نصر أكتوبر ٧٣ ملحمة العقل والعلم والإرادة
كتبت ..حنان خيرى
اقتربنا من نصف قرن على هذا اليوم المشهود الذى حقق فيه شعبنا العريق واحدا من أعظم أنتصاراته على امتداد تاريخه الحافل ،وسجل به ملحمة رائعة فى الوطنية ومعزوفة قومية مهيبة لا يمكن يمحوها الزمن إلى يومالعريقالدين، فليس هناك ما هو أغلى على المصرى من تحرير الأرض ،وأسترجاع الحق والكرامة ،وليس هناك شعب على وجه الأرض يقدس ا لتراب الوطنى مثلما يفعل الشعب المصرى ،يفتديه بروحه ودمه ،ويعلى قدره فى العالمين ، فهى أرض الأجداد ،صناع الحضارة ،وبناة المدنية والتقدم ،
فليس غريبا إذن أن ينظر كل مصر أصيل إلى أرض الوطن بأعتبارها كيانا عالي القدر لا يمس ولا يمتهن ،ولو كلفه هذا التضحية بنفسه وولده وقوته ورزقه ،لان الأرض فى ضمير المصرى تنصهر فى سبيكة واحدة مع العقيدة والقيم والتراث والمستقبل والعلم والمعرفة ،وهى عرين الرجال وقلغة الأبطال ،الذين يتحدون الدنيا بأسرها ،لكى تبقى رايات الوطن عالية فوق هامات البشر ،وتظل مصرنا الحبيبة مرفوعة الرأس خالدة الذكر بين الأمم إلى أبد الٱبدين .
يظل انتصار أكتوبر عام ٧٣ نقطة فارقة فى تاريخ مصر الحديث وعلامة مضيئة يتوقف عندها الكثيرون فى الداخل والخارج على مر الأجيال والأزمان مبهورين بعظمة هذا الشعب الذى رفض الاستسلام للهزيمة وعظمة قواته المسلحة التى قبلت التحدى فحققت نصرا سيظل يبهر العالم خصوصا أنه يبوح بأسراره عام بعد عام ولا يتجدد الاحتفال برغم الاقتراب من نصف قرن لأنه نصر تحقق فى أشرف معركة وبٱيدى أخلص الرجال.
وسام عباس حافظ
نشأ البطل القبطان وسام عباس حافظ فى أسرة عريقة فى الحياة العسكرية ،
تعشق تراب ارض مصر ،حوائط المنزل تزينها النياشين والانواط التى حصل عليها خلال عمله بالوحدات الخاصة .
فوالده اللواء عباس حافظ من نفس دفعة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر بالكلية الحربية ، وصديقاً له وشاركه فى حرب فلسطين عام 1948 فهو رجل عسكرى مصرى وطنى يعتز بشرفه العسكرى ، ومصريته وغرس هذا الشعور فى نفوس أبنائه.وتحدث والسعادة على وجهه واسترجع شريط
ذكرياته في مدينة السويس حين كان طفلا صغيرا ذو سبع سنوات في مبنى إدارة هيئة قناة السويس قبل تأميمها كانت مقسمة بسور نصف للموظفين المصريين والنصف الأخر للموظفين الانجليز . فحدث وان ذهب وسام مع أخيه ذو الخمس سنوات ليلهو ا في الحديقة في الجزء المخصص للانجليز فإذا بطفلة انجليزية بكت حاول وسام تهدئتها ولكنها أبت فجاء رجل انجليزي حمله هوو أخيه من ذراعيهما والقاهما بعيدا وقال فى صوت متجهم
جاء والدهما اللواء عباس حافظ والذي كان ضابطا بحرس الحدود حينها و الذي لم يقبل بمثل هذه الاهانة وأصر على ان يدخل ابنيه في اى وقت شاءوا دون أن يتعرض لهما احداً قائلا : هذه ارض مصر وهو مصري فهذه أرضه ردا على الرجل الانجليزي الذي قال له بان هذه المنطقة ملكا لهم .
وحكي أيضا عن موقف أخر كان يوجد كوبري فوق قناة السويس يربط ما بين السويس وسيناء للتنزه و كان وسام واخيه وائل هما الوحيدان المصريان فتعمدت سيدة انجليزية ان تترك كلبها الذى يبدو شرسا ليهجم عليهما .. فهرب الطفلان ولكن الوالد طلب من إبنه وسام العودة وان يصرخ فى وجه الكلب وبالفعل قام بذلك ليهرب ذاك الكلب من أمامه في ذهول المارة كيف لطفل فى مثل عمره ان يفعل ذلك ، كذلك ربى الأب البطل أبنائه على الشجاعة وعدم الخوف وعدم التنازل عن حقوقهما .
عشقه للبحر
وعند إنهاء بطلنا وسام لدراسته الثانوية تقدم للألتحاق بالكلية البحرية لعشقه للبحر , ولكنه لم يُقبل ، فالتحق بكلية الزراعة وكان مقرها داخل أسوار قصر القبة بالقاهرة ، ومكث فيها ثلاثة شهور ، ثم تقدم مرة أخرى للألتحاق بالكلية البحرية ، وقبل بها هذه المرة فى أكتوبر عام 1961 .. وتخرج منها ملازماً بحرياً فى 26 يوليو 1964 .
وخدم الملازم وسام بعد تخرجه بالعديد من أفرع القوات البحرية فعمل على كاسحات الألغام ، وسفن مكافحة الغواصات , ولنشات الطوربيد , ولنشات الصواريخ ، وفوق المدمرة الفاتح مما أكسبه خبرة ومهارة أدت إلى إختياره ضمن لواء الوحدات الخاصة للقوات البحرية الصاعقه البحريه فى سبتمبر 1965
كما خدم ضمن القوات المصرية العاملة باليمن لمساندة ثورة اليمن . وكان ذلك خلال الفترة من أغسطس 1966 حتى 12 يونيه 1967 حيث كان مكلفاً بتأمين ميناء الحديدة اليمنى حيث تصل الامدادات المصرية.
القطار الحربى
وترتسم علامات الحزن والألم على وجه وسام وهو يتذكر ذلك اليوم الذى عاد فيه إلى مصر قادماً من اليمن ووصوله إلى ميناء السويس يوم 12 يونيه 1967 فى نهاية أيام النكسة .. وأثناء إنتظاره للقطار الحربى الذى كان سيقله إلى وحدته بأبى قير بالأسكندرية عرض عليه أحد الجنود المصريين العاملين بالسويس إصطحابه لمشاهدة اليهود على الضفة الشرقية للقناة حتى يحين موعد القطار الذى سيقلهم إلى القاهرة ، وبالفعل إصطحبه لأحد المنافذ على ضفة القناة فشاهد ما جعل الدماء تغلى فى عروقه , ويفقد أعصابه .. فقد شاهد بكل وضوح على الضفة الشرقية للقناة بارض سيناء وكان عرض القناة فى ذلك الوقت حوالى 120 متر فقط طوابير طويلة من الجنود الأسرى المصريين أمام خيمة بها بعض الضباط الأسرائيلين يقف أمامهم جندى إسرائيلى بسلاحه.
فكان يتم تصنيف الأسرى : إما قتل الضباط المصريين وضباط الصف ، أو ترحيلهم إلى داخل الكيان الصهيونى بعد قتل أعداد كبيرة منهم فى الطريق. أما هؤلاء الجنود الموجودين على ضفة القناة فكان يتم إعادتهم إلى الجانب المصرى عن طريق أحد القوارب المصرية بعد مقايضتهم ببعض المواد التموينية , والمشروبات المثلجة ، مما دفع الضابط وسام إلى إعداد إسلحة وتصويبها نحو الجندى الاسرائيلى الواقف أمامه على الضفة الشرقية لينفث عما به من غيظ وغضب للحرب التى خسرها الجيش المصرى دون أن يحارب وسحب أجزاء سلاحه الآلى للخلف لولا إلتفاف عدد من الجنودالمصريين الموجودين بهذا الموقع حوله ليمنعوه من إطلاق النار على الجندى الاسرائيلى لما يمكن أن يسببه هذا من فقد أسرانا وقتلهم إنتقاما لمقتل الجندى الاسرائيلى.
كان هذا المشهد الذى رآه الضابط الشاب وسام حافظ الذى لم يتعدى الرابعة والعشرين من عمره يجسد كل مرارة النكسة ، وفى الوقت نفسه كان دافعاً له وكأن الأمر يخصه هو وحده على التصميم على بذل أقصى ما يستطيع من أجل إزالة هذا العار .
سنحت الفرصة للضابط الشاب أن يحقق ما عاهد الله عليه بعد فترة قصيرة من هذا الحادث فى سبتمبر 1967 عندما تعرف على بطلاً آخر هو قائده الجديد إبراهيم الرفاعى الذى إختاره ليكون ضمن مجموعة العمليات الخاصة التى تم تشكيلها من الصاعقة الصاعقة البحرية والصاعقه البريه لتنفيذ عمليات إستطلاع وهجوم ضد العدو بسيناء من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها , وما يتيح لها الحصول على التسليح والتجهيز بيسرش
وبالفعل قامت المجموعة بعملياتها المتتابعة ، عندما كلفت المجموعة بالحصول على أحد الصواريخ الحديثة الصنع التى نشرها العدو على طول الضفة الشرقية للقناة ، والتى تمثل تهديداً لقواتنا على الضفة الغربية فطلب الجانب الروسى الذى كان موكلاً إليه تسليح الجيش المصرى فى ذلك الوقت من مصر أن تحصل له على أحد هذه الصواريخ لدراستها ومعرفة قدراتها ومداها وكيفية التغلب عليها وقام بهذه العملية مقاتلان من مقاتلى المجموعة هما النقيب إسلام توفيق , والرقيب أول عبد المنعم غلوش .. وعادا بالصاروخ… ثم توالت العمليات .
ويشارك البطل وسام رجال المجموعة فى جميع العمليات قائداً لأحد زوارقها ، وتأمين منطقة الانزال ، وستر ظهر المجموعة أثناء العمليات ، ثم العودة برجال المجموعة مرة أخرى بمهارة فائقة أثناء المطارادات ، والمناورات التى كان يقوم بها ضد زوارق العدو الحربية ، وطائراته الحربية .
وعن مشاعره أثناء القيام بتلك العمليات الفدائية شديدة الجرأة والمخاطرة .. قال: كل همنا كان تنفيذ المهام الموكلة إلينا دون أدنى إهتمام بالجندى الاسرائيل ، وإن صادف وتعرض لنا أو رمته الأقدار فى طريقنا .. فياويله , يا ظلام ليله..
بالفعل سببت العملية هلعاً وذعراً فى صفوف الاسرائيليين دون أن يتركوا أى أثراً يدا عليهم بعد العمليات سوى الدمار والهلاك لجنودهم ومواقعهم إلى الدرجة التى جعلت موشى ديان وزير الدفاع الاسرائيلى يؤلف كتاب عن المجموعة بعنوان ( الأشباح- ذا جوستس) .
وعن أصعب ما قابله أثناء تلك العمليات يذكر القبطان وسام ذلك اليوم الذى قاموا فيه بتدمير الرصيف البحرى بالكرنتينة فى مواجهة السويس عندما شعر بهم العدو أثناء المهمة فقامت بعض دباباته بتصويب قذائفها على قواربهم وأثناء تفادى هذا القصف إصطدمت إحدى الدانات بسطح الماء وإرتفعت مرة أخرى بميل نحو القارب الذى كان يقوده ويضم ثمانية من أفراد مجموعته كان أقربهم إلى مكانه الرائد عصام الدالى مهندس عمليات المجموعة , والمقاتل عامر فأطاحت الدانة برأس عامر , وأطارت نصف رأس الرائد عصام الدالى وأدت شدة الانفجار إلى الأطاحة بالنقيب وسام فى الهواء وأمتلئ جسده بالشظايا ومنها شظية إخترقت عنقة ناتجة عن تناثر جمجمة الشهيد عصام الدالى , وبكل رباطة جأش عاد النقيب وسام بجثة زميليه , وباقى زملائه الأحياء إلى قاعدتهم . فى حين تمكن الرفاعى من تدمير تلك الدبابة ..
ومرة أخرى بعد أن قامت المجموعة بقصف أحد مواقع العدو برأس محمد بشرم الشيخ بجنوب سيناء ، و فى محاولة التخلص من مطاردة إحدى طائرات العدو الحربية لزورقهم بعد الأنتهاء من العملية حيث كان الوقت ليلاً والقمر بدراً وصفحة المياه ناصعة ، وطيار طائرة العدو الحربية مصراً على الفتك بهذا الزورق المصرى بما يحمله من مقاتلين الذين دمروا أحد المواقع الساحلية للعدو الاسرائيلى ، إستعمل الطيار الاسرائيلى طلقات مدفع الطائرة الرشاش ، وناور الربان وسام أكثر من مرة ، كان وسام ينطلق فى طريقه فى خط مستقيم ، وكانت السوبر مستير جميع الاجواء تأتى من خلفه مباشرة وتصوب طلقاتها أمام الزورق لكى يندفع الزورق بسرعته فيدخل فى خط مرور الطلقات ، ولكن وسام بمهارته بمجرد سماع ضجيج محرك الطائره خلف زورقه وإنطلاق أول دفعة من طلقات رشاشها كان يتوقف بزورقه فجأة ثم ينطلق بزاوية 90 درجة إما إلى اليمين أو إلى اليسار ، ويحاول الطيار مرة بعد الأخرى و لعلم وسام بان الطيار لا يستطيع الاستمرار اكثر من 15 دقيقه ظل يناور وينجح فى كل مره حتى يشعر الطيار بعدم جدوى المناوره مع قرب انتهاء وقودالطائرة ، وبعد التخلص من الطائره يجد وسام انه قد اقترب من السواحل السعوديه فيعيد تصحيح اتجاه الزورق ليصل الى نقطة العوده بكل مهارو وحنكة .
مواجهة وتحدى للموت ، وإصرار على تنفيذ المهام مهما كانت النتيجة ..
نعم الرجال أنتم أبطال رحم الله شهدائكم .. وأطال الله عمر أحيائكم ومنحهم الصحة والعافية .. وبكم وبأمثالكم تحيا مصر شامخة مرفوعة الرأس دوما رغم المحن .
ترك المقاتل وسام الخدمة العسكرية فى 1/1/1976 بناء على طلبه برتبة
الرائد متقاعد بعد أن حصل على الأنواط والنياشين التالية :
- نوط الشجاعة م الطبقة الأولى (مرتين)
- وسام الجمهورية من الطبقة الأولى .
- وسام النجمة العسكرية من الطبقة الأولى .
- وسام الترقية الاستثنائية .
واتجه للعمل كمرشد بحرى بهيئة قناة السويس , ولا يزال يعمل بجد وإخلاص وكل الحب لبلده وهو الآن كبير مرشدين ممتاز بالهيئة منوط له بقيادة أكبر السفن حجماً ، وحمولة ، وأكثرها غاطساً داخل المجرى الملاحى لقناة السويس وقد حصل أثناء ذلك على العديد من الدورات ، والشهادات ، والدرجات العلمية ، منها :-
- شهادة ربان أعالى البحار عام 1972.
- دورة متخصصة فى علوم الملاحة البحرية عام 1972.
- دبلوم الدراسات العليا فى علوم البيئة البحرية عام 1993.
- دبلوم الدراسات العليا فى فى علوم التلوث البحرى عام 1993.
- دورة مدرب مرشدين بحريين على فن عمل مناورات السفن من بورت ريفل بفرنسا عام 1996.
- حاصل على الشهادة الدولية من الاتحاد الدولى لرياضة الغوص ( C.M.A.S) مدرب نجمتين .
- أنتدب للعمل لمدة عامين ما بين مارس 90- مارس 1992 للعمل بجامعة قناة السويس مديراً لمركز علوم البحار بشرم الشيخ .
وهو يرى ضرورة تحصن الشباب بالعلم والأرتقاء بأنفسهم لملاحقة أحدث ما وصل إليه العلم الحديث بتثقيف أنفسهم لكى يكونوا تكنولوجياً وثقافياً على مستوى العالم المحيط بنا ولا نصبح متخلفين عنه
المقاتل البطل محمد طه يعقوب
صاحب اشهر علامة نصر في التاريخ الحاصل على الشرف الوطنى في المشاركة بحرب اكتوبر المجيدة ، واحد ابطالها البواسل ،
يروي يعقوب قصة التحاقة بصفوف الابطال قائلا: انه التحق بالجيش عقب هزيمة1967 وبالرغم من حصوله على تأجيل من القوات المسلحة وكان يعمل مدرسا بعد التخرج من الجامعة لكن اصراره على ارتداء الزى العسكرى الناتج عن حبه لوطنه كواحد من الاف المصريين الذين سعوا للتطوع في هذا الوقت خصوصا وانه احد ابناء بورسعيد الباسلة ورأي بعينه ما فعله الاحتلال في حرب 56 باهلها وتهجيرهم ثم العدوان المتكررمن العدو الاسرائيلي علي المدينه
وتحقق حلم محمد والتحق بالجيش مجندا مقاتل بسلاح المشاه ميكانيكا باحد كتائب الجيش الثالث الميدنى. واضاف يعقوب بمناسبة الذكري انتصار حرب اكتوبر٧٣ ان التحاقه بالعسكرية المصرية كان شرفا كبيرا للمشاركة فى الدفاع عن الوطن الذى كان يتعرض للاحتلال من قبل العدو الاسرائيلى.
ساعة الصفر
لم نتوقع قيام الحرب بالرغم من التدريبات الشاقة التي نقوم بها علي ارض مشابهة لمسرح العمليات بسيناء وكنت احلم انا وزملائي بليلة العبور لدرجة انه فى ليلة 5 اكتوبر عندما ابلغونا بالاستعداد لم يبلغونا بانه يوم العبور اعتقدنا انه مشروع حرب، ولكن عندما سمعنا ازيز الطائرات المصرية تحلق فى السماء فوق رؤسننا متجه الي سيناء ورائيناها تقوم بضر الابراج الابراج الاسرائيلية الموجودة خلف القناة والساتر الترابي تلاشت من ذاكرتنا عندما كنا نرى الاسرائيلين يسبحون فى القناة ويظهرون امامنا وكانها بلادهم وكنا ننتظر الاوامر من اجل اخراجهم من ارضنا الطاهرة التى نفنى حياتنا من اجل عزتها وكرامتها لان عقيدتنا هى النصر او الشهادة وكانت سعادتنا انا وزملائي لا توصف بالعبور
معركة جبل المر
كانت مهمتنا احتلال منطقة عيون موسى والقضاء على العدو بمنطقة ” جبل المر” في الساعة الثانية والنصف قمنا بعبور قناة السويس باسلحتنا الخاصة وبدون اى معدات ثقيلة من مركبات سواء دبابات او عربات قبل اقامة الكباري وازالة الساتر الترابي وكانت قوة الكتيبة 22 مقاتل برتب مختلفة وعقب العبور فوجئنا بانتشار 22 دبابة اسرائيلية وكلفنا القائد باطلاق الرصاص فى الهواء حتي لا يعرف العدو تسليحنا وانتشرنا فى كل انحاء جبل المر واخذنا نناورهم ونحن نحيط بهم من الخلف حتي لا يعتقدوا ان عددنا قليل خاصة وان معداتهم كثيرة وكنا نطلق الرصاص من اسلحتنا الخاصة فى الهواء مع ترديد الله اكبر من كل اتجاه مما اصاب العدو برعب وفور انتهاء الذخيرة صدرت لنا اوامر اخري بحمل ” الطوب” لاوهام العدو بانها قنابل وكانت
فعلا اراداة الله وعونه فى تحقيق النصر ان يقذف الرعب فى صدور العدو حيث خرج افراد الدبابات الاسرائلين رافعين رايات الاستتسلام واسرنا يومها العشرات منهم وسيطرنا على المنطقة التى كانت اكثر عرضة للقذف الاسرائيلى
سر علامة النصر الشهيرة
بعد انتهاءالحرب حصولي علي اجازة واثناء عبوري لاحد الكباري قابلي مراسل عسكري وطلب مني عمل حوار وتصويري بجوار الجسر وخلفي الضفة الشرقية وسيناء فتذكرت ان خريطة سيناء الغالية وهي مثل علامة النصر فقت تلقائيا بعملها
ولاقت الصورة اعجاب الناس الا الاسرائيليين الذين هزمناهم شر هزيمة وقالوا في صحفهم انظروا الجنود المصريين يتصورون وبدلهم مقطعة او لا يعلمون انني كنت عائدا من الجبهة بعد ما لقنتهم انا وزملائي درسا لن ينسوه تركنا لكم الملابس الفارهة والهزيمة الساحقة
وفاة ابنتي الاولي
قبل الحرب بحوالي شهر كنت في اجازة لاري ابنتي التي ولدت وانا علي الجبهة وكنت فرحان جدا بيها وعدت الي الجبهة وانا اتخيل شكلها وكل يوم بعد ساعات من القتال اجلس مع زملائي واوصف لهم شكلها واتخيلها وهي تكبر يوما بعد يوما وانا غائبا عنها وبعد مرور شهور لم ارها اخذت اول اجازة بعد الحرب وانا في قمت سعادتي بالنصر واسترداد ارضنا وكرامتنا وباني ساري ابنتي الجميلة بعد غياب لافاجأ بزوجتي تقول لي انها توفت منذ شهور بعد سفرك مباشرة انتابني حالة من الحزن الشديد لاني كنت افكر فيها وارسمها في خيالي وهي ماتت وانا لم اكن بجوارها وقصرت في علاجها شعور فظيع اضاع مني فرحة النصر ولكن سرعان ما استعدت قوتي وتذكرت انها ارادة الله فالوطن اغلي من الحياة واغلي من الابناء
مصر وقت الحرب
أكد يعقوب ان مصر اختلفت كثير عن الماضى فقبل حرب اكتوبر كنا نقف فى طوابير للحصول على السمن والارز والسكر وفرخة كل اسبوع وكانت كل فئات الشعب تسعى لمساندة المجهود الحربى ،وتقف خلف قواتها المسلحة ولابد ان يعرف الجميع من ابناء هذا الجيل التاريخ بان مصر عاصرت وواجهت الكثير ويجب ان نحافظ على ما نحن فيه الان من امن وامان والكثير من الخير بالرغم من الحرب الشرسة التي نتعرض لها والتي تفوق حرب الاستنزاف وحرب اكتوبر بمراحل ونقف خلف جيشنا وقيادتنا لنعبر بمصر مرة اخري الي الامان وسط مطامع كبيرة ووسط حروب دائرة حولنا في الدول الشقيقة
ما أخذ بالقوة لا يسترد الا بالقوة
يقول اللواء محمد الغبارى، مدير كلية الدفاع الوطنى الأسبق بأكاديمية ناصر العسكرية ومستشار أكاديمية ناصر، إن فترة إعداد الدولة المصرية لحرب السادس من إكتوبر ٧٣ ضد إسرائيل بدأت عقب حرب يونيو 1967 مباشرة، وذلك من خلال سعى مصر السياسى والدبلوماسى الى المنظمات الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة، وإلي الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتى
وقد حققت مصر مكاسب دبلوماسية من هذه التحركات تمثلت فى إدانة العدوان الإسرائيلى على مصر والأراضى العربية، وإصدار القرار رقم 242 من الأمم المتحدة الذى يطالب إسرائيل بالانسحاب من الأراضى المحتلة، الا أن اسرائيل لم تنفذ القرار واستمرت فى الاحتلال،
وأوضح الغباري خلال حديثه ” للرأى” أن مصر بدأت فى تجميع القوى العربية للضغط على المجتمع الدولى وتوصلت الى شعار «ما أخذ بالقوة لا يسترد الا بالقوة» فى توصيات مؤتمر القمة العربية فى الخرطوم، الذى عقد فى 29 أغسطس 1967، بمشاركة رؤساء إحدى عشرة دولة عربية، هى دول المواجهة “مصر والأردن وسوريا” وهى الدول التى هزمت فى الحرب.
الرئيس السادات و توحيد الصف العربي قبل نصر أكتوبر 73
كشف اللواء محمد الغباري الخبير العسكري، ومستشار أكاديمية ناصر العسكري العليا، أن الرئيس الراحل أنور السادات قام بدور دبلوماسى كبير واستطاع أن يوحد القوى العربية فى تحالف واحد قوى والتنسيق لتنفيذ الحرب واستعادة الأرض فى ظل تعنت إسرائيل ورفضها لكل سبل السلام، وتجلت تحركات السادات وعصمت عبدالمجيد فى الأمم المتحدة وكواليسها للتغطية على استعدادات مصر للحرب.
بناء القوات المسلحة استعداد للحرب
أوضح اللواء الغبارى أن مصر استطاعت أن تعيد بناء القوات المسلحة، وإدخال نظم تدريب على كل ما هو أساسى للحرب، بالإضافة إلي شراء أسلحة استعداد لمعركة النصر والاهتمم بالتدريب والفرد المقاتل، وكذلك التدريب على مسارح مشابهة لمسرح عمليات الحرب، عن طريق إنشاء “سواتر ترابية” مماثلة لخط برليف على ضفة النيل وتدريب القوات على عبورها.
كما تم تطوير أسلحة المشاه واستبدلت الدبابات القديمة بالدبابات الحديثة وكذلك تم إحلال المدفعية القديمة بأخرى متطورة وتم شراء طائرات حديثة وأسلحة دفاع جوى وإدخال طرازات جديدة من الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى مثل sam الى جانب الصواريخ الطويلة المدى وكذلك تطوير معدات المهندسين العسكريين وأجهزة الكشف عن الألغام وإدخال أسلحة غير تقليدية ابتكرها مهندسون مصريون مثل قاذفات اللهب المحمولة على الأكتاف ومسدسات المياه التى استخدمت فى هدم خط برليف الرملى.
إعداد الفرد المقاتل
قال اللواء الغباري أن القيادة العامة للقوات المسلحة أصدرت توجيهاتها قبل نصر أكتوبر،التدريب على العمليات بدءا من إعداد الجندى للقتال حتى إعداد الوحدة والوحدة الفرعية للتشكيل للحرب، والتدريب على أسلوب اقتحام الموانع المائية والنقاط القوية المشرفة على حمايتها، وأسلوب الدفاع عن مناطق التمركز والوحدات والمعسكرات .
كذلك إجراء المشروعات سواء على مستوى القيادة التعبوية والإستراتيجية، أو المشروعات التكتيكية للجنود على موضوعات الهجمة المنتظرة من العدو، واستمرار وتكرار هذه المشروعات ضمن ما سمى بـ «خطة الخداع الاستراتيجي» التى وضعها المشير محمد عبدالغنى الجمسى والتى أوحت للعدو وقتها بعدم جدية مصر فى اتخاذ قرار الحرب.
اقتصاد الحرب
كشف اللواء محمد الغباري المستشار باكاديمة ناصر العسكرية العليا، ان الاقتصاد المصري تحول ا قبل نصر العاشر من رمضان الي «اقتصاد الحرب» ويعنى تعبئة جميع المصانع ومنتجاتها لاستيفاء احتياجات القوات المسلحة أولا، كاشفا أن الدولة لجأت ضمن خطتها فى خداع العدو إلى توقيع تعاقدات دولية لتوريد السلع الإستراتيجية مثل القمح على مديات زمنية غير منتظمة حتى لا تلفت انتباه العدو إلى أن الدولة تقوم بتخزينها، وقد تم تحقيق الاحتياطى اللازم من هذه السلع ليكفى احتياجات الدولة لمدة 6 أشهر قبل الحرب مباشرة.
إعداد مسرح العمليات من أجل الحرب
أوضح اللواء محمد الغباري أنه تم إعداد أراضى الدولة كمسرح لعمليات للحرب من خلال إنشاء الطرق اللازمة لتحرك القوات، وكذلك إنشاء التحصينات على أرض المعركة وزرع الألغام اللازمة لتأمين مسرح العمليات من العدو، كما تم إنشاء مطارات عسكرية جديدة وتحصينها بـ «الدشم» وإنشاء شبكات المواصلات السلكية واللاسلكية وخطوط الإمداد بالوقود والمياه فى مسرح العمليات لتسهيل عملية العبور الى الضفة الشرقية، وإنشاء الملاجئ للمدنيين فى المدن والقرى لحمايتهم من تأثير نيران العدو حول الأهداف الحيوية التى قد يستهدفها فى تلك المناطق.
لحظة الهجوم ا”لمصري – السوري” علي إسرائيل
قال اللواء محمد الغباري الخبير العسكري والمستشار بأكاديمية ناصر العسكرية العليا أن عُنصر المفاجآة، هو سبب رئيسي لنجاح نصر أكتوبر 1973 حيث قامت القوات المصرية والسورية بالهجوم علي قوات العدو الإسرائيلي في توقيت واحد على الجبهتين وكانت الهزيمة الكبرى للجيش الإسرائيلى وكان حجم الخسائر الضخمة فى القوات الإسرائيلية أحدث انزعاجا مهولا للولايات المتحدة التى قامت بالإمداد المباشر لإسرائيل وعلى جبهات القتال بالمعدات والأسلحة وتعويضها عن خسائرها.
قبول المفاوضات
تم قبول مصر وسوريا الدخول فى مباحثات فك الاشتباك الأول والثانى بوساطة هنرى كيسنجر وزير خارجية الولايات المتحدة الامريكية على الجبهتين المصرية والسورية من أجل إنسحاب القوات الإسرائيلية من غرب قناة السويس والإنسحاب من القنيطرة فى الجولان من خلال فك الاشتباك والدخول فى مفاوضات الحل السلمي، ولكن سوريا توقفت عن المفاوضات واستمرت مصر وعقدت معاهدة السلام مع إسرائيل فى مارس 1979م وأعلن الرئيس السادات أنها آخر الحروب بين مصر واسرائيل.