جيهان عبد الرحمن تكتب : بصوت عم ايوب… فين التعليم ..؟

مرة أخري أعادتنا تصريحات د. طارق شوقي وزير التربية والتعليم عقب امتحانات الصفين الأول والثاني الثانوي وما لحق بهما من تسريب ولغط وانتحار لفتح ملف التعليم مجددا بعد أن مل منا ومللنا منه, لكن كلمات الدكتورة ناديه جمال الدين أستاذ البحوث التربوية وشيخة التربويين كما أحب أن أطلق عليها مازالت ترن في إذني وهي تؤكد أن ما عرض عليهم في الولايات المتحدة الأمريكية عام 2004 وتم رفضه جملة وتفصيلا في عهد الدكتور حسين كامل بهاء الدين رحمه الله يتم تنفيذه حرفيا الأن وكان هذا الرفض أحد أهم أسباب الإطاحة به فيما بعد, وأن ما يحدث حاليا هو تدمير للتعليم المصري مهما قيل عنه من كلمات رنانة فضفاضه والنتيجة أجيال من شباب ضائع لم يتلق لا تربية ولا تعليم وقد القينا بهم إلي المجهول.
الوزير أكد في تصريحات متلفزة أن عبارة الامتحان من خارج المنهج المتداولة ما هي إلا فزاعة للتخويف, ولن تعطي شهادة لطالب لم يحرص علي التعليم, ومن لم يستطع اجتياز الصف الثالث الثانوي سيظل 20 عاما لحين اجتيازه, وأرجع مانحن فيه إلي الضغوط الاجتماعية التي أثرت بشكل كبير علي أداء المعلم ودوره الحقيقي في تطوير التعليم وهو ما أثر علي الطلاب بشكل كبير. قال أن تجربة التابلت فشلت في الكويت ونجحت عندنا وأن بريطانيا ومن قبلها فنلندا ومن بعدها السودان وشمال أفريقيا تتطلع للتجربة المصرية وتريد الاستفادة, ورغم أن الموضوع جد لا يحتمل الهزل إلا أن مشهد الفنان محمد صبحي في مسرحية الجوكر التي عرضت عام 1979 ويقوم بدور عم أيوب وهو يقول يا بني أبعد عني يا حبيبي ولم التعابين الظابط واقف, فيقول شوكت منفعلا فين التعاااااابييين, فيرد عم أيوب يا سلام طب فين الظابط !.
فعلا فين التعليم ؟ حسب د. نادية أن ما يدور في مصر بشأن التعليم حالة من الفزع والشعور بقلة الحيلة فمهما قلنا لا مجيب كل منا يصرخ في واد وحيدا وإن سمع فلا يسمع إلا صدي صوته. تلاميذ الصفين الأول والثاني الثانوي يشتكون ويصرخون هم وأولياء أمورهم لكنهم لا يجدون من يستمع لهم وأخشي ما أخشاه والكلام مازال للدكتورة ناديه, أن يكون التعليم والاستخفاف بمطالب المواطنين في حق من حقوقهم مدخلا لمشكلات أكبر, فقد حرم الإنسان المصري طويلا من التعليم وطال شوقه إليه وحين بدأ يجد من يعترف بحقه فيه باعتباره سلاحا وسلما اجتماعيا ووسيلة للارتقاء المهني, انقض عليه فجأة من أستكثر عليه هذا الحق ويحاول إشعاره بأنه لا يحق له أن يكون مثل غيره من القادرين ماليا وبذات المدارس الأجنبية والخاصة التي تزاحم التعليم الوطني في محاولة للقول بأن من لا يملك المال ليس من حقة أن يتعلم تعليما جيدا يتلاءم مع متطلبات مجتمع المعرفة.
تقرير هام عن مدرسة فالدورف الألمانية التي تمنع كل أشكال التكنولوجيا ويلتحق بها أبناء مدراء شركات جوجل, أوبل وHB وEBAY من الحضانة للثانوي وهي تمنع الشاشات والآلات الحاسبة والكمبيوترات في المنزل أيضا رافعة شعار” التكنولوجيا ممكن أن تنتظر” حيث تعلو السبورة والطباشير علي الأيباد والكيبورد, و القلم والورقة وإبر الخياطة وأدوات الحياكة والطين وسائل تعليم مثلي و تعلم اللغات من خلال الكتابة والأنشطة الممتعة, الصف الخامس الابتدائي مثلا يصنعون جوارب بآبر الكروشيه وهذا الأسلوب الأفضل لفهم الرياضية والهندسة, والصف الثالث يتعلم جدول الضرب ومضاعفات الأرقام باستخدام الحبوب والمسامير والفاكهة أما الكسور والقسمة من خلال قوالب الكيك والحلويات حيث يطلب استخراج1,6 من الكيك الذي أمامه كي يأكلها, والزراعة وسيلة تعليميه هامه تربط التلميذ بالطبيعة وتعزز ارتباطه بها وتدعم فهمه الذاتي لها, التحق 94% من خرجيها بالجامعات في الفترة من 1994 إلي عام 2000وهذا رقم مرتفع مقارنة بالمدارس الأخرى وقسطها 18 الف دولار للحضانة و24الف للثانوي المدرسة الأولي نشئت 1919علي يد الفيلسوف النمساوي رودلف شتاينر بدعم من مصنع فالدورف للسجائر في شتوتغارت الألمانية, وبعد 20عاما أصبح للمدرسة الف فرع في العالم منها فرع وحيد بالدول العربية في القاهرة.
حسب تصريحات الوزير أبهرنا العالم المتشوق لتجاربنا لكن الواقع يبهرنا دوما بأن صناع التكنولوجيا في العالم أدركوا خطورة التابلت والكمبيوتر علي الأطفال فدفعوا الأف الدولارات وأبعدوا أولادهم عنها, وهو ماكنا نفعله وقت أن كان لدينا تعليم حقيقي وحبوب نعد عليها وطين نزرع فيه…وبصوت عم أيوب . . طب فين التعليم ؟
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.