محمد نبيل محمد يكتب : قناة السويس العبور الدائم والتدخل المستحيل (31)

 الجلاء وعودة المفاوضات وتأييد الجامعة العربية

الكاتب محمد نبيل محمد

كانت الدول العربية كلها مؤيدة للموقف العربي المشروع على طول الفترة وعندما بدأ الفكر يتجسد في شكل عمل إيجابي اجتمع مجلس جامعة الدول العربية في أوائل شهر مايو 1953 وبلور أفكاره وحدد موقفه في شكل مذكرة من وزارة الخارجية للحكومات العربية جاء فيها:
– تأييد مطالب مصر بشأن جلاء القوات البريطانية غير المشروط عن منطقة قناة السويس لأن عدم الإسراع في حل هذه المشكلة يحول دون الاستقرار أو الطمأنينة في الشـرق العربي ولايسمح بالتعاون الدولي على أساس الثقة والمودة المتبادلة فضلًا عن أنه يسيء إلى البلاد العربية إساءة بالغة.
– إن دول الجامعة العربية على استعداد للمساهمة بنصيبها كاملًا في إقامة دعائم السلم على أساس قوى وفقًا لما ارتبط به ميثاق الجامعة العربية وميثاق هيئة الأمم، ودول الجامعة العربية قدر واجبها في الدفاع عن بلادها ضد أي خطر يهددها وستعمل في نطاق المنظمات التي أنشأتها على استكمال أسباب هذا الدفاع بكل الوسائل وهي إذ تؤكد حقها في الدفاع عن أمنها وسلامها وانتهاج الخطة التي تقتضيها المصلحة الوطنية ترى أن ما يحيط بالدول العربية سببه بقاء طائفة من القضايا العربية من غير حل يقوم على أساس الحق والعدل، ومن أجل هذا ترى اللجنة أنه يجب أن تحل – أولًا وقبل كل شيء – القضايا العربية حلًّا عادلًا وفي مقدمتها قضيتها مصر وفلسطين.
– ترى اللجنة السياسية أن معاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي التي عقدتها الدول العربية تهيئ أسباب الدفاع عن الدول العربية وتكفل التعاون الاقتصادي والعسكري بينها.
عودة المفاوضات من جديد
عادت من جديد أول اجتماعات الجانبين المصرى والبريطانى بشكل غير رسمي يوم 29 يوليه 1953 حيث مثل بريطانيا كل من مستر هانكي القائم بأعمال السفارة البريطانية ومعه الجنرال روبرتسون ومثل مصر الدكتور محمود فوزي وزير الخارجية وذلك من منزل روبرتسون واقتصـر الاجتماع على التخطيط لاجتماعات مستقبلة واقترح روبرتسون أن يتخير الطرفان وقتًا قريبًا يعلنان فيه أن اتصالات غير رسمية حدثت وأن هناك مقابلات في مناسبات اجتماعية وقد أعلن عن ذلك بالفعل.
وقد حاولت سفارة باكستان أن تشترك في عملية استمرار هذه المفاوضات السـرية فتم الاجتماع الثاني لهذه اللجنة في دارها بالقاهرة بدعوة من السيد الطبيب حسين القائم بأعمال سفارة باكستان وبذل جهدًا كبيرًا لتقريب وجهات النظر حيث صدر في نهايتها بلاغ رسمي كان نصه كالتالي:
“تمت الاتصالات غير الرسمية بشأن قاعدة قناة السويس وبهذه الطريقة ستبحث الوسائل التي ستؤدي إلى الاتفاق قبل استئناف المفاوضات رسميًّا”.
وتم الاجتماع الثالث يوم 6 أغسطس 1953 حيث بدأت خلاله دراسة الموضوعات المتنازع عليها والتي استمر تناولها طيلة العديد من الجلسات غير الرسمية حتى توقفها يوم 21 أكتوبر 1953 .
وأمام الأوضاع الدولية الجديدة وإصرار المصريين على جلاء الاحتلال البريطانى عن قناة السويس كانت الاتفاقية التي حددت مستقبل العلاقات المصرية البريطانية بالصورة التي ترتضيها الكرامة الوطنية للمصريين.
بدء الجلاء
في 19 أكتوبر سنة 1954
قرار مجلس الوزراء
بإصدار الاتفاق وملحقيه والخطابات المتبادلة الملحقة به والمحضر المتفق عليه، المعقود بين حكومة جمهورية مصر وحكومة المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وشمال أيرلندا والموقع علية بالقاهرة في 19 أكتوبر سنة 1954.
مجلس الوزراء
بعد الاطلاع على الإعلان الدستوري الصادر في 10 فبراير سنة 1953، وعلى القانون الرقم 637 لسنة 1954 بالموافقة على الاتفاق وملحقيه والخطابات المتبادلة الملحقة به والمحضـر المتفق عليه، المعقود بين حكومة جمهورية مصر وحكومة المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وشمال أيرلندا والموقع عليه بالقاهرة في 19 أكتوبر سنة 1954، وبناء على ما عرضه وزير الخارجية قرر:
مادة 1- يعمل اعتبارًا من 19 أكتوبر سنة 1954 بالاتفاق وملحقيه والخطابات المتبادلة الملحقة به والمحضر المتفق عليه، المعقود بين حكومة جمهورية مصر وحكومة المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وشمال أيرلندا والموقع عليه بالقاهرة في 19 أكتوبر سنة 1954 والمرفق نصه لهذا القرار.
مادة 2- على الوزراء كل فيما يخصه تنفيذ هذا القرار.
رئيس مجلس الوزراء
بكباشي أ . ح/ جمال عبدالناصر حسين

نص اتفاق 19 أكتوبر سنة 1954
إن حكومة جمهورية مصر وحكومة المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وشمال أيرلندا، إذ ترغبان في إقامة العلاقات المصـرية ـ الإنجليزية على أساس جديد من التفاهم المتبادل والصداقة الوطيدة قد اتفقتا على ما يأتي:
المادة 1
تجلو قوات صاحبة الجلالة جلاء تامًا عن الأراضي المصرية وفقًا للجدول المبين في الجزء (أ) من الملحق الرقم (1) خلال فترة عشرين شهرًا من تاريخ التوقيع على الاتفاق الحالي.
المادة 2
تعلن حكومة المملكة المتحدة انقضاء معاهدة التحالف الموقع عليها في لندن في السادس والعشرين من شهر أغسطس سنة 1936، وكذلك المحضـر المتفق عليه، والمذكرات المتبادلة، والاتفاق الخاص بالإعفاءات والميزات التي تتمتع بها القوات البريطانية في مصر وجميع ما تفرع عنها من اتفاقات أخرى.
المادة 3
تبقى أجزاء من قاعدة قناة السويس الحالية، وهي المبينة في المرفق (أ) بالملحق الرقم (2) في حالة صالحة للاستعمال ومعدة للاستخدام فورًا وفق أحكام المادة الرابعة من الاتفاق الحالي، وتحقيقًا لهذا الغرض يتم تنظيمها وفق أحكام الملحق الرقم (2).
المادة 4
في حالة وقوع هجوم مسلح من دولة من الخارج على أي بلد يكون عند توقيع هذا الاتفاق طرفًا في معاهدة الدفاع المشترك بين دول الجامعة العربية الموقع عليها في القاهرة في الثالث عشر من شهر أبريل سنة 1950، أو على تركيا، تقدم مصر للمملكة المتحدة من التسهيلات ما قد يكون لازمًا لتهيئة القاعدة للحرب وإدارتها إدارة فعالة، وتتضمن هذه التسهيلات استخدام الموانئ المصـرية في حدود ما تقتضيه الضرورة القصوى للأغراض سالفة الذكر.
المادة 5
في حالة عودة القوات البريطانية إلى منطقة قاعدة قناة السويس وفقًا لأحكام المادة (4)، تجلو هذه القوات فورًا بمجرد وقف القتال المشار إليه في تلك المادة.
المادة 6
في حالة حدوث تهديد بهجوم مسلح من دولة من الخارج على أي بلد يكون عند توقيع هذا الاتفاق طرفًا في معاهدة الدفاع المشترك بين دول الجامعة العربية، أو على تركيا يجري التشاور فورًا بين مصـر والمملكة المتحدة.
المادة 7
تقدم حكومة جمهورية مصر تسهيلات مرور الطائرات وكذا تسهيلات النزول وخدمات الطيران المتعلقة برحلات الطائرات التابعة لسلاح الطيران الملكي التي يتم الإخطار عنها، وتعامل حكومة جمهورية مصر هذه الطائرات فيما يتعلق بالإذن بأية رحلة لها، معاملة لا تقل عن معاملتها لطائرات أية دولة أجنبية أخرى مع استثناء الدول الأطراف في معاهدة الدفاع المشترك بين دول الجامعة العربية، ويكون منح التسهيلات الخاصة بالنزول وخدمات الطيران المشار إليها آنفًا في المطارات المصرية في قاعدة قناة السويس.
المادة 8
تقر الحكومتان المتعاقدتان أن قناة السويس البحرية ـ التي هي جزء لا يتجزأ من مصر ـ طريق مائي له أهميته الدولية من النواحي الاقتصادية والتجارية والإستراتيجية، وتعربان عن تصميمهما على احترام الاتفاقية التي تكفل حرية الملاحة في القناة الموقع عليها في القسطنطينية في التاسع والعشرين من شهر أكتوبر سنة 1888.
المادة 9
أ) لحكومة المملكة المتحدة أن تنقل أية مهمات بريطانية من القاعدة أو إليها حسب تقديرها.
ب) لا يجوز أن تتجاوز المهمات القدر المتفق عليه في الجزء (ج) من الملحق الرقم (2) إلا بموافقة حكومة جمهورية مصر.
المادة 10
لا يمس الاتفاق الحالي، ولا يجوز تفسيره على أنه يمس، بأية حال حقوق الطرفين والتزاماتهما بمقتضى ميثاق الأمم المتحدة.
المادة 11
تعتبر ملاحق هذا الاتفاق ومرفقاته جزءًا لا يتجزأ منه.
المادة 12
أ) يظل هذا الاتفاق نافذًا مدة سبع سنوات من تاريخ توقيعه.
ب) تتشاور الحكومتان خلال الاثني عشر شهرًا الأخيرة من تلك المدة لتقرير ما قد يلزم من تدابير عند انتهاء الاتفاق.
ج) ينتهي العمل بهذا الاتفاق بعد سبع سنوات من تاريخ التوقيع عليه، وعلى حكومة المملكة المتحدة أن تنقل أو تتصرف، فيما قد يتبقى لها وقتئذ من ممتلكات في القاعدة ما لم تتفق الحكومتان المتعاقدتان على مد هذا الاتفاق.
المادة 13
يعمل بالاتفاق الحالي على اعتبار أنه نافذ من تاريخ توقيعه وتتبادل وثائق التصديق عليه في القاهرة في أقرب وقت ممكن.
وإقرارًا بما تقدم وقع المفوضون – المرخص لهم بذلك – هذا الاتفاق ووضعوا أختامهم عليه.
تحرر في القاهرة في اليوم التاسع عشر من أكتوبر 1954 من صورتين باللغتين العربية والإنجليزية ويعتبر كلا النصين متساويين في الرسمية.
جمال عبد الناصر / هـ. أ . نتنك
عبد الحكيم عامر / ر. س . ستيڤنسون
عبد اللطيف البغدادي / ر . بنسون
صلاح سالم
محمود فوزي

ونستكمل فى القادم تأميم القناة وعدوان 56

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.