محمود حبسه يكتب : مصر تتصدى لإجرام أردوغان

كانت مصر خلال الأيام القليلة الماضية على موعد مع واحد من أهم التحديات عندما قام الرئيس التركى رجب الطيب أردوغان بمغامرة عسكرية غير محسوبة العواقب لايسعى من ورائها إلا  للتوسع وبسط النفوذ على حساب دولة عربية شقيقة هى سوريا, مصر قامت بمسئولياتها تجاه أمتها العربية وأدانت العدوان التركى بأشد العبارات وطالبت على الفور بإجتماع عاجل لمجلس الجامعة العربية لإتخاذ ما يلزم من إجراءات وقرارات  للحفاظ على وحدة سوريا وسلامة أراضيها والدفاع عن شعبها, وعلى مائدة الإجتماع الوزارى كانت كلمات وزير الخارجية سامح شكرى الأكثر وضوحا والأكثر مواجهة والأكثر كشفا وفضحا لإدعاءات الرئيس التركى , شكرى أكد أن تركيا لا تسعى لمحاربة الإرهاب أو تقويضه كما يدعى أردوغان من مغامرته الإرهابية لأن تركيا هى من تحتضن وتأوى الجماعات والتنظيمات الإرهابية,مشددا على ضرورة مواجهة العدوان التركى وعلى ضرورة اتخاذ موقف قوى يرتقى لما يقوم به أردوغان فى سوريا من جرائم حرب .

فى خطوة تعكس أكبر قدر من التدنى الأخلاقى كما تعكس أيضا أكبر قدر من الغباء السياسى والتهور الذى يعبر عن عدم استخدام القوة بشكل صحيح وعدم فهم توازنات القوى وحساباتها, فى شمال سوريا يعربد أحد طغاة هذا العصر الرئيس التركى رجب الطيب أردوغان الذى يجرى لاهثا خلف نزواته وأحلامه التى عفا عليها الزمن غير عابث بكل القوانين الدولية وبكل الأعراف وبأية حقوق, ضاربا بعرض الحائط كل الاعتراضات والإدانات الإقليمية والدولية حتى من داخل تركيا ذاتها, لايسمع إلا صوته هو والهاجس الذى يدفعه لمزيد من التحرك بقواته للأمام نحو هضم وابتلاع المزيد من الأراضى السورية مستغلا ضعف سوريا ومستغلا حالة التشتت العربى وذلك التخاذل الدولى فى بعض الأحيان والتآمر فى كثير من الأحيان, لايرى إلا ما يراه هو ولايؤمن إلا بما يؤمن به هو, يسعى للتوسع والسيطرة يحلم بالقوة والنفوذ  بإعادة ملك أجداده الدولة التى كانت تسيطر على نصف الكرة الأرضية, مشهد عبثى وفوضوى وبربرى يعيد إلى الأذهان صور لما كان يحدث فى العصورالوسطى .

أردوغان المفتون بقوته المغرور بعضلاته  الموهوم  بأحلامه فى غاية الغباء والبلاهة لأنه فاته أن العالم لن يسمح بقيام امبراطورية إسلامية فى قلب أوروبا, لن يسمح أن تكون لدولته التى يرفض الإتحاد الأوروبى حتى هذه اللحظة انضمامها له بشكل رسمى أن يكون لها كل هذا النفوذ, أردوغان فاته أن يستوعب دروس التاريخ كيف أصبحت الأندلس أسبانيا وكيف أجبرت أوروبا  محمد على والى مصر على التقوقع داخل حدود دولته بعد أن وصلت قواته إلى مشارف الأستانة واستانبول وكانت على وشك إحتلالالدولة العثمانية وكيف أجبرته على التوقيع على معاهدة 1840, أردوغان لايفهم  أنه يكتب نهايته بيده فحتى الذين تجاهلوا أو أغمضوا العين عن أهدافه وتظاهروا بالموافقه من الرئيس الروسى بوتين إلى الرئيس الأمريكى ترامب فسوف ينقلبون عليه إن عاجلا أو آجلا فهم يدركون جيدا حقيقة أهدافه فى التوسع والسيطرة وبسط النفوذ والهيمنه على منابع النفط فى سوريا, هم يعون جيدا حقيقة التحالف القذر الذى كان بين أردوغان وتنظيم داعش الإرهابى والذى سيزداد بعد تمكن أردوغان من بسط سيطرته على شمال سوريا,وهم يدركون جيدا مخاطر محاولات أردوغان لإحياء التنظيم وإطلاق سراح المعتقلين من رجاله وقياداته وحجم التهديد الذى يمثله ذلك على روسيا وأوروبا وأمريكا أكثر مما يمثله على الدول العربية لاسيما مع إضعاف وتفكيك قوات سوريا الديموقرطية أكبر تنظيم معادى لداعش وقتل وأسر العديد من قياداته.

أردوغان لم يراعى أى اعتبارات أخلاقية لدولة ضعيفة لاتستطيع الدفاع عن نفسها وهو أمر مفهموم ومتوقع من رئيس يعتمد على الدعارة كأ حد أهم مصادر الدخل لبلده, ولكنه لا يفهم أن أحدا بدءا من سوريا الضعيفة ذاتها مرورا بالأكراد الذى يدعى محاربتهم للقضاء على إرهابهم المزعوم انتهاءا بكل الدول العربية بما فى ذلك دول الخليج المختلفة مع نظام بشار الأسد لن يسمح لأردوغان بالمضى قدما فى تنفيذ أحلامه بإضعاف سوريا وتقسميها وتغيير التركيبة الديموجرافية لسكانها, لن يسمح أحدا فى الدول العربية بتكرار مأساة العراق وما لذلك من أثار كارثية على أمن الدول العربية ذاتها, فها هى مصر تنتفض لمواجهة إرهاب أردوغان وأحلامه التوسعيه وتدعو لإجتماع  طارئ لمجلس جامعة الدول العربية وينعقد المجلس بعد أقل من ثلاثة أيام على بدء العملية التركية فى شمال سوريا.

سجل أردوغان فى الإرهاب والقمع والفساد داخل دولته لن يبقى مطويا إلى الأبد سيتم فتح كل الملفات الخاصة بما يحدث داخل السجون وعشرات الألآف الذين اعتقلهم منذ عام 2016 بعد محاولة الإنقلاب عليه وحتى هذه اللحظة بدعوى الإنضمام إلى منظمة فتح الله جولن من عسكريين وقضاه ونواب وصحفيين حتى النساء والأطفال وأكثر من 77 ألف تم فصلهم من وظائفهم, أردوغان حول مقرات سفارات وقنصليات بلاده فى أمريكا وأوروبا إلى مقار لممارسة أعمال التجسس على المعارضين له فى هذه الدول, فهل يمكن مع استمرار هذا الوضع أن يستمر معه الخنوع والسكوت من جانب الشعب التركى  وأن  يستمر معه الصمت الأوربى والدولى؟, وهل  تفلح معه محاولات أردوغان للتغطية على جرائمه باختلاق ذرائع مثل مقاومة إرهاب الأكراد وخلق عدو خارجى؟, نهاية أردوغان بدأت لاسيما مع تدهور الاقتصاد التركى وانخفاض الليرة وتهديد أمريكا بضربات موجعة

 

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.