محمود حبسه يكتب : التجربة المصرية

لازال البعض يصر على عدم رؤية ما تحقق على أرض مصرمن إنجاز, لازال البعض يصر على أن يتعامى عن رؤية كيف كانت مصر وكيف أصبحت, لازال البعض فى مصر ينظر إلى العاصمة الإدارية الجديدة على أنها مازلت أرض صحراء جرداء وليست عاصمة عصرية تساوى باريس عاصمة النور ثلاث مرات, الحال نفسه مع مدينة الجلالة لازال البعض يرى الجبال التى كانت هناك كما هى وتلك التحفة الفنية والمعمارية المسماه مدينة العلمين لازال البعض يتعامى عن رؤية أبراجها الضخمة وشواطئها الرائعة, لازال البعض يصر على هدم كل ما تحقق تحت دعوى كاذبة وهى المعارضة, ليس كل معارض وطنى شريف, لازال البعض يرفض أن ينظر لما يدور حولنا  وما يتعرض له العديد من دول المنطقة من فتن وقلاقل وفوضى وعدم استقرار سياسى,  من تونس إلى لبنان مرورا بالعراق وليبيا وسوريا واليمن والسودان .
عن مصر الجديدة التى تمثل تجربة بكل معنى الكلمة  يدور الحديث, تجربة تقدم حالة من الإبهار والإعجاز ولو كره الكارهون,  تجربة تستحق أن يتوقف عندها الكثيرون بالبحث عن الأسباب وعن الإرادة السياسية التى حققت هذا الإنجاز, عن حجم العمل الذى بذل فى مئات المواقع من شرق البلاد إلى غربها ومن أدناها إلى أقصاها كيف تم شق الجبال وحفر الأنفاق؟, عن الإستقرار الذى تشهده مصر حاليا رغم الفوضى التى تضرب معظم دول المنطقة  رغم مخططات العداوة والتخريب وحملات الحقد والكراهية, عن معدل النمو الذى تجاوز 5.6 % هو الأعلى فى تاريخ الدولة وفى المنطقة بأثرها والثالث على مستوى العالم, عن تلك الحالة من التلاحم بين القيادة والشعب التى فشلت معها كل محاولات الوقيعة, عن حجم ما شهدته مصر من عمل  وما تحقق على أرضها من إنجازات خلال الخمس  سنوات الماضية التى كانت بحق سنوات التحدى لكى تقدم مصر لأمتها العربية وللمنطقة وللعالم أجمع تجربة جديرة بالتأمل.
نعم كان الرئيس عبد الفتاح السيسى محقا تماماعندما قال فى أحد لقاءاته أن مصر تقدم تجربة للعالم أجمع, وكان الرئيس أيضا على حق عندما قال مايحدث حاليا فى مصر لايحدث مثيل له فى العالم, نعم مصر قدمت تجربة للعالم تفردت فيها عن غيرها من دول العالم, فمنذ أن  عصفت رياح “الربيع العربى” بعدد من دول المنطقة ومن بينها مصر مع أواخر العقد الأول من القرن الحالى كانت الارهاصات شديدة القسوة والخطورة وتنذر بفوضى عارمة وهو ماحدث بالفعل وفق سيناريو الفوضى الخلاقة الذى كان معد ومخططا لهذه المنطقةسلفالم تنجوا من هذه الفوضى أو بالأحرى من هذا المخطط سوى مصر فقد ذهبت دول ولم تعد إلى وقتنا هذا,سقطت جيوش وفقدت مؤسسات هيبتها بل فقدت وجودها وحلت شريعة الغاب محل القانون وعانت شعوب عربية من الضياع والتشرد وباتوا مجرد أرقام فى سجلات اللاجئين وملاجئهم وتحولت ثروات عربية من نفط وغيره حتى فى الدول التى لم تتعرض لرياح الربيع العربى إلى مطمع سهل المنال للاستعمار قديمه وحديثه فى مشهد عبثى لم يرى التاريخ العربى مثيل له.
الصورة بكل مأساتها وسوءاتها شاهدناها فى سوريا واليمن وليبياوالعراق وعدد من دول الخليج حتى تونس لم تستقر أوضاعها حتى اليوم فمازالت الفوضى تعصف بها من آن لآخر إضافة إلى جارتها الجزائر ودول عصفت بها رياح التغيير منذ سنوات عديدة مثل الصومال والعراق التى تضربها الفوضى والقلاقل حاليا بعمق,مصرقدمتعبر تاريخها الطويل التجربة التى تميزها عن غيرها من بين دول العالم عندما انتصرت على التتار والصليبيين وعندما حفرت قناة السويس وعندما ألهمت ثورتها عام 1952 كل ثورات التحرر فى المنطقة وعندما انتصرت على إسرائيل عام 1973 ومن قبل على دول العدوان الثلاثى بريطانيا وفرنسا وإسرائيل وعندما أنشأت السد العالى رغم كل التحديات والصعاب  لتؤكد أنها دائما حالة خاصة ومختلفة ومميزة.
قدمت التجربة المصرية الجديدة نموذجا لكيف يكون تماسك ووحدة الشعب فلم تفلح كل مخططات الوقيعة بين المسلمين والمسيحيين, قدمت التجربة المصرية نموذجا لشعب يصر على فرض إرادته وليس الانصياع لإرادة الآخرين مهما كانت المغريات والتهديدات فلم تفلح مليارت قطر وتركيا وكذلك تهديدات أمريكا فى إثناء الشعب المصرى عن عزيمته أوإضعاف مقاومته لجماعة الاخوان وإرهابها, قدمت التجربة المصرية للعالم أجمع نموذجا لكيف يكون التلاحم بين الجيش والشعب فكلاهما نسيج واحد,حيث فشلت كل المخططات والمؤامرات فى إفساد العلاقة بينهما وبقيت كل الأبواق الاعلامية من الجزيرة القطرية إلى الشرق الاخوانية ومثيلاتها فى تركيامجرد كلاب تنبح على قافلة مصرية تسير ولاتأبه بشيئ .
قدمت التجربة المصرية ألآف الشواهد على حجم العمل الذى بذل وعلى حجم التحدى الذى كان فى مختلف الميادين  سواء فى معركة مواجهة الإرهاب أو معركة البناء والتنمية  فمصر لم تعد فحسب لما كانت عليه قبل يناير 2011 بل أصبحت أفضل بكثير وأقوى بكثير,قدمت التجربة المصرية نموذجا لدولة استطاعت أن تقهر المستحيل, قدمت نموذجا لكيف يكون التعامل والتعاون مع الأخرقدمت نموذجا لدولة استطاعت أن تستعيد علاقاتها مع جميع دول العالم محتفظة فى نفس الوقت باستقلالية قرارها والأهم أنها تعاملت مع الآخر بمنطق وحسابات تنطلق من قيمها ومبادئها وأخلاقها ومصالح شعبها, كان الكثيرون يراهنون على فشل التجربة المصرية ولكن مصر نجحت بفضل موروثها الثقافى والحضارى وبفضل هذا التلاحم والاصطفاف الشعبى خلف القيادة السياسية.
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.