ابراهيم نصر يكتب : وزارة الأوقاف .. واللغة العربية

وصلتنى رسالة عبر الواتس من أحد الأصدقاء عبارة عن جدول مدون به عدد الأخطاء اللغوية التى وقع فيها خطيب الجمعة الماضية التى نقلت شعائرها القناة الأولى، والفضائية المصرية على الهواء مباشرة، ونقلها كذلك عدد من الإذاعات المصرية وأهمها إذاعة القرآن الكريم الأكثر  استماعا على الإطلاق، أى أن الفضيحة اللغوية التى اقترفها خطيب الجمعة الماضية وهو يشغل منصبا قياديا فى وزارة الأوقاف، لم تكن على مستوى الحضور من المصلين فى المسجد، بل بلغت الآفاق، وتناقلتها المواقع الإلكترونية وأظنها سجلت رقما فى المشاهدة على اليوتيوب.
جدول الأخطاء الذى وصلنى به ٢٣ خطأ أحصاها هذا الصديق بالدقيقة والثانية، ما بين أخطاء ظاهرة فى اللغة العربية، وأخطاء جلية فى آيات القرآن الكريم، وأخبرنى آخر أكثر تدقيقا بأن الأخطاء وصلت ٤٥ خطأ وذكر من بينها انه لم يصل على رسول الله فى الخطبة الثانية.
الغريب والعجيب أن موضوع الخطبة كان عن بر الوالدين، وهو من السهولة بحيث لو خطب فيه أى طالب فى جامعة الأزهر أو فى الثانوية الأزهرية، ما وقع فى هذا الكم من الأخطاء.
ما كنت أحب أن أتكلم فى هذا الموضوع، لولا أن البعض اتهمنى بأننى أخشى انتقاد الرجل الثانى فى وزارة الأوقاف لئلا أغضبه، وقال البعض: نعلم أنك حريص على إبقاء علاقتك طيبة بوزير الأوقاف وكل قيادات الوزارة بحكم التعاون المشترك بين الوزارة وجريدة عقيدتى، فى الندوات الأسبوعية التى أتولى إدارتها.
ويعلم الله أننى تعرفت من خلال هذه الندوات على عدد كبير من  الكفاءات العلمية والدعوية واللغوية من شباب علماء وزارة الأوقاف، وهم ملء السمع والبصر فى مختلف القنوات، وبعضهم ضيوف دائمين على إذاعة القرآن الكريم، ولا أريد أن أسمى أحدا، فجميعهم تربطنى بهم علاقات طيبة، وأخشى أن أنسى أحدا.
ولا أحد ينكر أن هؤلاء الشباب ثمرة الدورات التدريبية المستمرة التى تعقدها الوزارة، فى شتى فروع المعرفة، والامتحانات الدورية التى تشترط الوزارة اجتيازها للترقى للدرجة الأعلى، وكثير منهم كانوا متفوقين فى دراستهم الأزهرية، وفيما يبدو أن الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف لم يكن يتصور أن الرجل الثانى فى الوزارة بهذه الدرجة من الضعف اللغوى، فلم تمض إلا ساعات معدودة على وقوعه فى هذا الكم من الأخطاء فى خطبة الجمعة، وقد اتخذ الوزير قراره بعقد دورات فى مهارات اللغة العربية، لقيادات الوزارة على مستوى درجتي وكلاء الوزارة ومديري العموم بمسجد النور بالعباسية، وقد انطلقت أولى هذه الدورات يوم الأربعاء الماضى حاضر فيها الدكتورعوض إسماعيل أستاذ النحو والصرف وعميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية بنين بالقاهرة، وعدد من السادة أعضاء هيئة التدريس بالجامعة.
وأكد الوزير أن ذلك يأتى في ظل عمل وزارة الأوقاف على تنمية المهارات العلمية والثقافية واللغوية لجميع العاملين بالأوقاف.
وقد وجه الوزير  التحية لقيادات الوزارة لإقبالهم الكبير على الدورة وحرصهم على تنمية مهاراتهم اللغوية، وإعطائهم أنموذجًا عمليًّا لمفهوم العلم من المهد إلى اللحد بالتعلم الذاتي المستمر وإعطائهم القدوة لسائر الأئمة، وحرصهم على تنمية مهاراتهم والتزود المستمر بالعلم في مختلف فروعه وفنونه.
ويسمح لى معالى الوزير أن أهمس فى أذنه بأن يمنع تلك القيادة من خطبة الجمعة، وأن يستبدل به آخر ليكون متحدثا باسم الوزارة، وكذلك أهمس فى أذن المسئولين فى الإذاعة والتليفزيون بأن خطبة الجمعة ليست مجالا للمجاملات، وينبغى أن يتم التدقيق جيدا فيمن يخطب الجمعة على الهواء مباشرة.
وختاما أهمس فى أذن هذه القيادة بأن يحاول الاستفادة من دورات مهارات اللغة العربية التى تعقدها الوزارة، فلا حرج فى ذلك، بل هو خير من الحرج الكبير الذى وقع فيه.
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.