محمد نبيل محمد يكتب : قناة السويس العبور الدائم والتدخل المستحيل (٢٩)

مفاوضات اليوم الثانى مع الإنجليز

الكاتب محمد نبيل محمد

انتهت الجلسة الأولى على طلب جمال عبد الناصر في نهايتها أن تكون الجلسة التالي في اليوم التالي.
وكانت الجلسة التالية في الثلاثاء 28 أبريل 1953 الساعة الحادية عشر صباحا حيث اتفق الجانبان على تشكيل أربع لجان:
اللجنة الأولى: تختص بدراسة برنامج عملي لانسحاب القوات البريطانية كجزء من الاتفاق.
اللجنة الثانية: تختص بدراسة الإدارة المستقبلة لقاعدة عسكرية فعالة في منطقة القناة تكون على استعدا في الحال عند قيام أي حرب ودارسة عدد الخبراء والفنيين اللازمين لهذا الفرض.
اللجنة الثالثة: لدراسة كيفية تنظيم الوسائل الأكثر تأثيرا في الدفاع الجوي.
اللجنة الرابعة: تختص بدراسة وتقرير احتياجات القوات المصرية إلى المهمات.
ثم تناولوا بعد ذلك مسألة إدارة القاعدة والإشراف عليها وصيانتها إذ أن القاعدة تعتبر كائنا يجب الاحتفاظ به حيا في حالة جيدة .
تساءل السفير البريطاني عن المقترحات المصرية فما تختص بإدارة القاعدة والاختصاصات التي ستوزع في هذا الشأن بينما رفض روبرتسون عبارة تسلم القاعدة التي وردت في المشروع المصري وطالب بتعديلها إلى تولي مصر شئون القاعدة وفضل أن تكون العبارة دراسة إدارة مصرية لقاعدة هامة وهو بذلك قد عم التعبير ليموه الموقف أمام المصريين.
أما الدكتور محمود فوزي فاعترض على تعبير قال روبرتسون المحافظة على القاعدة لنا وقال إن القاعدة مقامة على أرض مصرية ولذلك فهي قاعدة مصرية وهنا تدارك السفير البريطاني في الموقف وقدم صيغة أخرى لدراسة اقتراح مصري لإدارة قاعدة حربية في قناة السويس إدارة مصرية بطريقة فعالة حتى تكون على استعداد للعمل عندما تدعو الحاجة.
ثم انتقلوا إلى نقطة صيانة القاعدة وطلب السفير البريطاني أن يكون النص الرسمي خطة لصيانة قاعدة حربية في منطقة القناة في المستقبل وأبدى رغبته في استبدال كلمة تسلم بالعبارة رسم خطط لصيانة القاعدة في المستقبل فطلب رئيس الوزراء المصري إضافة عبارة إلى نهايتها وهي تحت إشراف المصريين.
وأخيرا تطرقوا إلى مسألة الدفاع الجوي عن القاعدة فطالب عبد اللطيف البغدادي بأن تقوم به مصر طالما القاعدة على أرض مصرية .. وأن اقتراحنا هو لدرس ورسم برنامج لتسليم القوات المصرية الجوية للدفاع عن منطقة القناة.
وهنا حدث خلاف أرجئ البت فيه الجلسة الثالثة.
وكانت الجلسة الثالثة في يوم الأربعاء 29 أبريل 1953 في الساعة العاشرة النصف حضرها نفس المفاوضين. وكانت قطة الخلاف التي شغلتهم طيلة هذه الجلسة هي اختصاصات اللجنة الثانية حيث أن اللجنة الأولى قد وفق الطرفان إلى الاتفاق عليها كتعبير السفير البريطاني وكان السفير البريطاني قد أعد عبارة تفسير مطلب البريطاني حول هذه اللجنة الثانية وضع الخطط لانتقال القاعدة الحربية في منطقة قناة السويس إلى مصر على أن تكون هذه الخطط لانتقال القاعدة الحربية في منطقة قناة السويس إلى مصر على أن تكون هذه الخطط كفيلة بالاحتفاظ بالقاعدة في حالة صالحة للعمل في وقت السلم حتى تستطيع القيام بوظيفتها بمجرد إعلان الحرب وعلى أن توضع التوصيات اللازمة في صدد المنشأت الموجودة في هذه القاعدة وما تحتوي عليه تلك المنشأت وأوضح بعد ذلك أن عبارة منطقة القاعدة تعني كل ما تحتوي عليه هذه المنطقة من منشأت ومصانع وغيرها.
وهو بهذا أراد أن يجر المفاوضين المصريين إلى متاهة أدخل فيها المفاوضون المصريون القادمون من قبل قيام الثورة فتاهت المعالم أمامهم وفشلوا ولكن المفاوض هذه المرة قد وعي الدرس فكانت الأسئلة محددة وطلب إجابات محددة كذلك.
فهنا سأل رئيس الوزراء عن هوية القاعدة هل هي مصرية أو لا، لأنه يعلم أن العتاد والمنشئات بريطانية بلا شك وكذلك حار السفير في الرد واراد أن يلقي عماما على الإجابة بإحالتها إلى ردود روبرتسون الذي وضع في مكان حرج فسلم بمطالب تسليم القاعدة لمصر على أن تتولى إدارتها أما الفنيون الذين سيديرونها فليكونوا بريطانيين للاحتفاظ بالمنشئات على أن تتولى إدارتها أما الفنيون الذين سيديرونها فليكونوا بريطانيين للاحتفاظ بالمنشئات على أن مصالحنا ستظل متصلة بها وحاول الخروج من المأزق متعللا بأسلوب التغير سيكون من شأن اللجان فيما بعد.
وبدت يقظة المصريين واضحة في تنفيذ كل قول في حينه عندما قال محمود فوزي بالنسبة لقول روبرتسون مصالح ستظل إن وجود أي مصالح أجنبية في مصر لاتتمشى مع موقفه وقال إني أفقد اتصال المصلحة في المخازن والمهمات والمنشئات وأيده السفير البريطاني في هذا وأضاف أن يكون الإشراف الفني والصيانة من شأن الإنجليز.
ولذلك أخذت مسألة الإشراف مناقشة طويلة كانت وجهة النظر المصرية فيها: الإشراف بريطاني على أرض مصرية وأن الثقة لابد أن تتوفر في المختصين المصريين في هذا الشأن بينما أظهر الجانب البريطاني الأساس بالسيادة المصرية في وجود فنيين بريطانيين للإشراف ولكن المصريين أصروا على موقفهم.
ولطالما كان المفاوض المصري ذكيا فعندما حاول السفير روبرتسون الدخول في أمثلة وأحاديث بعيدة عن موضوع ضرورة الإشراف المصري نبهه وزير الخارجية المصري بقوله بخيل إلى أننا في طريق متزلق فيجدر بنا أن نكون حذرين وعاد إلى إصراره على موقفه من أن يكون الإشراف مصريا.
وإزاء إصرار المفاوض المصري على موقفه طلب السفير البريطاني إرجاء الموضوع حتى تعمل اللجان عملها ولكن المفاوض المصري أصر على البت في الموضوع لأنه لا تخص اللجان وحاول إيجاد حل هو أن يكون الإشراف العام مصريا أما الإشراف الفني فيكون إنجليزيا بمعنى أن تكون الإدارة الفنية الفعلية في بعض المنشئات بريطانية.
وأنهى جمال عبد الناصر النقاش بأنه لما كانت معدات الجيش المصري بريطانية وإننا نتلقى من الجيش البريطاني على الدوام التعليمات بشأن إدارتها ويخيل إلى أنه بوسعنا أن نلجأ إلى نفس الطريق في إدارة التعليمات بشأن إدارتها ويخيل إلى أنه بوسعنا أن نلجأ إلى نفس الطرق في إدارة المنشئات والمخازن والمعدات الموجودة في القاعدة فنيون مصريون وغير مصريين ولكن لا أستطيع أن أتخيل لقاء غير المصريين إلى الأبد ونحن على استعداد لتلقي التعليمات من الحكومة البريطانية كما هو الحال في الجيش المصري فإذا لم يكن لدينا العدد الكافي من الفنيين لهذا الغرض فإني أظن أننا نستطيع الاستعانة ببعض الفنيين غير المصريين على أن تصدر إليهم التعليمات من الحكومة المصرية.
وانتهت الجلسة وتم في الاتفاق على إصدار البيان التالي لتوزيع علي الصحف: استؤنفت المباحثات اليوم في الساعة العاشرة والنصف صباحا ودامت حتى الساعة الثانية مساء يوم رأى المجتمعون عدم إصدار بيانات جديدة قبل الوصول إلى مرحلة جديدة وسيكون الاجتماع التالي في منتصف الحادية عشرة من يوم السبت الموافق 2 مايو 1953 بدار رئاسة مجلس الوزراء.
وتم الاجتماع فعلا في هذا التاريخ حيث النقاش استمرار الموضوع الإشراف على القاعدة وحثم حول اختصاص اللجنة الثانية وجدوا محمود فوزي حديثه حول المدة أو الوقت الذي يحدد للاتفاق وهنا حاول السفير البريطاني إحالتها إلى الحكومتين كمسألة سياسية لا تدخل في إطار عمل اللجنة الثانية وكانت النقطة الثانية هي طريقة التدريب للفنيين والثالثة الطرق التي تسلكها التوجيهات أو التعليمات.
وبدأ التلون البريطاني في تحويل النقطة الهامة الأولى إلى الحكومات بهدف التسويف والتأجيل وهو أسلوب البريطانيين في التفاوض ثم طرح القضيتين الأخريين للبحث وهما لبستا ذواتي قيمة في غياب الأولى.
هذا مما سرب الشك إلى نفوس المفاوضين المصريين خاصة بعد أن استرسل الحديث وتناول مدة بقاء الخبراء غير المصريين ولكن الدكتور فوزي قطع عليهم الطريق بأن طالبهم بمناقشة النقطة الأولى فهم المسئولون عن المفاوضات ككل وأصر السفير على الرجوع إلى لندن للوقوف على رأيهما فيها.
وكم قدمت من الأسئلة والتساؤلات حول مدة وجود الفنين البريطانيين من ناحية الجانب المصري ولكن الجانب الإنجليزي التزم جانب المراوغة لدرجة أن ذكر السفير البريطاني لسنا في سبيل سن تشريع مؤيد وليست المسألة مسألة مائة عام وأن هناك المخالفة البرتغالية وقد دامت حتى الآن 600 سنة.
فكان تصريح رئيس الوزراء له يعكس مدى الشك الذي تكاثف لدى الجانب المصري إنني لا أشعر باطمئنان عندما تصرحون بأنكم لا تشرعون إلى الأبد إذ ذكرتم من برهة 600 سنة وإننا نبحث إن كان الوفدان يحاولان الوصول إلى حل للمسألة أم لا وحصر له نقتطي الخلاف بعد أن ذلل بقية الأمور في أمدة بقاء الخبراء الأجانب وعلاقة ذلك بتسليم المهمات البريطانية المختلفة.
وهنا تقدم السفير بمشروع مضاد حول اختصاص اللجنة الثانية كان لرسم خطط لتحويل منطقة القاعدة الحالية في منطقة القناة إلى الإدارة المصرية وستكفل الخطط أن تبقى القاعدة في حالة صالحة للاستخدام في وقت السلم وعلى استعداد للعمل فورا في وقت الحرب.
وعرض موضوع تكفل الحكومة المصرية بالمحافظة على الممتلكات البريطانية في القاعدة وموضوع الخبراء الأجانب دون تحديد مدة لذلك مما ظلت معه معلقة للجلسة التالية.
نستكمل فى القادم ان شاء الله تفاصيل الجلسة الخامسة .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.