محمود حبسه يكتب : لماذا محاولات النيل من جيش مصر؟

لا يستعصي على الفهم تكرار تلك المحاولات المحاولة تلي الأخرى وبإصرار غريب للنيل من الجيش المصري من سمعته ومن عزيمة رجاله جنوده وقياداته ومن قدراته وآلياته ومن خططه وأهدافه ومن مبادئه وثوابته وعقيدته، حالة من التعجب والاستغراب قد تصيب البعض مع تكرار هذه المحاولات وتعددها من داخل الأمة ومن خارجها بل ومن داخل الوطن ذاته، الموضوع لا يستعصي على الفهم مع التدقيق فيما جرى للأمة العربية على مدار السنوات القليلة الماضية في محاولة لفهم الأسباب والدوافع منذ بدأت أحداث ما يسمى “الربيع العربي”، بل وبالرجوع قليلا إلى ما قبل ذلك، منذ قررت أمريكا غزو العراق وكانت أولى أولوياتها تفكيك الجيش العراقي، ثم إضعاف الجيش السوري فيما بعد وحصاره بآليات وحشود عسكرية أمريكية وروسية وإيرانية وتركية إضافة إلى المليشيات الإرهابية التي تختلف ولاءاتها وانتماءاتها، وبالتزامن مع كل ذلك طلعات وضربات جوية إسرائيلية لمواقع الجيش السوري ومراكز القيادة والمقار التابعة له في دمشق ذاتها.

السؤال ماذا تبقى من القدرة العسكرية العربية وما هو الجيش العربي القادر على المواجهة؟ لا خلاف أنه الجيش المصري، ما هي القوة القادرة على حماية أراضينا ومقدراتنا العربية من الخليج العربي إلى المحيط الأطلسي لا سيما في ظل وضع سياسي غير مستقر في دولة مثل الجزائر؟ بالتأكيد هو الجيش المصري، ما هو الجيش القادر على صد أطماع إيران في الخليج ودعم الأشقاء هناك؟ لا خلاف هو الجيش المصري، ما هو الجيش الذي لم تستطع كل قوى وجماعات الإرهاب النيل منه أو اقتطاع جزء من أرض دوله هو يحميها بعد الله؟ بالتأكيد أنه الجيش المصري، ما هو الجيش الذي يستطيع منازلة الدولة التي كانت وستبقى العدو الأول لأمتنا العربية وهي إسرائيل إذا أصبحت المواجهة خيارا لا بد منه؟ بالتأكيد أنه الجيش المصري، هذه الحقيقة لم يفهمها الكثيرون في الأمة العربية وفهمها البعض فأصابتهم بالحقد والحسد ولذا فهي أمة لم تبلغ رشدها بعد رغم كل ما مر بها من خبرات وتجارب ورغم كل المآسي والمؤامرات التي حيكت ضدها ورغم كل المخططات ومحاولات فرض الهيمنة والتبعية ورغم كل سيناريوهات سرقة ثرواتها ومقدراتها بكل السبل بالخداع أحيانا وبالتضليل أحيانا والابتزاز أحيانا.

ولأن الجيش المصري هو كل ذلك فإن الحرب على هذا الجيش متواصلة ومستمرة عسكرية تمارسها جماعات البغي والإرهاب في سيناء وغيرها من محافظات مصر وقد حقق الجيش فيها نصرا مؤزرا، وإعلامية تتواصل صورها وأشكالها من فيلم “العساكر” لقناة الجزيرة القطرية مرورا بحملات التشكيك والتشويه التي تمارسها قنوات جماعة الإخوان الإرهابية المقيمة والمدعومة من تركيا انتهاء بما قام به ممثل مغمور وصاحب شركة مقاولات كان يعمل مع الجيش المصري لمدة 15 عاما، فما بثه من فيديوهات تسيء إلى الجيش المصري وقياداته ليس سوى محاولة أو حلقة في هذا المسلسل القذر الذي يستهدف جيش مصر ويسعى للنيل منه بكل السبل، القضية أكبر بكثير من كونها خلاف على مستحقات مالية لأن المقاول صاحب الفيديوهات المسيئة كون ثروات طائلة من خلال عمله مع الجيش المصري فاسمه غير معروف في القطاع المدني، والقصة ببساطة أنه تحين الفرصة للانقلاب على الجيش بدعوى وجود خلاف معه بعد أن صدرت له الأوامر وبعد أن هيأ له من يقف وراءه سبل الهروب إلى الخارج وما يؤكد ذلك هذا الترويج الإعلامي لفيديوهاته وهذا التلقف لها من قنوات الجزيرة والشرق ومكملين وغيرهم لا سيما أن هذا المقاول المدعو محمد علي بدأ في توجيه قذاراته للقيادة السياسية، بما يؤكد أنه يستهدف النظام الحالي وأنه يسعى لتحقيق أهداف جماعة الشر والإرهاب جماعة الإخوان التي تعادى الدولة المصرية منذ ثورة 30 يونيو.

فيديوهات محمد علي حلقة في هذا السيناريو القذر الذي يسعى للنيل من الجيش المصري تضاف إلى ما سبقها من حلقات على صعيد الحرب الإعلامية التي تشنها قوى وجماعات ضد مصر مثل حلقة فيلم العساكر لتحقيق ذلك الهدف من خلال أفلام يفترض أنها وثائقية وهي أفلام مفبركة أبعد ما تكون عن الحقيقة، ولا جدال أن الجزيرة لم تفعل ذلك من تلقاء نفسها فهي تنفذ سياسة وضعتها لها دولة قطر عراب الأمريكان في المنطقة والمحرك والدافع الأول للفوضى بها بعد أن تصورت أنه حان الوقت لتنفيذها بعد ثورة 30 يونيو 2013 وحالة الانفلات الأمني التي أصابت مصر، وتأتي الأيام لتؤكد لقطر ومن يقف معها ويساندها من خلف الستار بأنهم جميعهم واهمون فالجيش المصري يستمر في مخططات تحديثه وتسليحه بأحدث ما في الترسانة العسكرية العالمية من سلاح والأهم أن مصر تعتمد سياسة تنويع مصادر السلاح لتحقيق أكثر من هدف الأول ألا يكون قرارها السياسي مرتبطا بأحد، والثاني أن تستفيد بكل ما في العالم المتقدم من خبرات وتكنولوجيا عسكرية متطورة، وعلى نفس الصعيد يحقق الجيش المصري هذا الانتصار المبهر على الإرهابيين ويلحق بهم هزيمة ساحقة, وهو ما أثار حنق وغيظ أعداء مصر.

سيناريوهات الإساءة للجيش المصري تستهدف تحقيق هدف أبعد بكثير من توجيه إساءة لقياداته وهو ضرب هذه اللحمة وهذا الترابط القوى بين الجيش والشعب المصري وهما لحمة وترابط لا مثيل لهما في العالم، والأمر الأهم من هذا السيناريو هو فقد الثقة في الجيش فيتوقف الجيش عن الدور المدني الذي يقوم به لخدمة الدولة المصرية ويمتنع عن استكمال ما يقوم به من مشروعات مدنية بدعوى عدم التورط في شبهات فساد فتتعطل بذلك خطط مصر نحو البناء والتنمية ويتحقق لأعدائها بعض ما يصبون إليه.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.