جيهان عبد الرحمن تكتب : ماذا لو كان طه حسين بيننا
في الثامن والعشرين من أكتوبر الماضي حلت ذكري وفاة عميد الأدب العربي طه حسين الحائز علي جائزة الأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان عام 1973 ووزير معارف مصر الذي خاض معارك من أجل المجانية صاحب العبارة الشهيرة “التعليم كالماء والهواء، ” وهو من قال أيضا “ويل لطالب العلم إن رضي عن نفسه”، في إشارة واضحه إلي التعليم المستمر الذي لا ينتهي.
أتفق مع أفكار د. طه حسين أو اختلف معها كما شئت، فهو الأديب والناقد والسياسي الفليسوف، تري ماذا سيكون حاله لو كان بيننا اليوم وعلم أن المجلس الأعلى للجامعات أجتمع ليضيف مادة جديدة تنص علي إلغاء تعيين المعيدين والمدرسين المساعدين في الجامعات واستبداله بالتعاقد المؤقت ثلاث سنوات، ماذا كان سيفعل ووزارة الصحة تلغي بجرة قلم نظام التكليف للأطباء والإعلان عن نظام مستحدث للتكليف لا تعلم عنه نقابة الأطباء ولا الأطباء انفسهم أي شيء.
لو كان د. طه حسين مازال وزيرا للمعارف هل كان سيفتح باب التطوع المجاني لأولياء أمور تلاميذ المدارس لسد العجز في المدرسين بعد غلق باب التعينات في وجوة الشباب وحين تقرر فتحه كان تعاقد مؤقت لمدة ثلاثة أشهر في نهاية العام الدراسي السابق، تم عن طريقه استنزاف الشباب في مستندات وأوراق وقيد عائلي حتي الدرجة الرابعة للتأكد من الحسب والنسب في مهزلة لا نظير لها مكسبها الوحيد عدد لا نعلمه من ملايين الجنيهات نظير استخراج تلك الأوراق.
طه حسين حين قال أن نسير سيرة الأوروبيين ونسلك طريقهم لنكون لهم أندادا ولنكون لهم شركاء في الحضارة خيرها وشرها حلوها ومرها وما يحب منها وما يكره وما يحمد منها وما يعاب …لم يكن يقصد أبدا أن نتخبط بين الدول لنأخذ من كل فيلم أغنيه كما يقال بالعامية ولا أن يتحول التعليم إلي سلطة بلدي كما عبر بذلك شيخ التربويين د. حامد عمار رحمه الله، لكن يبدو أن هدف تقليص الوظائف في الجهاز الإداري للدولة أصبح هو الهدف الاسمي والأعلى فلا عجب إذن إن زادت وتيرة هجرة الأطباء وأنصرف المعلمين و تدهور حال التعليم والصحة أكثر مما نحن فيه، ناهيكم عن انصراف الأوائل عن التعليم والبحث العلمي أصلا.
الغريب حقا أن كل من يتحدث مثلا عن إلغاء مجانية التعليم من المسئولين الكبار أو ضرورة الالتفاف حولها هو أول من أستفاد منها ولولاها ربما ما أكمل مسيرته التعليمية ، والأغرب ان كل من يتحدث منهم عن خطط التطوير العظيمة في التعليم أو الصحة- ويبدو أنه يراها وحده- تجد أبناؤه وأحفاده تعليم دولي، واذا مرض يهرع إلي أوروبا وأمريكا طلبا للعلاج الصحيح في تناقض رهيب.
وكما لاحظ د. عبد الباسط صادق الأستاذ بجامعة الإسكندرية أنه بمراجعة السيرة الذاتية لكل أعضاء المجلس الأعلى للجامعات الموافقين علي إضافة مادة جديده برقم 141 مكرر إلي قانون تنظيم الجامعات لاكتشفنا أنهم استغرقوا من سبع إلي ثماني سنوات في إعداد رسائلهم وأنه لو طبق عليهم ما اقترحوه لفصلوا من جامعاتهم فورا.!
موسوعة ويكيبيديا موثق بها أن د. خالد عبد الغفار وزير التعليم العالي والبحث العلمي حصل علي البكالوريوس في مايو 1984 والماجيستير بعده بخمس سنوات تحديدا في1 ديسمبر 1989 وعلي الدكتوراه بعدها بست سنوات في 1ديسمبر 1995.
قد يتم تأجيل المشروع بعدما أثار طرحه موجات غضب, وربما يؤخذ بنصيحة د. جابر جاد نصار رئيس جامعة القاهرة السابق بضرورة تفعيل القانون الحالي الذي ينص علي خمس سنوات ومن يتجاوزها يحول إلي وظيفة إدارية خاصة وأن ثلاث سنوات مدة قصيرة جدا قد تؤدي إلي فبركة الرسائل, وفتح باب المجاملات, وانصراف الأوائل إلي جامعات عربيه أو أجنبيه تأخذ أولادنا النابهين علي الجاهز لتخسرهم الدولة بعدما تعلموا علي أرضها, ولا يصح مقارنة الدول المتقدمة التي تعمل في إطار منظومة متكاملة , ثم ننتقي جزء صغير منها, فإذا اردنا التطوير يجب أن يرتبط برؤية شاملة لمنظومة التعليم في مصر سواء الجامعي أو ما قبله. رحم الله عميد الأدب العربي د. طه حسين الذي توفي 28 أكتوبر عام 1973 وكان أخر عهدة بالحياة نصر أكتوبر المجيد ولم يشهد ما أل إليه حالنا بعد 46 عاما من النصر العظيم.