الكاتب الصحفي عبدالرازق توفيق يكتب :الفكر الخلاق والرؤية والإرادة تصنع الحلول
المتاح والمطلوب.. وإشكالية المحدودية

طرح الرئيس عبدالفتاح السيسى قضية مهمة للغاية، ربما تكون قضية الأسرة أو الدولة أو حتى الأشخاص هى فكرة المصروف المتاح والمصروف المطلوب، والحقيقة ان طرحها أساس وجوهر الوعى والفهم، أنا معايا أو دخلى كام ونحتاج أنفق كام، فالأسرة التى دخلها مثلاً 5 آلاف جنيه شهريا، لكنها تحتاج إلى 8 آلاف شهريا لسد احتياجاتها من كافة بنود المصروفات أو الانفاق لذلك تعمل على زيادة مواردها أو دخلها ربما يعمــل رب الأسرة عمــلا إضــافيا بعد عمــله الأســاسى أو يفكــر فى مشــروع صــغير يــدر عائــدا أكبــر أو الاستسلام لوجود عجز أو فجوة بين المطلوب والمتاح ومن هنا يسلك طريقين لا ثالث لهما، أن يستمر فى العيش فى معاناة وتفاقم للمشاكل.. وحرمان الأسرة من بنود كثيرة، أساسية أو طريق الاستدانة وهو أمر يفاقم المشكلة إذا لم يستثمر ويوظف هذه الاستدانة كرأس مال فى مشروع يحقق عائدا يسدد به دينه من ناحية ويسد به أوجه العجز بين المتاح والمطلوب وتحقيق التوازن.
قلت منذ فترة طويلة فى بعض المقالات إن الدولة المصرية عانت على مدار عقود طويلة من إشكالية محدودية الموارد تفاقمت مع النمو السكانى أو الزيادة السكانية الهائلة ولم تجد هذه الاشكالية حلولا لها، لذلك تفاقمت الأزمات وتراكمت المشاكل دون وجود حلول أو نوايا وإرادة للإصلاح الحقيقى خاصة إذا وضعنا فى الاعتبار ما قاله الرئيس السيسى إن مصر كانت تحقق توازنا قبل عام 1970 أى أن المصروف المتاح يغطى احتياجات الدولة، لكن الفجوة العميقة جاءت بعد عام 1967 وتأثيراتها وتداعياتها الصعبة واحتياج الدولة للتسلح والانفاق العسكرى لرد الاعتبار والكرامة، من هنا بدأ اللجوء إلى ما يعرف بالديون لسد العجز خاصة أن هذه الديون لم تكن توجه لمشروعات إنتاجية أو فى بناء وتنميــة يزيــد من موارد الــدولة ويجعلها تحقــق أو تعيد التوازن بين المصروف المتاح والمطلوب من جديد.
الرئيس السيسى شرح القضية بشكل مبسط يصل إلى وعى وفهم المواطن بسهولة، لذلك أقول إن جل أهداف رؤية الرئيس السيسى فى الإصلاح والبناء والتنمية هو حل هذه الإشكالية وتحقيق التوازن بين المصروف المتاح والمطلوب وزيادة موارد الدولة بشكل غير مسبوق وهو ما يتحقق بالفعل، فدعونا نعود إلى الوراء نجد أن موارد الدولة المصرية خلال العقود الماضية اقتصرت على عوائد السياحة وقناة السويس وتحويلات المصريين فى الخارج وبعض الصادرات وبأرقام ليست بالكبيرة فى غياب رؤى الإصلاح والبناء والاستسلام لهذه المحدودية مع دعم خارجى فى ظل زيادة سكانية غير عادية، من هنا فإن رؤية الرئيس السيسى امتلكت الإرادة على زيادة موارد الدولة بتطوير وتحديث وتعظيم الموارد التقليدية من ناحية ومن ناحية أخرى خلق موارد جديدة ولكن من خلال بنــاء الدولة وإعادة تأهيلها وامتلاكها لمقومات التقدم وإصــلاح شــامل لكافـــة القطاعــات، لذلك لم يفهم البعض حرص الدولة على إنشاء بنية تحتية عصرية من شبكات طرق ومحاور وموانئ ومطارات ومدن جديدة، ليس هذا فحسب ولكن تطوير بنية كل قطاع بشكل عصرى ليتحول هذا القطاع من الخسائر إلى الأرباح، لذلك وجدنا مصر باتت مركزا إقليميا للطاقة وجدنا أن الاكتشافات من البترول والغاز تتوالى وعلى رأسها حقل ظهر وتسوية مستحقات الشركات الأجنبية وسداد ديونها وهو الأمر الذى شجع هذه الشركات للعمل باطمئنان بالإضافة إلى بناء قدرات هائلة فى مجال توليد الطاقة الكهربائية وأيضا طموح كبير فى مجال الطاقة الجديدة والمتجددة والنظيفة سواء من الشمس أو الرياح أو إنتاج الهيدروجين الأخضر ثم حلم المشروع النووى الذى يتحقق بنجاح فى محطة الضبعة النووية لتدخل مصر فى مجال تصدير الكهرباء والطاقة إلى دول كثيرة من خلال ربط كهربائى بالإضافة إلى أن تشغيل الضبعة النووية سيحقق مكاسب هائلة ويعزز مكانة مصر كمركز إقليمى للطاقة ويدعم مسيرة التنمية الشاملة فى قطاعات كثيرة أبرزها التوسع العمرانى وزيادة الموارد المائية من خلال مشروعات تحلية ميــاه البحر وأيضاً اسـتصلاح وزراعة مساحات كبيرة من الأراضى الزراعية.. ثم الرئيس السيسى مهد الطريق وأسباب حل اشكالية محدوديــة الموارد وغيــر الفكــر العقيــم من خــلال تهيئــة كل سبل النجاح وجذب وتدفق الاستثمارات الأجنبية الضخمة وتحويل مصر إلى مركز صناعى عالمى وخط إنتاج للشركات الكبرى.
نجاحات كثيرة تتحقق فى مجال حل إشكالية محدودية الموارد، حتى السياسات النقدية وتحرير سعر الصرف والاستقرار الاقتصادى والأمنى أحدث طفرة غير مسبوقة فى معدلات وأرقام تحويلات المصريين فى الخارج والتى بلغت العام الماضى 36.5 مليار دولار وستحقق هذا العام أرقاما قياسية لذلك فالفكر والإصلاح هو أحد مقومات النجاح والتغلب على محدودية الموارد التى تتعاظم فى مصر وتسعى مصر بثبات نحو تحقيق حلم 145 مليار دولار صادرات مع دعم قطاع الصناعة بشكل غير مسبوق من خلال القضاء على شبكات الروتين المعقدة وضرب معاقل التعطيل وفى ظل ما تمتلكه مصر من فرص حقيقية وبالتالى أرى أن الأهداف تتحقق والأحلام ترى الواقع بفضل الرؤية والإرادة وعدم الاستسلام للظروف والمعوقات والمحدودية، الفكرة أن مواردنا كانت محدودة ومصروفنا لا يكفى وأعطينا المريض الكثير من المسكنات لكن الرئيس السيسى قاد تحدياً وثورة كبيرة على اشكالية محدودية الموارد وتحقيق نتائج عظيمة وباتت جميع القطاعات تحقق أرباحا وتجذب صادرات حتى «قناة السويس» لم تخرج من هدف التطوير وتعظيم مواردها فجاءت فكرة إنشاء قناة السويس الجديدة لتحقيق أهداف كثيرة زيادة أعداد السفن العابرة واختصار زمن العبور وأيضاً طبيعة السفن العابرة والقناة لديها جميع القدرات لاستقبال وعبور السفن العملاقة، بالإضافة إلى أن القناة لم تعد فقط لعبور السفن ولكن هناك خدمات أخرى كثيرة تدر عوائد كبيرة، هذا هو الفكر والأمثلة والنماذج كثيــرة، فقط عليك أن تتأمل تفاصــيل الرؤيــة وما جرى على مدار السنوات الماضية، الرئيس قال إن مصر تحتاج إلى 50 تريليون جنيه سنويا أى تريليون دولار أعتقد أن هذا الحلم سوف يتحقق خاصة أن «مصر- السيسى» تعمل على تحقيق أكبر قدر من الاكتفاء والاستغناء وتوفير عشرات المليارات من الدولارات التى كنا نستورد بها احتياجاتنا وأيضــاً هناك مشروعات واستثمارات سوف تصنع الفارق وما حــدث فى مصــر كان ليســتغرق عقــودا طــويلة ربمــا 50 عاما، لكن الأيام القادمة ستشهد إنجازات ونجاحات أكثر للوطن والمواطن.