الإعلامي محمود عبد السلام يكتب : إلا ( الست )

الإعلامي محمود عبد السلام

إذا كنت من محبي الإبداع ومؤمن بأن أي اجتهاد في مجال الفن يستحق أن نحترمه، ونقدره، وإذا أحسن هذا العمل نرفع له القبعة، وإذا أساء ننتقده. وإذا طبقنا هذه القاعدة على فيلم (الست) الذي يتناول حياة سيدة الغناء العربي بلا منازع أم كلثوم، بطولة منى زكي، قصة أحمد مراد، وإخراج مروان حامد، نجد أننا أمام عمل من نوعية السيرة الذاتية لفنانة تحول إبداعها إلى جزء من وجدان شعب بل جزء من حياة أمة.

والمفترض أن من يتصدى لتقديم عمل سينمائي يتناول فيه سيرة ذاتية بحجم وقيمة أم كلثوم، أن يتمتع بحس مرهف ووجدان يقظ وموهبة على الأقل تسمح له بالاقتراب من كيان يمثل بالنسبة للأمة هرمًا رابعًا. وهذا ما افتقده كاتب الفيلم، الذي أخذ على عاتقه أن يغرد خارج السرب، ويشوه صورة من أجمل صور الإبداع في تاريخنا الحديث والمعاصر وستمتد إلى ما شاء الله لها.

أتيح لي قراءة عدة سير ذاتية كان أقربها إلى قلبي وعقلى السيرة الذاتية التي كتبها أنيس منصور عن المفكر الكبير

عباس محمود العقاد في أشهر كتبه (في صالون العقاد كانت لنا أيام)، لكن شتان بين الأستاذ والكاتب والفيلسوف

أنيس منصور وبين أحمد مراد،

إنه الفرق بين السماء والأرض، وبين الإبداع والتقليد، وبين الشموخ والضعف.لقد قال منصور عن العقاد كل ماراد دون

ان يخدش فى وجداننا قيمة العقاد الادبية كعملاق من عمالقة الفكر والادب ، بينما أحمد مراد أراد أن يخالف كي

يُعرف لكن التوفيق خانه هو ومنى ومروان. حظهم أنهم كراكبي سيارة فارهة أرادوا أن يخوضوا مغامرة بسيارة فارهة

فاصطدموا بهرم خوفو.

أم كلثوم ليست معصومة من الخطأ أو هي فوق البشر. أجمل ما في أم كلثوم أنها رغم آدميتها إلا أنها استطاعت أن

تتغلب على نقاط الضعف الموجودة عند أي إنسان، وتقدم فنانًا صنع وجدان شعب ومازال مستمرًا في ذلك رغم تغير

الأحوال وتبدل الأجيال، لكن ظلت أم كلثوم كما هي قيمة وقامة فنية باقية إلى أن يشاء الله.

حاول مراد ومروان ومنى إلقاء الطوب على النخلة لعلها تساقط عليهم بعض الثمار إلا أن ظنهم خاب وأسقطت عليهم

سخط الملايين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.