إبراهيم نصر يكتب : وذكرهم بأيام الله

بعيداً عن فضل صيام يوم عاشوراء ومراتب صيامه التى سنذكرها فيما بعد، فإن المصريين منذ القدم فى عصر الدولة الفاطمية كانت لهم طقوس خاصة قد تندرج – مع حسن الظن – تحت الأمر بالتذكير بأيام الله، قال تعالى:”..وذكرهم بأيام الله” وذلك التذكير بمثابة الأدلة التى توضح الطريق أمام المؤمن، وتعطي له العبرة والعظة، وترغبه فى الطاعة.

وما زالت الدولة المصرية تحرص على الاحتفال الرسمى بهذا اليوم فى مسجد حفيد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – مولانا الإمام الحسين  – رضى الله عنه وأرضاه – بأمسية دينية تتضمن قراءة للقرآن الكريم وكلمه يلقيها أحد العلماء عن هذه المناسبة، ثم ابتهالات ومدائح نبوية، وقد يمتد الاحتفال بإقامة بعض الندوات أو السهرات الدينية فى مختلف المساجد.

ولا يخفى على أحد أن كثيرا من مظاهر الاحتفال بهذا اليوم قد انقرضت، فقد كان هذا اليوم فى العصر الفاطمي بمصر القديمة عيدا رسميا تغلق فيه الأسواق ويخرج المصريون للاحتفال إلى مسجد الحسين، كما كان المصريون قديما  يصنعون الحلوى المخصصة لعاشوراء من القمح والنشا والحليب، بالإضافة لإطلاق البخور في المنازل بسبب أسطورة انتشار الجن يوم 11 محرم، حيث ظهر مسمى “الميعة المباركة” في مصر ويقصد بها البخور الذي يستخدمه المصريون للوقاية من الجن الحسد.

كما احتفل المصريون في عهد دولة المماليك بتعليق الزينات والمواكب وإنشاد الأناشيد، بالإضافة لإعداد الموائد التي تتكون من اللحوم والأرز والسكر والعسل.

تلك العادات انقرضت بشكل كبير في مصر الحديثة، باستثناء عدد قليل من المصريين المتمسكين بصنع “حلوى عاشوراء” ثم تقوم الجارات بتوزيعه على بعضهن بعضا.

لا شك أن تلك العادات كانت تسهم بشكل كبير فى تعريف الأجيال الناشئة بفضل صيام يوم عاشوراء، وأنه من أفضل الصيام بعد رمضان الصيام فى شهر الله المحرم، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم فى يوم عاشوراء” أحتسب على الله أن يكفر السنه التى قبله”، ويعتبر اليوم العاشر من شهر محرم هو يوم عاشوراء عند المسلمين، وهو من الأيام المستحب صيامها عند أكثر أهل العلم، وقد ورد في ذلك الكثير من الأحاديث التي تذكر فضل يوم عاشوراء وأجر صيامه.

وبناء على هذه الأحاديث وغيرها، فإن العلماء قالوا إن مراتب صيام يوم عاشوراء تكون ثلاثة، حيث قال ابن القيم فى كتابه “زاد ‏المعاد فى هدى خير العباد”: “فمراتب صومه – أى عاشوراء – ‏ثلاثة: أكملها: أن يصام قبله يوم وبعده يوم، ويلى ذلك أن يصام التاسع والعاشر، وعليه ‏أكثر الأحاديث، ويلي ذلك إفراد العاشر وحده بالصوم، كما أن ابن حجر قد ذكر هذه المراتب في كتابه “فتح الباري فى شرح صحيح البخارى”.

وقد كان السبب الرئيس وراء تشريع صيام يوم عاشوراء هو أن الله سبحانه وتعالى قد نجى فيه سيدنا موسى – عليه السلام – وقومه بنى إسرائيل من بطش فرعون وملئه، وليس مقتل الحسين فى موقعة كربلاء كما يظن بعض فرق الشيعة ويحتفلون بهذا اليوم بلطم الخدود وشق الجيوب وتشريح الجلود، بما لا يقره شرع ولا دين صحيح.

ويستحب التوسعة على الأهل يوم عاشوراء لما ثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ وَسَّعَ عَلَى أَهْلِهِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَسَّعَ اللهُ عَلَيْهِ سَائِرَ سَنَتِهِ» أخرجه البيهقي في “شعب الإيمان”، قال ابن عيينة: قد جربناه منذ خمسين سنة أو ستين فما رأينا إلا خيرًا.

Ibrahim.nssr@gmail.com

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.