حنان خيري تكتب : ” من فات قديمه تاه “

تحدثت فى مقالى السابق عن عبارة قالتها سيدة بسيطة متواضعة وتوقفت عندها أفكر فى الأسباب التى دفعتها لتنطق بهذه الكلمات وهى حزينة ويائسة من الأحداث والمواقف التى تبعث الألم بداخلنا ،
فالفضول جعلنى استمع اليها وهى تقول بإنفعال وصوتها يرتجف ، لازم  الناس تعرف لايمكن هينصلح حالها لأن ” من فات قديمه تاه” ومع الحسرة والغم والأسف بنبكى  على الزمن الجميل لما كانت الرحمة والعطف والحب والصدق  والتواصل أساس المعاملات بين الناس ..لكن تبدلت الأحوال وتغيرت النفوس وتجمدت القلوب وسكن الجفاء والجحود فى العلاقات ..
وبكت السيدة المسكينة العاملة بالنادى وشعرت أنها تتمزق وتنحرق نفسيا ..وضاق صدرى وأختنق وأنتابنى ألم وشعرت أن بالفعل الإنسانية فى خطر ومحتاجة غرفة إنعاش تبث في عروقها محلول الإصالة لتجدد الدماء وتطهرها من الشوائب التى كادت تدمرها ..
وجلست بجانبها لتحكى لي حتى تهدأ من الأنهيار القاسي الذى سيطر عليها فكان من بين عذابها أبنها الدكتور وابنتها المحامية وأسرهم وخجلهم منها ومن عملها وتزييفهم لحياتهم وغضبهم منها عندما تحكى عن كفاحها هى وابوهم البسيط   ..وتأكدت إن فعلا من فات قديمة ونكره تاه وخسر نفسه وحطم كل المبادئ والقيم الأصيلة ليرتدى ثوب مذيف من الخارج وتحته ممزق ومشوه ولذلك نبحث عن زمن الحق والحقيقة والأصول الإنسانية .
بعد هذه الحكاية المؤلمة تصورت أنها حالة أستثنائية ولكن وجدتها متكررة وبأشكال مختلفة .
توقفت أمام الأحداث التى تدور حولنا من حروب وإرهاب وخراب الدول والموٱمرات والأطماع والدماء والتفكك داخل الدولة الواحدة  فكل هذه المصائب المحزنة للقلوب تدور حول تشوه الإنسانية  وإصابتها بموت الأصالة والتخلى عن التمسك بالعادات والتقاليد السمحة و نكران تاريخنا وتاريخ نشأتنا كأسر ودول فالعراقة والأصالة تظهر بوضوح فى أسلوب التعامل بين الناس و مع أسرهم وعائلاتهم ومن حولهم ..فعندما تختفى المبادئ الإنسانية الأساسية من بداية الأسرة وفخر الأبناء بتاريخهم ونشأتهم وثقتهم وإيمانهم بدور الأب والام مهما كانوا بسطاء فبالتأكيد ستتكون لديهم القناعة والفخر باصلهم
وهنا نتأكد ونطمئن على وجودالأصالة فى دمائهم فيكونوا ٱمناء فى علاقاتهم الاجتماعية والإنسانية وأسوياء نفسيا وبالتالى ينعكس على الولاء والانتماء لوطنهم والأخلاص والقناعة بالآخر  داخل المجتمع..فالأسر تمثل المجتمع  وتساعد على بناء دولة قوية ثابتة مترابطة لا يمكن أختراقها سواء من الداخل و الخارج ..
ومن هنا الدولة تتحصن بعراقتها وأصالة أهلها ..ولذلك المصريين وقفوا بصلابة وعراقة ليعيدوا تاريخ أجدادهم ورفضوا  وجودالذين خرجوا عن طبيعتهم السمحة المتميزة بالشجاعة والأصالة لأنهم أحفاد الفراعنة فمن يخونوهم يتنافروا معهم وتلفظهم من بينهم ويتم تجاهلهم وتجنبهم وطردهم خارج نطاق العلاقات الاجتماعية المصرية الأصيلة .
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.