الكاتب الصحفي عبدالرازق توفيق يكتب : المواجهة الشاملة (4-2 )
الأعمال الدرامية تصنع تطلعات لدى فئات المجتمع تفوق قدراتها

الرئيس عبدالفتاح السيسى فى اجتماعه بالدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء ومحمد عبداللطيف وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، وجه بشكل مباشر وواضح لا يحتمل التفسير أو التأويل بضرورة فرض الانضباط وترسيخ القيم الأخلاقية والايجابية داخل المنظومة التعليمية، عدم التهاون فى هذا الأمر مع اتخاذ كافة إجراءات محاسبة عاجلة وحاسمة تجاه أى تجاوز أو انفلات فى ظنى أن الاجتماع تناول ملفات التعليم وتطويره لكن هذه العبارة تحديدًا وأن استهدفت المنظومة التعليمية لكنها تعكس أن ذلك ينطبق على كامل المجتمع، خاصة فى ظل ما يحدث من بعض السلوكيات والممارسات والظواهر الغريبة، سواء فى المدارس أو الشارع، أونوعية الجرائم وقسوتها أو حالة الانفلات على مواقع التواصل الاجتماعى أو حتى داخل الأسرة، وهى أمور غريبة على طبيعة المجتمع المصري، وعن قيمه وأخلاقياته قبلها بأيام تحدَّث الرئيس السيسى فى أكاديمية الشرطة خلال حضوره كشف الهيئة للطلاب المتقدمين للالتحاق بالأكاديمية، عن دور الأعمال الدرامية فى خلق تطلعات لدى فئات المجتمع تفوق قدراتها وإمكانياتها، ومختلف عن أوضاعها ومستوياتها فالمشاهد الدرامية فى قصور وفيلات، وسيارات فارهة، وحياة الرفاهية، والأحداث لا تتحدث إلا عن العلاقات الرومانسية، وغيرها وهو ما يخلق نوعًا من التذمر والاحتقان الأسرى وحالة من عدم الرضا فى الفئات البسيطة أو المتوسطة وهو ما يدفع بعض الزوجات لطلب الطلاق، السؤال المهم، هل حياتنا كطبقة متوسطة أو كادحة أو أبناء البلد حتى من الميسورين، هى الاستغراق فى عرض هذه المشاهد والمستويات أم الحياة رحلة من الكفاح والمكابدة وهناك نماذج كثيرة بالملايين بل عشرات الملايين يعيش حالة من النضال من أجل العيش الكريم والحلال وتربية الأبناء واستقرار الأسرة، وهى حياة مشتركة بين الزوج والزوجة لتدبير سبل الحياة، كنا فى الماضى نرى المشاهد الدرامية عن الأسرة التى تدخل جمعية من أجل الذهاب إلى المصيف أو تدبير تعليم الأولاد، أو زواج الأبنة وأحيانا نرى الزوج يجلس مع زوجته يوزعان المرتب يوم «القبض» على متطلبات الشهر أو الزوج الذى يأتى من عمله لينام عددًا من الساعات ثم ينزل ليعمل سائق تاكسى أو فى صيدلية أو غيرها من الأعمال الشريفة والحلال لسد احتياجات أسرته.
الرئيس السيسى استشعر بعض المخاطر فى المجتمع والتعليم، ويسعى بكل جهد ودأب من أجل إصلاح شامل بعد نجاح الإصلاح الاقتصادى والنجاة من تداعيات الأزمات والصراعات الإقليمية والدولية التى انعكست بطبيعة الحال على مجتمعاتنا إضافة إلى التطور والانفتاح التكنولوجى من خلال وسائل التواصل والاتصالات الحديثة لكن السؤال فى ظل هذه التحديات والتهديدات والملفات الكبيرة والمتابعة المستمرة لكل ما يدور فى أجندة عمل الدولة، الرئيس السيسى ينتظر مشاركة الجميع برؤى وإرادة ووطنية لوضع تصورات لمواجهة هذه التحديات المجتمعية من أجل الإصلاح الشامل، والحفاظ عن الهوية والشخصية المصرية، وترسيخ القيم الأخلاقية، ومكافحة الانتهازية والجشع والاحتكار والمغالاة، والتحجر وانعدام الضمير والإنسانية فهناك خلل داخل الأسرة، والمدرسة والجامعة، وأيضا فى المؤسسات الدينية ولعل أبرزها، نقص فى الأئمة والدعاة، أو وجود ضعف فى البنية الفكرية والثقافية لدى قطاع من الدعاة والأئمة، وأصبحت الأعداد لا تغطى كافة ربوع البلاد، وبالتالى عدم وصول الرسالة، وهى أيضا تحتاج لإعادة نظر المؤسسات الدينية لا يجب أن تكتفى بإطلاق المبادرات، بل التلاحم المباشر والممنهج مع المجتمع فلا أدرى لماذا لا تستثمر مراكز تحفيظ وتعليم القرآن من الصغر، حتى وأن كانت فى شكل كتاتيب أو الروضات، ولماذا لا نستثمر فى إعداد وتأهيل الأسر قبل الزواج فكريًا ودينيًا ونغرس فيها الرضا والكفاح والقناعة، والاجتهاد فى تربية الأبناء على الفضائل، فالغريب أن «المحمول» جعل الأسر تفتقد للحوار والنقاش أو حتى التفاعل والتقصير فى أمور المنزل لابد أن تواجه وبشكل شامل أزماتنا ومشاكلنا ولا ندفن رءوسنا فى الرمال بل تضع رؤى وخططًا ومضامين ولا يجب أن تكون مجرد عناوين للعرض، لدينا كل شيء علماء وخبراء فى الدين والاجتماع وعلم النفس والتنمية البشرية، فلا يصح أن تخرج الأجيال فى حالة من الهشاشة الفكرية والثقافية والدينية لا نقرأ ولا نعرف، أخطاء فى بناء الوجدان والذوق أو التعريف بصحيح وأهمية الدين الوسطى حتى الرياضة التى من المفروض أنها تعمل على تهذيب النفوس والأخلاق باتت صراعات وبيزنس ومصالح، وشللاً وعدم موضوعية وفهلوة رغم أنها باتت صناعة متكاملة لبناء البطل منذ الصغر وفق أكاديميات رياضية تقوم على العلم والقياسات، يعد لنا وجود فى البطولات العالمية مجرد تمثيل مشرف، ثم الإهمال وغياب «كتالوج» المعايير الصحيحة للتعامل مع فكرة الحفاظ على الأبطال، وما حدث مع الطفل يوسف الذى غرق فى حمام السباحة يكشف عن خلل ورعونة، وما حدث فى بطولة كأس العرب بالدوحة يحتاج وقفة وتحديد أسبابه وعدم الاحتكام سوى للعلم والموضوعية وابعاد الشللية واللوبى والمصالح و«السبوبات» وما حدث أيضا فى نادى الزمالك يكشف أنه ضحية أبناء النادى وانه استنزف من السمسرة والفساد والشركات من والعاطلين لجلب اللاعبين بعقود وهمية وخيالية على الورق فى العقود ويتم اقتسام أموال النادى بين اللاعب وشركات السمسرة التى يملكها البعض ممن يدعون الشرف وهم يحاربون النادى من وراء الستار والصراع على الكراسى فقط دون اهتمام بمستقبل هذا النادى العريق فالزمالك ضحية الفساد والعشوائية والصراعات ليس من اليوم أو السنوات الأخيرة بل من عقود آفة السبوبة والبيزنس والمصالح والهوى والشللية وغياب الموضوعية والمعايير العلمية أساس أى خراب وفشل، لذلك الرئيس السيسى أكد مرارًا وتكرارًا أن الجدارة والاستحقاق المعيار الحقيقى وأن اختيار الشخص غير المناسب فى موقع مهم هو نوع من الفساد والمجاملة فساد وحتى نعيد الأمور لنصابها يجب أن تكون هناك إرادة وجدية ونقاء وشفافية واختيار الحكم للشخصيات ذات النزاهة والسمعة الطيبة مع الكفاءة والجدارة بدلاً من من الترقيع وسد الخانة، هذا هو حال الرياضة فى مصر فلا تخطيط ولا علم ولا أهداف قريبة وبعيدة وإعادة تدوير نفس الشخصيات وانتفاخ مالى غير مبرر وتضخم فى الذات وكأننا حصلنا على كأس العالم، والدورى المصرى بات أفقر الدوريات فى العالم ومنتخبات الناشئين تشارك بهدف التشريف، الخلل الحقيقى فى المنظومة البشرية، من يدير، وماهى مؤهلاته ودرجة كفاءته وصلاحيته وجدارته ونزاهته، لذلك منظومة الكرة فى مصر تحتاج تطهيرًا شاملاً فى كافة مكوناتها وإبعاد الفاسدين والمتكسبين ومدمنى الظهور لذلك فتدقيق الاختيار والمراقبة والمحاسبة هى الحل.
تحيا مصر