الدكتور علاء رزق يكتب: وقود المستقبل نحو الأفضل (١)

مما لاشك فيه أن إستلهام أحداث الماضي يساعد إلى حد كبير في فهم الحاضر والتنبؤ بالمستقبل،بل قد نرى أن تجارب الماضي هى بالفعل وقود للمستقبل ،وهي رؤية تتسم بالحيوية والحركة، تعتمد على فهم عميق وتحليل رصين لتفاصيل الوقائع والأحداث التي مضت وانقضت.لذلك نؤمن تماماً أنه إذا أردنا أن نعرف المستقبل ، فلا بد أن ننظر أولا إلى الماضي، ففيه العبرة والعظة والجواب عن كثير من التساؤلات وحسم لكثير من الأوهام، وهو إيمان لم يمنع أحد الساسة المؤرخين مثل تشرشل من أن يتنبأ بما ستفعله بريطانيا في المستقبل مما فعلته في الماضي. ومزج الحكمة الكلية للتاريخ مع ما يجود به العقل والفؤاد من قدرة على التبصر، لذلك يمكن القول بأن مصر بقيادتها السياسية الحكيمة أكدت خلال العام المنقضى وهو عام 2025 وبخلاصة ما حدث فيه،يجعل باستطاعتنا التنبؤ بما سيجري خلال الأعوام القادمة، وهى ميزة تميزت بها القيادة السياسية أنقذت بها مصر من أزمات متعددة ومتعاقبة خلال السنوات الماضية ،بل إن هذه الميزة قد تكون أحد أهم علامات تصدر مصر للمشهد الإقتصادى خلال المرحلة القادم ، ما نؤكد عليه أن الاقتصاد المصرى يسير على مسار نمو مستقر ونظرة مستقبلية إيجابية، وهو ما أكدته المؤسسات والوكالات الإنمائية الدولية ،مع طفرة فى السياحة والصناعة والزراعة والصادرات وتحويلات المصريين بالخارج، صاحب ذلك سياسة نقدية متشددة.هذه الإنجازات هى نتيجة لجهد 10 سنوات مضت ، وهى تعكس بوضوح حجم التحول الإيجابي في وقت قياسي، مقارنة بتجارب دول كبرى إستغرقت نحو 20 عاماً للوصول إلى نتائج مشابهة، والنتيجة هى خفض معدلات البطالة من نحو 13.5% في عام 2013 إلى ما يقارب 6.2% حالياً ، وهو ما يعكس الأثر الحقيقي لجهود مضنية إستندت على بنية أساسية قوية كانت حجر الزاوية في جذب الاستثمارات،وإتاحة فرص ومشروعات قومية عملاقة. ويمكننى ربط ما سبق بما أكده جان تايلور في كتابه عقول المستقبل، أنه من المؤكد أن المستقبل يخبئ للإنسان إنجازات أخاذة، ولكن أهمها سيتعلق بتلك الميزة الخاصة التي يمتلكها، ألا وهي تدوين خبراته حتى يستفيد منها الآخرون. وبناء على تجارب الماضي، تستهدف مصر خلال المستقبل القريب :
أولا :بالنسبة للإستثمارات الأجنبية المباشرة ،سعت مصر خلال الأعوام السابقة نحو تعزيز موقعها كمركز إقليمي جاذب للاستثمارات الأجنبية المباشرة، إستناداً على إنشاء المجلس الأعلى للإستثمار برئاسة الرئيس السيسى ،وخطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالي 2025/2026 الهادفه لتحقيق قفزة نوعية في التدفقات الاستثمارية الأجنبية، ومع ما يشهده القطاع الخاص من قفزة كبيرة في عدد الشركات الجديدة ورؤوس الأموال خلال السنوات الماضية، ارتفع عدد الشركات الجديدة من 22 ألف شركة في 2019 إلى 40 ألف شركة في 2025 ،وتم إستهداف جذب إستثمارات أجنبية مباشرة 16مليار دولار خلال العام القادم، وهو ما يعكس ثقة متزايدة في الإقتصاد المصري، وقدرته على مواصلة النمو وتحقيق معدلات تنمية مستدامة، في ظل ما تمتلكه الدولة من مقومات وإصلاحات هيكلية جادة،مع موقعها الاستراتيجي ووفرة القوى العاملة الماهرة،ومع إستمرار الدولة في تعزيز ما سبق فإنها ستصبح مركزاً إقليمياً جاذباً لرؤوس الأموال الأجنبية مع الزخم الذي اكتسبته تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر بدعم من صفقة رأس الحكمة التي ضخت نحو 35 مليار دولار في الاقتصاد المصري العام الماضي. وكذلك التركيز على نظام الرخصة الذهبية كأداة رئيسية لتحفيز الاستثمار، إذ تتيح هذه الرخصة الموحدة تأسيس المشروع وتشغيله وتخصيص الأراضي والحصول على التراخيص عبر جهة واحدة فقط.وإصدار القانون رقم 160 لسنة 2023 الذي عدل قانون الاستثمار، لتقديم المزيد من الحوافز الضريبية، مع إلغاء بعض الإعفاءات الضريبية لتعزيز العدالة التنافسية بين القطاعين العام والخاص.كما تتجه الحكومة إلى استثمار المنطقة الاقتصادية لقناة السويس كمركز لوجستي إقليمي، بالإضافة إلى المناطق الصناعية المؤهلة (الكويز) والمناطق الحرة، بهدف جذب استثمارات نوعية. وهنا يجب ان نؤكد بأن إستمرار الجهود الحكومية في جذب الإستثمارات وتحسين بيئة الأعمال سيضع مصر ضمن أفضل 30 إقتصاداً عالمياً بحلول 2030. ثانياً زيادة حصيلة الصادرات المصرية إلى 70 مليار دولار، وهو ما سوف نتناوله فى المقال القادم إن شاء الله.
كاتب المقال رئيس المنتدى
الإستراتيجي للتنمية والسلام