الدكتور علاء رزق يكتب : أواصر الحرية الإقتصادية (٣)

تناولنا فى المقالين السابقين سعى الإقتصاد المصرى بعد سيل الأزمات العالمية والإقليمية،إلى ضمان تحقيق عملية التنمية المستدامة والعدالة الإجتماعية، والتى يقع فى القلب منها رفع مستوى معيشة المواطن.أكدتها توجيهات الرئيس السيسى بضرورة تقوية مؤشرات الحرية الإقتصادية كى تلعب دوراً محورياً في تقييم بيئة الأعمال والإستثمار،وفهم مدى إنفتاح الإقتصاد الوطني وكفاءة نظمه المؤسسية، وقدرته على خلق بيئة داعمة للنمو المستدام.وعلى مستوى المؤشرات الفرعية الـ 12 كانت درجة مصر من 100 مرتفعة في مؤشر العبء الضريبي بنحو 85 درجة، وكذلك الإنفاق الحكومة بنحو 80 درجة، بينما حصلت في مؤشر حرية التجارة على 60 درجة، ومؤشر حرية الاستثمار 65 درجة، وحرية القوى العاملة 35 درجة، وحرية البيزنس 50 درجة، وحقوق الإنسان 40 درجة، والنزاهة الحكومية 25 درجة وسيادة القانون 25 درجة، والصحة الجسدية 10 درجات. لذا فإن توجيهات الرئيس السيسى بإصدار الحزمة الثانية من الحوافز الضريبية سوف يساهم فى تحقيق إصلاحات مؤسسية أعمق لدعم النمو طويل الأجل، مع ضرورة وضع إستراتيجية وطنية تتعلق بتحسين مؤشر الحرية الإقتصادية فى مصر ،وأن تحسين ترتيب مصر فى هذا المؤشر يجب أن يرتكز على أولا : تخفيض نسبة الدين العام من إجمالي الناتج المحلي، إلى أقل من 6% كمرحلة أولى. ثانياً: تحقيق فائض بالميزانية العامة للدولة.ثالثا: التحديث المستمر لبيانات الدولة المصرية، خاصة المتعلقة بمدخلات النتائج الخاصة بالأداء الإقتصادي. رابعاً: وهو ما يجب أن نوليه الإهتمام الأكبر حالياً ،والمتمثل في حزم التسهيلات والحوافز التي تقدمها الحكومة لرواد الأعمال والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وقد عقدت الكتير من المؤتمرات لدراسة ومناقشة وإبتكار حلول تعزز عملية النمو الإقتصادي ، وجذب الإستثمارات مع خلق بيئة عمل محفزة لجميع الأطراف. وهو ما أكده المؤتمر الإقتصادى التاسع للمنتدى الإستراتيجي للتنمية بعنوان التعليم الفني والتكنولوجي فى عصر الذكاء الاصطناعي ،وتحت شعار صناعة وطن ،، طباعة مسار ، والذى أكد بأن التعليم الفني والتكنولوجي هو الركيزة الأساسية لصناعة الأوطان ، وأن مصر أمام فرصة حقيقية لكتابة فصل إقتصادى جديد، عنوانه تدعيم أواصر الحرية الإقتصادية التى إزدادت بإصرار القيادة السياسية على بلوغها ، وإصرار الشعب على إستقرارها. ويبقى إصرار مؤسسات الدولة المعنية على التأكيد بأن التعليم الفني والتكنولوجي هو حجر الزاوية في قوة الاقتصاد الوطنى ،عبر مد سوق العمل بعمالة ماهرة ومدربة، تعزيز الابتكار، وتقليل البطالة عبر برامج تدريب مزدوج (عملي ونظري)، مما يرفع القدرة التنافسية لمصر عالمياً ويجعل العمال المصريين مطلوبين بشدة، اى أننا يمكن أن نقول أن إنفاق 10 مليار دولار على تصحيح مسار التعليم الفني والتكنولوجي فى مصر سيؤدى إلى تدفق 100 مليار دولار لمصر خلال سنتين فقط عبر تحويلات المصريين بالخارج، مطلوب فقط الإيمان بأهمية التعليم الفني والتكنولوجي لتزويد سوق العمل بالمهارات ،مما يسد حاجة الصناعات والقطاعات الاقتصادية لمهارات متخصصة، تساهم فى تعزيز الإقتصاد والصناعة.وقد أكدت توصيات المؤتمر التاسع للمنتدى الإستراتيجي للتنمية والسلام ضرورة التركيز على التطبيق العملي، والاعتماد على التدريب المباشر في الشركات والمؤسسات مع الدراسة النظرية، مما يضمن خبرة عملية حقيقية للخريجين، وتساهم فى الربط بسوق العمل، وتطوير المهارات باستمرار لمواكبة تحديات سوق العمل والتطورات التقنية، والسماح للحرفيين بتطوير خبراتهم. وبالتالى يتحقق الهدف الأكبر للدولة المصرية بتقليل معدلات البطالة، وزيادة فرص العمل. وما يمكن أن نؤكد عليه هو إيمان القيادة السياسية بأن التعليم الفني في فى مصر ليس مجرد تعليم، بل هو منظومة متكاملة تدعم النمو الاقتصادي، تضمن الاستدامة الصناعية، وتوفر قوة عاملة عالية الكفاءة والطلب، وهو ما نعتبره إستعادة لقوة الاقتصاد المصرى صاحب أول تجربة للتعليم الفنى فى بداية القرن التاسع عشر .
كاتب المقال رئيس المنتدى
الإستراتيجي للتنمية والسلام