عيد الشرطة ولاشئ معه

إبراهيم نصر يكتب

أربعة أيام تفصلنا عن الاحتفال بعيد الشرطة الذى هو تخليد لذكري موقعة الإسماعيلية، التي راح ضحيتها خمسون شهيدا وثمانون جريحا من رجال البوليس المصري “الشرطة حاليا” علي يد الاحتلال الإنجليزي في 25 يناير سنة 1952م، بعد أن رفض رجال البوليس تسليم سلاحهم وإخلاء مبني المحافظة للاحتلال الإنجليزي، وكان القائد البريطاني بمنطقة القناة ويدعى: “إكسهام” قد استدعى ضابط الاتصال المصري في صباح يوم الجمعة 25 يناير 1952م، وسلمه إنذارا بتسليم قوات البوليس المصرى بالإسماعيلية أسلحتها للقوات البريطانية، وتجلو عن دار المحافظة.

رفضت المحافظة الإنذار البريطاني وأبلغته إلى وزير الداخلية آنذاك: “فؤاد سراح الدين باشا” الذي أقر موقفها، وطلب منها الصمود والمقاومة وعدم الاستسلام، وكان عددهم لا يزيد على ثمانمائة في ثكنات قسم البوليس، وثمانين في المحافظة، لا يحملون غير البنادق، فى حين كان يحاصر مبنى قسم البوليس ومبنى المحافظة في الإسماعيلية، سبعة آلاف جندي بريطاني مزودين بالأسلحة، تدعمهم دباباتهم “السنتوريون” الثقيلة وعرباتهم المصفحة ومدافع الميدان، واستخدم البريطانيون كل ما معهم من الأسلحة في قصف مبنى القسم ومبنى المحافظة، ومع ذلك قاوم الجنود المصريون واستمروا يقاومون ببسالة وشجاعة، حتى سقط منهم 50 شهيدا و80 جريحا في معركة تستحق أن يطلق عليها معركة الصمود.

وإن كان الحق ما شهدت به الأعداء، فإن الجنرال الإنجليزي “إكسهام” طالب جنوده بإعطاء التحية العسكرية لجثث شهداء البوليس المصرى لدى خروجها من المبنى بسبب شجاعتهم ووطنيتهم.

وقد تم إقرار هذا اليوم إجازة رسمية للحكومة والقطاع العام لأول مرة في فبراير 2009م، بقرار من الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، تقديرا لجهود رجال الشرطة المصرية في حفظ الأمن والأمان واستقرار الوطن واعترافا بتضحياتهم في سبيل ذلك، ومنذ هذا التاريخ تحتفل وزارة الداخلية، في الخامس والعشرين من يناير كل عام بعيد الشرطة.

وليس منطقيا أن يأتى أى حدث آخر يلغى الاحتفال الوطنى بعيد الشرطة أو يشترك معه، سيما إذا كان هذا الحدث الآخر ليس وطنيا خالصا، أو هو مصنوع صناعة غربية ضمن مخطط إدخال منطقة الشرق الأوسط فى دوامة ما أسموه زورا: “ثورات الربيع العربى” التى ما جنينا من ورائها إلا الدمار والخراب الذى يحيط بنا من كل جانب، وكاد يلحق بنا مثله، لولا لطف الله بنا حين قامت الثورة الشعبية الوطنية فى 30 يونيو ٢٠١٣م لتصحيح مسار فوضى 25 يناير ٢٠١١م وما نتج عنها من اختطاف جماعة إرهابية زمام الأمور فى البلاد، ومن لطف الله بنا أيضا أن حمى الجيش مصر من الفوضى، ثم ساند إرادة الشعب فى ثورة تصحيح المسار.

ومع احتفالات وزارة الداخلية بعيد الشرطة الثامن والستين، الذى يعيد للأذهان ملحمة الإسماعيلية سنة 1952م، فلا ننسى دور أبطال البوليس المصرى فى التصدى للعدو المحتل، لكن فى الوقت نفسه نتذكر أن العدو أصبح الآن أكثر خطرا، فهو يعيش بيننا، لكنه إرهابي يخطط فى الخفاء لاستهداف الأبرياء، وقد نجحت جهود رجال الشرطة والأمن الوطنى فى التصدي لهم، وتوجيه الضربات الاستباقية التى فككت البؤر الإرهابية، وقضت على العناصر المتطرفة وأسقطت الخلايا العنقودية، حيث بدأت الجماعة الإرهابية فى أعمال التخريب والتفجير والقتل، بعد الإطاحة بها وبقياداتها.

وأخيرا: فى عيد الشرطة نقدم التحية، وخالص التهنئة لرجالها الأبطال وعلي رأسهم وزير الداخلية، لما يبذلونه من جهد لحماية المواطن والحفاظ علي أمن الجبهة الداخلية للوطن، فهم يبذلون أرواحهم الذكية فداء له كى يعيش فى أمن وأمان، ونتقدم بخالص التحية والاعتزاز لشهداء الواجب من رجال الشرطة البواسل.

Ibrahim.nssr@gmail.com

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.