاد مؤتمر الأزهر العالمى لتجديد الفكر الإسلامى الذى اختتم أعماله بالقاهرة يوم الثلاثاء الماضى، سيما أن أصداء ما حدث ما زالت منتشرة وبقوة فى وسائل الإعلام المختلفة وعلى مواقع التواصل الاجتماعى، وسط حالة من اللغط الكبير فى الأوساط العلمية وغير العلمية.
وأرجو أن يكون تناولى لما حدث منصفا، إذ تابعت باهتمام وتركيز ما قاله فضيلة الإمام، فهو لا يعدوا أن يكون تصحيحا لأخطاء علمية وجوهرية وقع فيها الدكتور الخشت، فيما يتعلق بالعقيدة الأشعرية، ونفيه لوجود حقيقة مطلقة، وكم كان رد الإمام مركزا وموجعا وكاشفا لجهل رئيس جامعة القاهرة الذى جاء ليتحدث فى غير فنه، فأتى بالعجائب.
وفى تقديرى أن الأمر كان يمكن أن ينتهى فى هدوء، لولا حالة الصخب التى صاحبت رد فضيلة الإمام بتكرار التصفيق من الحضور فى قاعة المؤتمر على كل عبارة يقولها، وهذا لا يسأل عنه فضيلة الإمام، لأنه كان يرفضه ويحاول إسكاته، بل نهر من أراد أن يهتف مشيدا بالأزهر وعلمائه، وطلب منه الجلوس، فجلس ولم يكمل عبارته.
فى المقابل كان رد فعل الدكتور الخشت متأثرا بهذا التصفيق، فاعتبر أن ما قاله الإمام ما هو إلا إحراز لأهداف فى مرماه وليس تصحيحا لأخطاء، وبدلا من التحلى بفضيلة الاعتراف بالخطأ العلمى، ويضرب المثل للدنيا كلها أن من قرأ حجة على من لا يقرأ، وأن من علم حجة على من يجهل، وأن فوق كل ذى علم عليم، فإذا به يشخصن المسألة ويحاول أن يثأر لنفسه وقال كلاما لا يليق أن يصدر من عالم بحجم وقيمة رئيس جامعة القاهرة، فما معنى أن يقول للإمام: ” ينبغى أن نضع حدا لهذا أنا فى بيتك وبين ابنائك” يقصد حالة التصفيق التى انتابت الحضور ثم يقول: “فى سؤ التباس وفى قياس الحاضر على الماضى”، ثم يردف قائلا: “انت حولتها لمعركة بين اثنين” والإمام يرد: “هذه مناقشة علمية” فى إشارة إلى أن ما وقع فيه الخشت من أخطاء علمية لا ينبغى غض الطرف عنها، لئلا يقول قائل: كيف تمر هذه الأخطاء فى مثل هذا المؤتمر العالمى دون أن يصححها أحد؟.
فهل لأن الخشت فى مؤتمر ينظمه الأزهر الشريف وغالبية الحضور من علماء الأزهر، فلا يجوز تصحيح خطأ علمى واضح لا يجهله طالب الثانوية الأزهريه؟.
وهل يليق برئيس جامعة القاهرة أن يعجز عن توصيل المعلومة التى يريدها صحيحة، فى وسط من العلماء، فكيف به إذا كان يتحدث لطلابه فى الجامعة؟.
ثم أين سوء الفهم فيما ادعاه الخشت خطأ بأن الأشاعرة يأخذون بالأحاديث الآحاد فى العقائد، وهو محض كذب وافتراء، وعلى أقل تقدير هو جهل أو خطأ مقصود أو غير مقصود، فالله سبحانه وتعالى أعلم بمراده.
وقد بدا واضحا انفعال الدكتور الخشت فى لغة الجسد التى انتابته بعد تكرار التصفيق على عبارات فضيلة الإمام، فإذا به يصر على الرد، وقد أراد الدبلواسى المخضرم عمرو موسى الذى كان يدير الجلسة أن يعفيه من حرج الاعتراف بالخطأ، ولكنه مع إصرار الخشت على التعقيب سمح له، فإذا به يتكلم كلاما لا علاقة له بما قاله الإمام، وبدأ يستعرض عضلاته العلمية ومؤلفاته التى ألفها ودرسها لطلاب جامعات مختلفة، وللأسف الشديد العناوين التى ذكرها لا علاقة لها بالفلسفة التى تخصص فيها فى كلية الآداب، وأعود وأكرر: “من تحدث فى غير فنه أتى بالعجائب”.