محمود حبسه يكتب : الخليج والمتوسط واحتمالات المواجهة

هل تشهد المنطقة تصعيدا فعليا يدفع إلى حرب حقيقية سواء على مقربة منا هناك فى الخليج العربى أو على بعد أمتار من حدودنا الغربية على المسرح الليبي؟, هل كان من قيبل المصادفة أن تقوم الولايات المتحدة الأمريكية بقتل القائد الإيرانى قاسم سليمانى قائد فيلق القدس بالعراق؟
 سليمانى لاجدال كان إرهابيا قتل المسلمين السنة فى العراق وفى سوريا, ولكن هل اكتشفت أمريكا فجأة أنه كان يخطط لقتل دلوماسيين ومسئوليين أمركيين؟!
 ومع كل ذلك يبقى السؤال هل هناك مواجهة حقيقة سوف تندلع بين أمريكا وإيران يكون الخليج العربى طرفا رئيسيا فيها؟ وهل هناك مواجهة حقيقة على وشك الحدوث بين مصر وتركيا؟.
يقينى أنه لن تكون هناك مواجهة حقيقية بين إيران وأمريكا وأن كل ما سيحدث لن يخرج عن قواعد اللعبة بالإبقاء على المنطقة مشتعلة والإبقاء على الصراع قائما, ولن يتعدى رد الفعل الإيرانى أكثر من بعض العمليات الانتقامية  المحدودة التى قد تتعرض لها المصالح الأمريكية فى المنطقة لأن إيران بالتأكيد تخشى المواجهة مع أمريكا, فهى ليست فى حالة عسكرية أو سياسية أو اقتصادية أو مجتمعية تمكنها من الدخول فى حرب شاملة ومباشرة مع أمريكا وسيكتفى نظامها بترديد عبارات الشجب والإدانة ويحشد المظاهرات التى يردد فيها الملايين عبارة “الموت لأمريكا”, وقد جاءت تصريح محمد جواد طريف وزير الخارجية الإيرانى مؤكدة لهذا المعني ولن يخرج عنه”.
وفى إطار لعبة توزيع الأدوار جاءت تصرحات على شمخانى أمين مجلس الأمن القومى متشددة  فقد أعلن أن طهران لديها 13 سيناريو أقلها سيكون كابوسا, وهو المعنى نفسه الذى أكده رئيس الحرس الثورى وذلك فى محاولة لإمتصاص الفضب الشعبى فى إيران بسبب إغتيال سليمانى,  وفى  رأيى أن أقصى ما يمكن أن تفعله طهران أن تحرر ولو قليلا عن القيود المفروضة على نشاطها النووى مستغلة حادث مقتل سليمانى لتحقيق مكاسب سياسية , وفى اعتقادى أن أمريكا ستحقق العديد  من المزايا السياسية من مقتل سليمانى  بما يعزز من وضعها السياسى فى الخليج ويؤكد قدرتها على إلحاق ضربات موجعة لإيران بما يمكنها من الاستمرار فى الحصول على مقابل الدعم والحماية من دول الخليج .
الحرب التركية ـ المصرية حول ليبيا هى الأخرى مستبعدة لعدة أسباب.
أولا لأن الرئيس التركى المغرور بقوته يعلم جيدا حجم وشراسة وقدرة القوات المسلحة المصرية وكفاءتها القتالية وخاصة القوات البحرية المشهود بها عالميا ومدى قدرتها على حماية المصالح  المصرية فى البحر المتوسط كحقول الغار وقدرتها على حسم أى نزال لصالحها, كما أنه يعلم جيدا مدى صدق الرئيس عبد الفتاح السيسى عندما يقول: ” لن نسمح بسقوط ليبيا أو السودان ” باعتبارهما خط أحمر كحدود مباشرة لأمن مصر القومى, وعندما يقول: ” أنا مسالم ولكن إذا فرض عليا القتال أقاتل بشراسة “, وهو أى الرئيس التركى تابع جيدا وقرأ بوضوح رسائل مصر من العملية البرمائية التى أجرتها القوات المسلحة المصرية فى مسرح العمليات بالبحر المتوسط وأدرك أن مصر جادة وصادقة فى قولها وعازمة على حماية العزيزة ليبيا دفاعا عن مصالحها وأرضها وأمنها, وأنها لن تسمح بأن تتحول إلى قاعدة للجماعات الإرهابية تنطلق منها عملياتها  كما حدث مع العراق من قبل, والأهم أنه أدرك مدى خطورة المجازفة بالدفع بقواته عبر المتوسط إلى سواحل ليبيا بعد أن شاهد بأم عينية كثافة النيران التى تمتلكها البحرية المصرية والشراسة والحرفية التى تقاتل بها, وفى هذاالإطار تعلم تركيا جيدا أن مصر لاتناور وأنها جادة فى التصدى لأى محاولات تركية لإحتلال ليبيا وهو مادفع مستشار الرئيس التركى أن يقول ان تركيا لاتريد الحرب مع مصر . .
ثانيا نجاح مصر فى تكوين جبهة قوية رافضة للتدخل التركى فى ليبيا ومستعدة لمجابهته  تضم إيطاليا وفرنسا واليونان إلى جانب دول عربية مثل المملكة السعودية وتونس والجزائر, فقد فشل أردوغان فى إيجاد ممر لقواته لليبيا عبر تونس أو عبر الجزائر وتأكيد الدولتان رفضهما لأى تدخل أجنبى فى ليبيا وحرصهما على أمن وسلامة ليبيا, وفى هذا الإطار فقد رفض الرئيس التونسى قيس بن سعيد طلبا تركيا بإنزال قوات تركية على الحدود التونسية ـ الليبية.
ثالثا  قوات فايز السراج ضعيفة ولايمكن الاعتماد عليها خاصة بعد فشلها فى صد موجات الهجوم للجيش الليبى بقيادة المشير خليفة حفتر الذى أصبح على بعد كيلومترات قليلة من قلب العاصمة طرابلس, كما أنه لايمكنه الاعتماد على  ورقة المرتزقة الذين ستجلبهم تركيا من سوريا الذين سيكونون هدفا سهلا لنيران الجيش الليبى, وأقصى ما يمكن أن يفعله الرئيس التركى أن يستمر فى خطابه الحنجورى والتهديد باللعب بورقة المليشيات  فى سوريا وليبيا والإستمرار فى التهدبد بإرسال قوات,وأتصور أن الأيام القليلة القادمة ستشهد نهاية لأحلامه, فهاهو الجيش الليبى يفرض سيطرته على مدينة سرت وتفرض قواته البحرية كلمتها على سواحلها بحيث أكدت  قدرتها على منع وصول أى امدادات تركية, ولن يكون أمام عميله فى ليبيا فايز السراج سوى الهروب إلى تركيا أو بريطانيا .
المواجهة التركية ـ المصرية إن حدثت ستكون الغلبة فيها للمصريين وأشقائهم الليبين أصحاب الأرض بإذن الله خصوصا بعدما ألغى مجلس النواب الليبى إتفاقية السراج ـ أردوغان وإتهم السراج وعددا من معاونيه بالخيانة, ودروس التاريخ تؤكد ذلك فنتائج المواجهات العسكرية بين مصر عندما كان يحكمها رجل قوى ولها جيش قوى فى عهد محمد  على وأجداد أردوغان العثمانيين كانت لصالح مصر,  فقد استطاع محمد على الحصول على سوريا عنوة بعد أن حنث السلطان العثمانى بوعده بعد مناصرة محمد على له وتمكينه من اليونان والقضاء على المتمردين ثمانتصر الجيش المصرى على الجيش العثمانى بقيادة رشيد باشا وسحقه تماما وأصبح محمد على بعد خطوات من الأستانة مما دفع السلطان العثمانى إلى الاستغاثة بروسيا وأوروبا التى خافت من تنامى نفوذ محمد على.
 
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.