الفنان ناصر النوبي يكتب: قلب السينما المصرية يواجه خطر الإهمال والحريق

استوديوهات مصر هي قلب السينما المصرية وذاكرة الأمة الفنية. حماية هذا التراث وحماية العاملين فيه مسؤولية جماعية، تتطلب وعيًا وتخطيطًا دقيقًا. الهوية والذاكرة السينمائية لا تُستعاد إلا بالحفاظ على هذه الصروح التاريخية. تأسست استوديوهات مصر عام 1935 على يد طلعت حرب، الذي كان يسعى إلى بناء صناعة سينمائية متكاملة في مصر. منذ نشأتها، لعبت الاستوديوهات دورًا محوريًا في صناعة السينما المصرية، حيث احتضنت تصوير مئات الأعمال الفنية التي شكلت هوية الشاشة العربية وخلدت أسماء كبار الفنانين والمخرجين. وقد ارتبطت هذه الاستوديوهات بالابتكار الفني والتقنيات الحديثة في وقتها، مما جعلها مرجعًا للسينما العربية لأكثر من ثمانين عامًا. من بين أهم الأعمال التي تم تصويرها في استوديوهات مصر، نجد الأفلام الكلاسيكية التي أسهمت في تكوين تاريخ السينما المصرية مثل الرسالة، الطريق، زوجة بلا رجل، النمر الأسود، المومياء، ساحر النساء، لا أنام، الحرافيش، الرجل الثاني، فاتن أمل حياتي، صراع في النيل، شفيقة ومتولي، غروب وشروق، إبن النيل. هذه الأعمال ليست مجرد أفلام، بل هي جزء من ذاكرة الأمة وهويتها السينمائية التي شكلت وجدان الأجيال. الحمد لله أن الحريق وقع في يوم إجازة، مما قلل من الخسائر البشرية، إلا أن هذا الحادث يسلط الضوء على الإهمال في إجراءات الوقاية داخل الاستوديوهات، وربما يثير شكوكًا حول وجود شبهة جنائية تستحق التحقيق. الحادث يؤكد أن تأمين هذه الصروح وحماية العاملين أصبح ضرورة ملحّة. ويجب على إدارة الاستوديوهات اتخاذ إجراءات صارمة تشمل تركيب أنظمة إنذار وكاميرات مراقبة متطورة، صيانة دورية للأنظمة الكهربائية ومعدات الإضاءة، تدريب العاملين على أساليب الطوارئ والإخلاء السريع، ووضع خطط للطوارئ لحماية المخزون الفني والتاريخي من التلف. استوديوهات مصر هي معالم سينمائية وتاريخية تعكس هوية مصر الفنية. حماية هذه الصروح وتراثها مسؤولية جماعية، فالحفاظ على ذاكرة السينما المصرية يساوي الحفاظ على جزء من هويتنا الوطنية والفنية.