إبراهيم نصر يكتب: قائمة الشهداء

لا شك أن من كتب الله له الشهادة فى الدنيا، اسمه مكتوب فى قائمة الشهداء منذ الأزل فى علم الله تعالى.

ولو أنك قلت لأى إنسان يمر من أمام معهد الأورام يوم وقوع الحادث الأرهابى الخسيس: إن هذه المنطقة سيسقط فيها ٢٠ شهيدا بعد دقائق أو بعد ساعات، لقال: إنك مجنون، لأن أحدا لا يعلم الغيب إلا الله.

ويقينا أن السيارة المفخخة التى انفجرت جراء تصادمها مع ميكروباص أثناء سيرها عكس الاتجاه، لم تكن تستهدف هذا الميكروباص ولا سائقه، ولا من فيه، ولا أى أحد كان فى محيط التصادم، ممن سقط من الشهداء،ولم تكن تستهدف كذلك معهد الأورام نفسه كما يتصور البعض.

والإرهابى قائد السيارة لم يكن يعلم أنه سيتحول إلى أشلاء متناثرة فى هذا المكان تحديدا، ومن خطط ودبر سواء كان يستهدف مكانا آخر بعينه أو أشخاصا آخرين لم يخطر بباله هذا “السيناريو” الذى وقع به الحادث، ولا ردود الفعل الإيجابية التى رأيناها ونراها مع كل حادث إرهابى جبان.

وأكبر دليل على أن هؤلاء الإرهابيين لا عقل لهم، أنهم فى كل مرة يقومون فيها بعملية من هذه العمليات، يرون أن النتيجة تكون عكس مرادهم، ومع ذلك نجدهم يصرون على الاستمرار فى الانتحار وتحمل الأوزار.

فإذا كان المقصود من عملياتهم تلك هو الفت فى عضد الدولة، والنيل من أستقرارها وزعزعة أمنها، فإن الواقع يؤكد أن الدولة تزداد صلابة وتكاتفا ويشتد عودها أكثر وأكثر، ويظهر معدن الإنسان المصرى بل العربى الأصيل، مع كل محنة التى تتحول بإرادة الله وقدرته أولا، ثم بإرادة هذا الشعب العظيم إلى منحة تعود بالنفع العام ليس على الشهداء وحدهم الذين فازوا بالجنة، ولا على ذويهم الذين تحوطهم الدولة بكل الرعاية، وينالوا كل التقدير من المحيطين بهم جميعا، إنما يمتد هذا النفع إلى يقظة الوعى العام الذى يتكاتف فى صورة رائعة لإصلاح ما أفسده هؤلاء المجرمون، وإعادته إلى أحسن مما كان، وقد رأينا ذلك على أرض الواقع فى كل مرة دون كلل أو ملل، بل يزداد الشعور العام بضرورة مجابهة الإرهاب بكل صوره وأشكاله، وعدم التعاطف مع أى جماعة ترعى الإرهاب وتدعمه، أو تسكت عن مقاومته، أو تبدى شماتة وفرحا حين وقوع تلك الحوادث الإجرامية.

نعود إلى قائمة الشهداء التى لا يمكن أبدا أن يتحكم فيها هؤلاء الخونة الجبناء، وإنما هى مطلق إرادة الله ومشيئته، فمن كان مستهدفا ونجا لا يعلمه إلا الله ولم تكتب له الشهادة بعد، وإنما اراد الله لغيرهم أن يكونوا فى قائمة الشهداء.

ولو يعلم أهل الشهداء وذويهم ما أعد الله لهم من عظيم الثواب، ما حزنوا ولا أقاموا المآتم، وأقاموا الأفراح التى يتلقون فيها التهانى.

إنها إرادة الله يا سادة، وقضاؤه وقدره الذى لا يقوى على رده أحد كائنا من كان.

وفى النهاية نقول لفلول الإرهاب: موتوا بغيظكم، فلن يزيدنا إرهابكم إلا تكاتفا وتعاونا وتمسكا بالمضى فى طريق البناء والتعمير، ولن يزيدنا إلا حبا لبلادنا وخوفا على أوطاننا، وبغضا لكم ولكل من يرضى بأفعالكم، أو يفرح لفرحكم أيها القتلة الجبناء.

اللهم ارحم شهداءنا، وألهم ذويهم الصبر والسلوان، واحفظ بلادنا من كل مكروه وسوء، وافتح لنا أبواب خيرات السماوات والأرض، وخلصنا يا الله من هؤلاء المجرمين الأشرار، وكل من يؤويهم أو يمدهم بمال، أو يرضى عنهم وعن قبيح أفعالهم.

وكل عام أنتم ومصرنا العزيزة الغالية بكل خير.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.