محمود حبسه يكتب : أردوغان على خطى تشاوتشيسكو
على خطى ديكتاتور رومانيا السابق نيكولاى تشاوتشيسكو يسير الرئيس التركى رجب الطيب أردوغان, تشاوتشيسكوكان أكثر وحشية وقمعية من الحكومات الستالينية فى الإتحاد السوفيتى السابق حيث منع الحريات وجوع شعبه ومجد شخصه فحسب ـ وهونفس مايفعله الديكتاتور التركى الآن والذى حتما ستتصاعد موجات الغضب ضده مع تزايد الفساد والقمع وتدهور الأوضاع الاقتصادية ولن تكون محاولة الانقلاب العسكرى عليه عام 2016 هى الأخيرة ـ تم تنفيذ حكم الإعدام لتشاوتشيسكووزوجته بعد أن ألقت القبض عليه القوات المسلحة بعدهروبه والتى كان استخدمها من قبل فى قتل الأبرياء من المدنيين فى محاولة لقمع المظاهرات التى اندلعت ضده عام 1989, وعلى خطى السفاحين من جمهورية صربيا الذين مارسوا أبشع أنواع القتل والإبادة الجماعية لمسلمى البوسنة والهرسك فى تسعينيات القرن الماضى بعد تفكك يوغوسلافيا يسير أيضا السفاح التركى, على خطىراتكو ملادتش آخر مجرمى الحرب من صربيا الذى حكمت عليه المحكمة الجنائية الدولية بالسجن المؤبد عام 2017 بعد أن أدانته بممارسة جرائم حرب ضد مسلمى البوسنة الذين قتل منهم الألآف فى مذابح جماعية منها مذبحة سربرنيتشا التى قتل فيها 8 آلاف مسلم إضافة إلى حصار سراييفو الذى قتل خلاله عشرة آلاف مدنى, وهو نفس ما قام ويقوم به أردوغان ضد المسلمين الأكراد فى شمال سوريا , متحديا العالم كله بغزوه للشمال السورى مدعيا أنه يحارب الجماعات الكردية المسلحة, حيث قتل من الأكراد العزل ما قتل وشرد منهم من شرد وقال كلاما ومارس أفعالا لاتصدر إلا عن بلطجى لايعرف أن للقوة حسابات وأن هناك قانون دولى وإتفاقيات وقيم يجب أن يلتزم بها كرئيس دوله.
أردوغان الذى رفض الانصياع لجميع النداءات الاقليمية والدولية له بالتراجع تراجع وتوقف فجأة عن مغامرته العسكرية الفاشلة لمجرد أن أمريكا طلبت منه أن يتوقف, بعد أن صال وجال وأرغد وأزبد وتحدث عن حق بلاده فى تعقب الإرهابيين ومطاردتهم واستخدم ما لديه من قدرات وأمكانات ورفض الاستجابة لمطالب الدول العربية بل هاجمها لأنها طالبته عبر بيان القمة العربية التى استضافتها مصر بالتراجع والانسحاب من الأراضى السورية وعدم استغلال ضعف النظام السورى والظروف الاستثنائية التى تمر بها سوريا, انتقدها لمجرد أنها وصفت فعلته وما قام به فى سوريا بالوصف الذى يستحقه وهو أنه احتلال لأراضى دولة أخرى,هو نفسه الذى أعلن توقف عملياته فى سوريا بعد أن أرسل له الرئيس الأمريكى وفد برئاسة نائب الرئيس يطالبه بالانسحاب من سوريا ووقف القتال, هو نفسه الذى يقبل أن يصفه الرئيس الأمريكى فى تغريدة له بأنه متصلب وأحمق فى لغة لا تعرفها التقاليد والأعراف والمخاطبات الدبلوماسية, هو نفسه الذى يرى ويسمع ويقرأ تهكم وسخرية الرئيس الأمريكى منه ولايحرك ساكنا ولايفعل شيئا سوى الانصياع لرغبة أمريكا ومطلب رئيسها, بل هو نفسه الذى يقرأ ويسمع ويتابع تصريحات الرئيس الأمريكى فى مؤتمر صحفى بعد نجاح مفاوضات وفده فى أنقرة عندما قال:”لقد نفذنا أسلوب غير تقليدى لقد أردنا أن يتقاتل الأكراد والأتراك لبعض الوقت ئم تدخلنا لوقف القتال” دون أن يحرك ساكنا دون أن ينبس ببنت شفه مدافعا عن نفسه وعن استقلال قراره السياسى .
الطاووس التركى المغرور لم يكن سوى دمية فى أيدى الأمريكان, لم يكن سوى ألعوبة فى يد الإدارة الأمريكية التى أرادت أن تحقق بعض الأهداف السياسية قد يكون منها معاقبة الأكراد أنفسهم وإظهار أن وضعهم ومصلحتهم فى يد أمريكا حتى لايفكر الأكراد فى البحث عن حليف غيرها وحتى ينصاع الأكراد بالكامل للرغبات والأهداف الأمريكية وما يطلبه ترامب بدليل تدخل الولايات المتحدة المفاجئ وإنهاء الأزمة بعد لجوء الأكراد لروسيا ومطالبتها بالتدخل وإجراء وساطة مع تركيا لوقف القتال, والأمر نفسه مع الرئيس التركى الذى دأب على الثرثرة وترديد التهديدات كل فترة فى كل الاتجاهات من سوريا إلى الاتحاد الأوروبى إلى قبرص مرورا بالأكراد.
جرائم أردوغان فى سوريا تستوجب تقديمه للمحكمة الجنائية الدولية لمحاكمته كمجرم حرب فجميع أفعاله منذ دخل شمال سوريا ترتقى إلى جرائم الحرب بدءا من الاعتداء على المدنيين العزل ومنهم النساء والأطفال وإجبارهم على ترك منازلهم انتهاءا بحرب الإبادة للأكراد وحملة التطهير العرقى لجنس بشرى مرورا باستخدام الأسلحة المحرمة دوليا ومنها القنابل الحارقة وكلها أفعال تتناقض مع القانون والاتفاقيات الدولية ومنها اتفاقية جنيف وهو ما يستوجب محاكمته كمجرم حرب وسوف يتحقق ذلك الأمر إن آجلا أو عاجلا حتى لو وفرت له الولايات المتحدة الأمريكية الحماية والغطاء لبعض الوقت, حتى لو وعاد الرئيس الأمريكى ترامب يتحدث عنه كحليف وصديق فسجل الولايات الأمريكية فى التخلى عن حلفائها مليئ بالشواهد والعبر ابتداءا من شاه إيران محمد رضا بهلوى وانتهاءا بالأكراد أنفسهم حلفاء واشطن فى الحرب على الإرهاب مرورا بأنظمة عربية, لن تتمكن أمريكا من الوقوف ضد هذه الصحوة للضمير الإنسانى ومطالبات العديد من المنظمات الدولية بمحاكمة أردوغان وبدأت بالفعل توثيق جرائمه, لن تتمكن من وأد انتفاضة الأكراد وكل السوريين الذين اغتصبت بلادهم وحقوقهم.
والسؤال ماذا استفاد أردوغان من خطوته التى عكست أكبر قدر من التدنى الأخلاقى كما عكست أيضا أكبر قدر من الغباء السياسى حتى لو كان حقق بعض الأهداف السياسية بإجبار الأكراد على التراجع لعدة كيلو مترات,فخسارته أكبر بكثير فقد نالاحتقار العالم كله له ولسياسته وإدارته لاسيما بعد انصياعه لمطلب ترامب ورفضه لنداء ساسة العالم كله, العالم كله الآن يدرك حقيقة أهدافه فى التوسع وبسط النفوذ والهيمنهوأنه ليس أكثر من شخص أهوج, العالم كله يدرك كم هو مبتز يمارس السياسة فى أحط صورها لاسيما عندما حاول إبتزاز أوروبا باستغلال ورقة المهاجرين بتصدير 3.5 مليون لاجئ لها لخلق مشاكل واضطرابات بها, والأهم أن أوروبا أصبحت تدرك الآن أن أردوغان ليس أكثر من أحد أوراق الضغط أوأحد الكروت التى تلاعبها بها أمريكا.