الكاتب الصحفي عبدالرازق توفيق : الطفرة.. بين الرؤية.. ومعدن الشعب
ارتفاع تحويلات المصريين فى الخارج يؤكد أهمية الإصلاح النقدى

ليس غريبًا أن يكون الشعب المصرى العظيم هو سر الخلود والأمجاد، والانتصارات لهذا الوطن، وعبور التحديات والتهديدات والمخاطر، وهو يستحق وصف المارد الذى ينتفض إذا تعرضت البلاد لخطر، ودائمًا هو عنصر الحسم والنصر، لديه صبر عظيم، ووعى وفهم عميق لا يمكن لأحد أن يخدعه، ولا يمكن أيضا أن يكون معولاً للهدم والتدمير، أو يقبل المهانة لوطنه، دائمًا فى حالة اصطفاف حوله، يدعم ويساند ويصبر، ويضحى ويعطى، من أجل أن يبقى هذا الوطن شامخًا قويًا قادرًا لا تهزمه المؤامرات والمخططات والمكائد.
كان ومازال الرئيس عبدالفتاح السيسى، صاحب التوصيف العبقرى للشعب المصرى بأنه هو البطل، وهذه حقيقة أكدتها المواقف، وجسدها الاصطفاف، وشكَّلها الصبر والتحمل والعمل والوعى، سواء فى ميادين الدفاع من الوطن ومساندة مؤسساته، جيشه وشرطته ضد الفوضى والإرهاب، وفى الحروب على جبهات القتال سطًّر المصريون ملاحم تاريخية، لم ولن تسقط من ذاكرة التاريخ لم يقبلوا الانكسار فى 1967 صبر وتحمل وقرر الثأر ورد الاعتبار والكرامة، وانتصر أعظم وأروع انتصار فى غضون 6 سنوات فى معجزة العبور فى أكتوبر 1973 واستعاد الأرض والكرامة، هذا هو الشعب المصرى العظيم الذى تحمل ما لا تطيقه الجبال من أجل النصر، عانى على مستوى الظروف والأحوال الاقتصادية والمعيشة وعاش على 20 ٪ من الناتج المحلى، حيث كانت تذهب نسبة الـ80 ٪ إلى المجهود الحربى كل ذلك من أجل أن يرى لحظة النصر ويعيشها وهو أغلى عنده من الحياة.
فى أعقاب مؤامرة الربيع العبرى، وبث الفوضى ووصول الإخوان حكم مصر، ظن البعض أن مصر لن تقوم لها قائمة، لكنهم للأسف الشديد، لم يدركوا طبيعة الشعب المصرى ومفاجآته، وإذا به يقلب الطاولة فى وجه المتآمرين ويخلص وطنه من مؤامرة شيطانية استهدفت إسقاطه وتقسيمه، وأن يكون تابعًا تحركه قوى إقليمية ودولية من خلال تنظيم الإخوان الإرهابى، لكن من تابع واسترجع مشاهد ثورة 30 يونيو العظيمة، يدرك عبقرية المصريين وإنهم دائمًا صُنَّاع اللحظات الفارقة التى تنتشل الوطن وتعبر به إلى بر الأمان والخلود.
لم يكن قرار الإصلاح فى 2015 عاديًا، فقد دخل ثلاجة التأجيل والخوف على مدار عقود طويلة، خشية محاولات إثارة غضب الرأى العام، وحفاظًا على استقرار هش.
لكن الشعب المصرى، سطَّر ملحمة عظيمة، فى صبره، وفهمه ووعيه لحتمية الإصلاح الاقتصادى الشامل، وتحمل تداعيات قاسية للإصلاح تزامنت مع تداعيات الأزمات والصراعا والحروب الإقليمية والدولية، ورغم ذلك وقف إلى جوار وطنه، وحقق معجزة اقتصادية وتنموية، وتسبب فى نجاح الإصلاح.. ويستعد المصريون قريبًا لجنى الإصلاح مع العام الجديد، وخلال السنوات القادمة، وهو ما أعلنه الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء، سواء على مستوى الأجور والمرتبات، أو التشغيل وفرص العمل، أو الارتقاء بالخدمات الصحية والتعليمية وخلال المؤتمر الصحفى الأسبوع الماضى.. أكد أنه لا أعباء جديدة على المواطنين فى الاتفاقات الجديدة مع صندوق النقد الدولى وكل ما تحقق يعود إلى صبر ووعى وجهود المصريين، وأيضا فى ترسيخ الأمن والأمان والاستقرار، ورفضهم حملات الأكاذيب والتشويه والتحريض وإصرارهم على الحفاظ على مسيرة الوطن.
من هنا فإن الشعب المصرى، دائمًا يصنع الفارق والمعجزات لذلك استوقفنى خبر مهم، يقول إن تحويلات المصريين فى الخارج خلال 10 شهور من عام 2025 بلغت 33.9 مليار دولار.. بنسبة زيادة وصلت إلى 42.8 ٪ عن نفس الفترة من العام السابق.. وأتوقع أن تصل تحويلات المصريين فى الخارج إلى ما يقرب 40 مليار دولار ليكون رقمًا تاريخيًا مهمًا، يدعم الاقتصاد الوطنى ويدعم التدفقات الدولارية ومن العملات الأجنبية، وهو أمر مهم، تعكسه ارتفاع المؤشرات الكلية للاقتصاد المصرى ووجود أرقام إيجابية كثيرة سواء فى ارتفاع الاحتياطى من النقد الاجنبى، وكذلك تراجع الدولار أمام الجنيه، أو فى توفير احتياجات المصريين دون نقص أو عجز، وتحقيق الاستقرار فى سداد الالتزامات المصرية الخارجية الحقيقية أن أرقام تحويلات المصريين فى الخارج تعكس مدى ارتباطهم بهذا الوطن، ومواقفهم العظيمة، وأيضا نجاح السياسات الخاصة بالقطاع المصرفى والنقدى، وتحرير سعر الصرف والتى أدت إلى نتائج ايجابية.
ارتفاع تحويلات المصريين فى الخارج إلى أرقام غير مسبوقة يؤكد أهمية الإصلاح، وقد شهدت مصر إصلاحًا نقديًا ومصرفيًا نلمس نتائجه، لذلك من المهم أن نراجع سياسات عقود الماضى، حتى نجنى ثمارًا أكثر وهو ما يجرى فى مصر على مدار السنوات الماضية.
تحويلات المصريين فى الخارج وصلت إلى رقم لابد أن نتوقف أمامه كثيرًا وباهتمام شديد للعمل على البناء عليه والاستفادة منه، وتعظيمه وهذا يأتى من خلال الارتقاء وتطوير التعليم خاصة التعليم الفنى المتقدم وألا يكون هذا النوع من التعليم مجرد شهادة، ولكن يجب الاستثمار فى تطويره وتحويله إلى قيمة مضافة للاقتصاد ليس على مستوى الداخل فحسب ولكن الخارج والاستفادة من الانتشار وتوسع العمالة المصرية فى أسواق العمل الإقليمية والدولية من خلال برامج متقدمة للتعليم والتأهيل والتدريب، وحسنًا تفعل الدولة من خلال تبنى برامج التحول الرقمى والبرمجة والذكاء الاصطناعى وهو ما أكد عليه الرئيس السيسى مرارًا وتكرارًا، ويخلق فرص عمل عظيمة للشباب وبعوائد ومرتبات عالية للغاية لكن لا تختلف على أن تطوير التعليم الفنى والاهتمام به والاستثمار فى تخريج دفعات من العمالة المهرة والفنيين سواء بالاقتصاد على الحصول على شهادة التعليم الفنى أو استكمال التعليم فى هذا المجال فى الجامعات التكنولوجية والعملية ليكون هذا الاستثمار مصدرًا عظيمًا للدخل القومى من العملات الأجنبية، من خلال المصريين العاملين فى الخارج لذلك تحتاج رؤية عميقة وعصرية وشاملة للاهتمام بالتعليم الفنى وتطويره وإزالة الصورة الذهنية السلبية عنه فى المجتمع من خلال إتاحة استكمال الدراسة الجامعية وتأسيس جامعات اضافية لتحقيق هذا الهدف خاصة الجامعات التكنولوجية، والدولة، بالفعل، تتوسع فى المدارس اليابانية، وضرورة تشجيع إقامة المدارس الأجنبية للاستفادة من تجارب الدولة المتقدمة مثل ألمانيا والصين وكذلك تشجيع القطاع الخاص للتوسع فى إقامة مثل هذه المدارس الفنية وهناك تجارب ناجحة تخدم المشروعات والصناعة المصرية، أو تخرج للعمل فى الخارج فالتعليم الفنى لم يعد سد خانة أو شهادة والسلام بل هو المستقبل والاستثمار الحقيقى.
الحقيقة أن المصريين فى الخارج يستحقون التحية والتقدير والمصريون جميعًا فى الداخل والخارج يسطِّرون ملحمة تاريخية فى دعم وطنهم، والاصطفاف خلف قيادتهم، لذلك دائمًا وأبدًا «الشعب هو البطل».
تحيا مصر