الكاتب الصحفي عبدالرازق توفيق يكتب : مصر تنتصر فى معركة الفوضى

يحمل شهر يناير ذكرياته المؤلمة وأحداثه الكارثية التى أدت إلى سقوط وضياع دول.. وحدوث خلل إستراتيجى فى المنطقة.. فجوة عميقة فى موازين القوة خروج دول وجيوش من المعادلة الإقليمية لكنها تبقى مؤامرة بكل المقاييس كانت ومازالت مصر هى الدولة الوحيدة التى نجت من مخطط الفوضى والسقوط.. لكنها تحملت فاتورة باهظة وكشفت عن معدن نفيس للمواطن المصرى وصلابة الدولة الوطنية وأنها عصية على السقوط والتقسيم والتبعية ويبقى الجيش المصرى العظيم هو صمام الأمن والأمان والاطمئنان الحارس الأمين لبقاء خلود هذا الوطن.
لم تكن 25 يناير 2011 ثورة على الاطلاق بل مخطط ومؤامرة استهدفت إسقاط الدول وتفكيك مؤسساتها وتدمير جيوشها وإشاعة الفوضى والإرهاب وإثارة الفتن والانقسام بين الشعوب وتقسيم الدول حتى لا تقوم لها قائمة.. لكن السؤال العريض هل حصدت الشعوب التى ثارت وخضعت للمؤامرة والمخطط وخدعت بشعارات قوى الشر الديمقراطية والحرية والازدهار والأمن والأمان والاستقرار؟.. الاجابة الواضحة والقاطعة لم يحدث بل كان الربيع المزعوم والمسمى بالعربى كارثة سالت الدماء وسقط عشرات الآلاف من القتلى واستنزفت ونهبت موارد الدول وثرواتها وشردت الشعوب وكان مصير الكثيرين مابين لاجئين.. فى دول شتى أو غرقى وضحايا فى عرض البحار والمحيطات.. أدت ثورات الربيع العربى إلى تقسيم ظاهرة الإرهاب والميليشيات والكيانات الموازية وتقسيم الدول وانقسام الحكم ما بين حكومات غربية وأخرى شرقية أو حكومات مختلفة.. ورغم مرور عقد ونصف العقد لم تعد هذه الدول إلى سيرتها الأولى ولم تجن سوى الخراب والدمار والتخلف والفوضى والإرهاب.
حصاد مر نتج عن ثورات الربيع العربى وأيضاً دروس كثيرة.. هناك دول عظيمة نجت واستوعبت الدروس وتسلحت بأعلى درجات القوة والقدرة وبنت نفسها على أسس عصرية وامتلكت أسباب البقاء والصمود أمام رياح المؤامرات والمخططات والنموذج والقدوة هى مصر الوحيدة التى نجت من مؤامرة خطيرة.
ما بين نتائج كارثية ودروس وجودية تهل علينا ذكريات يناير 2011 فالنتائج جاءت فى مصلحة الكيان الصهيونى خاصة عند الحديث عن دول الأزمات فى ليبيا والسودان واليمن وسوريا.. وجميعها خرجت من معادلة القوة العربية وباتت تهدد الأمن العربى خاصة فى ظل الوضع فى لبنان وفلسطين والعدوان الإسرائيلى الذى استمر على مدار عامين ومازال يناور ويحاول إعادة الكرة مرة أخرى لكنه مازالت تداعبه الأوهام.
يناير 2011.. كشف الوجه القبيح للجماعات المتأسلمة خاصة جماعة الإخوان الإرهابية التى لطالما تسترت بالدين وزعمت السلمية والوسطية وإذا بالجميع يكتشفون بما لا يدع مجالاً للشك انها مجرد أداة تنفذ مخططات ومؤامرات الكيان الصهيوني.. وهو ما كشفت عنه حالة التلاحم والدعم الإخوانى لإسرائيل وتنفيذ تعليماتها واستهداف الدولة المصرية بالأكاذيب والتشويه والتشكيك والتآمر على دول الأمة العربية.. وإشاعة الفوضى والإرهاب فيها ومحاولات وحملات لتزييف وعى الشعوب ورغم ان الجماعة الإرهابية لعبت دوراً كبيراً فى الربيع العربى وأحداث الخراب والدمار إلا أن الشعب المصرى العظيم تخلص من الإخوان فى ثورة 30 يونيو العظيمة وبذلك تكون مصر هى بلد نهاية هذا التنظيم الإرهابى الذى حاول إسقاط البلاد والتنكيل بالعباد وتسليم مصر لأعدائها.
يناير 2011 كشف عن المشروعات الإقليمية المتصارعة من أجل إقصاء مصر عن قيادتها ونفوذها ودورها وثقلها فى المنطقة وتسببت أحداث الفوضى وانشغال مصر بأمورها الداخلية وخسائرها الاقتصادية فى وجود خلل واضح وفجوة عميقة فى موازين القوة بالمنطقة لصالح إسرائيل على حساب العرب وتنامى الأطماع الإقليمية ولا قدر الله لو سقطت مصر لسقطت دول الأمة العربية خاصة انه كان هناك مخطط لذلك بعد الانتهاء من مصر ولكن مصر التى أحبطت المخطط.
الدروس المستفادة من أحداث الفوضى فى يناير 2011 كانت مهمة للغاية خاصة إذا تعلق الأمر بمصر العظيمة التى قررت بشكل واضح يرتكز على الإرادة بأن ما حدث لن يتكرر مرة أخرى.. واستفادت من الأخطاء الكارثية التى أدت إلى تزييف وعى قطاع من الشعب.. من هنا فإن الدولة المصرية بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى كان لها قبل 12 عاماً وقفة إستراتيجية اعتبرها وجودية.. قرأت فيها ما حدث منذ 2011 وحتى رحيل الإخوان المجرمين وشخصت الأسباب التى أدت إلى هذه الحالة ليس هذا فحسب بل قرأت مبكراً ما سيأتى وما تعيشه خلال السنوات الأخيرة من تحديات وتهديدات ومخاطر ومؤامرات ومخططات.. لذلك قرر الرئيس السيسى بناء دولة جديدة ترتكز على أعلى درجات القوة والقدرة على مجابهة التحديات وأخطر التهديدات وخاضت معركتين أراهما الأخطر فى تاريخ هذا الوطن الأولى معركة البقاء بالقضاء على الإرهاب والفوضى واستعادة هيبة الدولة وفرض الأمن والأمان والاستقرار والثانية اطلاق أكبر عملية تنمية فى تاريخ مصر وهى معركة البناء.
.. الحقيقة أن الدولة نجحت وانتصرت فى المعركتين ولذلك يحسب للرئيس السيسى ملحمتى الانقاذ والإنجاز ومعالجة ثغرات ونقاط ضعف الماضى وتحويل نقاط الضعف إلى قوة هائلة.. ولعل تأمين وجود الدولة وحماية أمنها القومى ومقدراتها استلزم فى رؤية القيادة تطوير وتحديث الجيش المصرى العظيم وتزويده بأحدث منظومات التسليح وفق إستراتيجية تنويع مصادر السلاح وتعظيم القدرة على التصنيع العسكرى لاحتياجات الوطن من السلاح.. وكذلك أعلى درجات الإعداد والتأهيل والتدريب وفق برامج عصرية.. لذلك بات الجيش المصرى أقوى جيوش المنطقة وأحد أقوى جيوش العالم.. قادر وبكفاءة وجاهزية وثقة على حماية الأمن القومى المصرى وامتداداته ومقدرات الدولة وفرض السيادة ولعل ما تعيشه مصر من أمن واستقرار فى محيط شديد الاضطراب يعود إلى امتلاكها جيشاً وطنياً قوياً وقادراً ومحترفاً وأيضاً فإن قوة وصلابة الخطوط المصرية الحمراء تعود إلى وجود جيش عظيم قادر على حمايتها.
بناء الدولة وتحصينها وتأمينها فى رؤية الرئيس السيسى لم يكن فقط على بناء القوة العسكرية الرداعة التى تحمى هذا الوطن ولكن بناء القدرة بالمفهوم الشامل والقدرة الاقتصادية والسياسية والخارجية والمجتمعية وهو ما يمكن مصر من فرض إرادتها وأيضا يحقق لها أهداف الاكتفاء والاستغناء بأكبر قدر ممكن وترسيخ ركائز صيانة وحماية استقلال القرار الوطنى بنسبة 100 ٪.. ولذلك تنامى الوعى فى العقل الجمعى المصرى وأصبح المواطن على اطلاع كامل بكل ما يواجه البلاد فى الداخل والخارج.. لذلك نجح مبدأ لن يتكرر ويستعد المواطن المصرى لحصد وجنى ثمار الإصلاح والنجاح والإنجاز.