هل قضى جونسون على الديمقراطية في بريطانيا؟
اختار الشعب البريطاني الخروج من الاتحاد الأوروبي، ولكن حتى تلك اللحظة، لم تتمكن القادة السياسية من التوصل لاتفاق يرضي جميع الأطراف، يؤدي في النهاية إلى “بريكست”.
حدد التحاد الأوروبي مارس الماضي، موعدًا نهائيًا لحسم خروج بريطانيا، إلا أن المملكة المتحدة لم تتوصل لاتفاق نهائي في ذلك الوقت، بعد رفض البرلمان البريطاني المسودة النهائية لـ”بريكست”.
استقالت رئيسة الوزراء البريطانية السابقة، تيريزا ماي، من منصبها عقب فشلها في التوصل لاتفاق نهائي لـ”بريكست”، واختار حزب المحافظين، صاحب الأغلبية في المقاعد البرلمانية، بوريس جونسون، وزير الخارجية السابق لرئاسة الوزراء.
اختيار يبدو أنه لم يكن الأمثل في وجهة نظر القادة السياسية في بريطانيا وبخاصة المعارضة، نظرًا لأن لاتجاهات جونسون وآرائه المثيرة للجدل.
لم تمض سوى أيام على تولي جونسون منصبه، حتى أعلن تعليق عمل البرلماني البريطاني، حتى 14 أكتوبر المقبل، أي قبل أسبوعين على الموعد المُقرر لخروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، ما أثار غضب الأوساط السياسية في المملكة المتحدة.
وسيعود النواب إلى لندن بعد فترة طويلة، ما سيعطي النواب المؤيدون للاتحاد الأوروبي وقتا أقل من المتوقع لإفشال خطط جونسون المتعلقة ببريكست، قبل الموعد المقرر لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 31 أكتوبر.
وقال جونسون للصحفيين: “سنفعل ذلك في 14 أكتوبر”، وأوضح “سيكون هناك متسع من الوقت في جانبي قمة 17 أكتوبر الحاسمة، ومتسع من الوقت في البرلمان أمام نقاش النواب”.
وأعلن مجلس الملكة الخاص، موافقة ملكة بريطانيا على طلب الحكومة تمديد عطلة البرلمان لتصل إلى 23 يومًا؛ تبدأ في 9 سبتمبر المقبل وتنتهي يوم 14 أكتوبر القادم
وردًا على قرار جونسون اليوم، قال جون بيركو رئيس البرلمان البريطاني، إن خطوة رئيس وزراء بلاده بوريس جونسون بتعليق المجلس التشريعي “انتهاكا لدستور البلاد”.
وأضاف “إنه من الواضح أن هدف جونسون من تعليق البرلمان هو منع النواب من أداء دورهم ومناقشة اتفاق خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي”.
فيما أفادت وكالة “برس أسوسييشن” البريطانية بأن زعيم حزب العمال جيرمي كوربن وزعيمة الحزب الليبرالي الديمقراطي جو سوينسون كتبا للملكة إليزابيث الثانية للاحتجاج على طلب رئيس الوزراء بوريس جونسون تعليق عمل البرلمان بصورة مؤقتة .
ونقلت الوكالة عن كوربن القول إنه كتب الرسالة “للاحتجاج بأشد العبارات باسم حزبي”، وأضاف :”أعتقد أن كافة أحزاب المعارضة الأخرى ستنضم إلينا في هذا الشأن”.
وذكرت صحيفة “إندبندنت” البريطانية، أن أكثر من 500.000 شخص وقعوا على عريضة تطالب بوريس جونسون بإلغاء خطته لتعليق البرلمان قبل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي
وقال أمبر رود، وزير العمل والمعاشات البريطاني، إن تلك الخطوة ستكون “شنيعة”. بينما أكد ساجيد جافيد، وزير الخزانة البريطاني، أن تعليق البرلمان سيكون بمثابة “تحطيم الديمقراطية”.
المحلل السياسي البريطاني، والكاتب الصحفي في “الجارديان”، ديفيد هيرش، قال إن البرلمان ذو سيادة، وله الحق سحب الثقة، من رئيس الوزراء واختيار آخر جديد.
وأضاف أنه قد تكون هناك فرصة للبرلمان للتصرف، إما عن طريق استبدال جونسون أو تمرير تشريعات بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، أو قد يمنع نفسه من “تعليق عمله”، إلا أن العائق الوحيد هو أن البرلمان نفسه منقسمًا.
ويرى هيرش، أن البرلمان قد يغير الأمور مستقبلًا بشكل جذري، نظرًا لإمكانياته الواسعة لاتخاذ إجراءات قانونية.
وأكد أن بريطانيا تمر حاليًا بأزمة سياسية خطيرة للغاية، مؤكدًا أن قرار جونسون خطوة أخرى على طريق قد يؤدي إلى مكان “سيء للغاية”.