رجب الشرنوبي : يكتب ترامب ….هتشكوك…..القرن الواحد والعشرون !

علي طريق الإثارة والتشويق التي كانت تتميز بهما أفلام الرائع ألفريد هيتشكوك المخرج الإنجليزي الشهير ، جاءت آخر إبداعات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ، في مؤتمر صحفي مهيب حضر ترامب إلي جانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض ليعلن في خطوة أقل مايقال عنها أنها سقطة جديدة للسياسة الخارجية الأمريكية مع هذا الترامب الذي تحمل شخصيتة الغريبة الكثير من التناقضات ، أعلن ترامب وبجانبة النتن ياهو عن شيء لعل أصدق تعبير عنه أنه “لاشيء”بعد الحديث لفترة طويلة عن ماتم الترويج له علي أنها صفقة القرن التي ستحل مشاكل الشرق الأوسط في ظل صراع عمره أكثر من سبعون عام بين العرب وإسرائيل ، وكان فريق الرئيس الأمريكي وإعلامه يسوقه طيلة هذه الفترة وكأنه يمسك بعصا موسي ، التي ستنهي علي هذا الصراع وتعطي تصوراً و آلية شاملة وعادلة لدولتين متجاورتين تعيشان في أمن وسلام ، ولكن وكما هي عادة هذا الكائن الغريب الذي رزقه الله بسطةً في الجسم وضآلةً العقل وأنعدمت عنده البصيرة وكما يقول المثل العربي القديم تمخض ترامب أخيراً فولد فأراً ، فلم يري أمامة سوي صندوق الإنتخابات الأمريكي الذي يملك فيه اللوبي الصهيوني داخل أمريكا تأثيراً كبيراً ، ماأعلنه الرئيس الأمريكي ليلة أمس من البيت الأبيض ، لايتعدي أن يكون بعض كلمات جوفاء خالية من أي مضمون ولكنها في الوقت ذاته تعبر وبوضوح عن وزن العرب وقدرهم في معادلات السياسة الخارجية للبيت الأبيض ، تلك الأمة التي أرتضت أن تكون في مهب الريح وهي التي أنعم الله عليها بخيرات تجعلها في مصاف الأمم الكبري ، ويمكن للجامعة العربية لو توحدت كلمتها أن تضاهي في تأثيرها العالمي أعتي المؤسسات الدولية ولكنها الفرقة والشتات العربي الذي يزداد يوماً بعد يوم ، ترامب ترك للفلسطينين بعض القري المتفرقة التي ستجمعها بعض الطرق الحديدية وبعض الأنفاق “شبح دولة” خالية من أي غطاء ومنزوعة من أي سلاح وأعطي باقي فلسطين التاريخية لأولاد العم سام ، يعلن هذا المختل عن صفقة من طرف واحد وكأنها نوع جديد من الصفقات لا يعلمه سواه وهذا النتن الذي يرافقه ويقف إلي جواره ، مهما كانت ردود الفعل الرسمية التي صدرت أو ستصدر عن الدول العربية ستظل الشعوب العربية من الخليج إلي المحيط رافضةً لهذه الغطرسة الصهيوأمريكية ،ستظل جموع الشعوب العربية ترفض هذه الوصاية الأمريكية والإنحياز الواضح لليهود ، مهما أختلفت رؤية أي منهم لهذا الصراع الظالم ، فإذا كان هناك قطاع من هذه الشعوب يرفض وجود إسرائيل بالكامل علي أي شبر من الأراضي الفلسطينية كما هي وجهه نظر الناصريين والقومية العربية ، رغم أن الواقع يحكي شيء آخر غير ذلك فإسرائيل دولة عضو بالأمم المتحدة رغم إحتلالها للأراضي العربية ، وهناك قطاع آخر يتفق مع ماطرحه الرئيس الراحل أنور السادات وأنا واحداً من هؤلاء حينما تعامل مع القضية بشيء من الواقعية السياسية والقومية العربية في آن واحد ، فمنذ أكثر من أربعين عاماً جاء الرئيس السادات بحل الدولتين الذي يضمن للفلسطينين دولة علي نصف الأراضي المحتلة منذ العام ثمانية وأربعين بما فيها القدس الشرقية كعاصمة تاريخية للدولة الفلسطينية، ورفض العرب والفلسطينين الدولة التي يمن عليهم اليوم ترامب ونتنياهو بما نسبته لاتتخطي الأربعين بالمئة منها مشوهة المعالم مقطوعة الأوصال ، رحل الرئيس السادات عليه رحمه الله بكل تنبؤاته السياسية وقرائته للمشهد بكل واقعية، وبقيت المواقف العربية بكل إتصالاتهم السرية قبل العلنية بالكيان الصهيوني المحتل للأراضي العربية المحتلة، تعاني من أعراض الشيزوفرينيا السياسية ، يوماً بعد يوم يزداد الموقف العربي ضعفاً وهواناً خصوصاً بعد ضربات الحادي عشر من سبتمبر وماتبعها من إحتلال للعراق وزرع العديد من القواعد الأمريكية داخل البلدان العربية، والتي كان أبطالها نتاج طبيعي لأيدلوجيات مريضة نشأت وترعرت في البلدان العربية إلي جانب بطولات وزعامات سياسية حنجورية لاتملك من أدوات العمل السياسي سوي صوت مرتفع وشعارات فارغة لا تثمن ولا تعني من جوع ، ولعل ماحدث من مقاطعات عربية بطلها الرئيس العراقي السابق صدام حسين عقب توقيع معاهدات كامب ديفيد ونقل الجامعة العربية إلي تونس خير مثال علي ذلك ، ولا يستطيع أحد ينكر أن ماتعرضت له البلدان العربية من هجمات ماسمي منذ سنوات بثورات الربيع العربي كانت ولا تزال لها من الأثر السيء مايساهم في ضعف قوة الأداء العربي الرسمي علي الساحة الدولية، فكثيراً من البلدان العربية لازالت تنشغل بحروب داخلية أكلت معها الأخضر واليابس،ولعل مايحدث من قتال لازال يشتعل في دمشق وطرابلس الغرب وصنعاء مثال حي لذلك، ومن المؤكد أن مابذلته بلدان مثل مصر وتونس والجزائر علي مدار السنوات الماضية للخلاص من آثار إقتصادية وسياسية وإجتماعية لهذه الثورات وهذه النعرات التي أرتدت ثوب الوطنية والحداثة وهي تخفي بين طياتها الكثير من أهدافها الخبيثة ، وماتصير إليه الأمور في العراق ولبنان علي مدار الأشهر الماضية دليل واضح علي أن التربص بالأمة العربية لم ينتهي ، ومحاولات إشغالها عن قضاياها القومية أمراً يحشد له أعدائها الكثير ، خصوصاً بعدما تغيرت أشكال الحروب التقليدية وظهور أنماط حديثة من أساليبها المختلفة ، ومع إنشغال دول الخليج أيضاً بهذا التحدي الأيراني الذي يهدد وجودها وأمنها القومي من حين إلي آخر يزداد الموقف العربي تحملاً للصعاب وتكبر أمامه التحديات وظهر هذا بشكل واضح مع التدخل الأيراني في اليمن ، خصوصاً إذا كانت الأيادي الإيرانية ليست بعيدة عن الأحداث أيضاً في بغداد وبيروت ودمشق ، هذا الهوان هو نفسه من شجع عثمانلي جديد يجلس في أنقرة يحلم هو الآخر في نصيب من الكعكة العربية فكان التدخل في سوريا والعراق واضحاً هلال للسنوات الماضية ، والأسابيع الأخيرة تشهد بتدخل تركي سافر في ليبيا ، الإستيطان علي الأراضي الفلسطينية لا يتوقف ونزيف الكرامة والثروات العربية لا ينتهي ، فهل آن الأوان لموقف عربي موحد يحفظ للعرب ماء وجههم ، يعبر عن هذا الرفض الشعبي من المحيط إلي الخليج ، أم سيظل ترامب ومن علي شاكلته يصنعون لنا أفلام الرعب ونكتفي نحن بالمتابعة والمشاهدة من بعيد فليس حق في أكثر من ذلك ؟؟!!!
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.