” خيوطُ الغدرِ ” ..قصيدة للشاعر محمد الشرقاوي
بكت عيني على السودانِ والفاشرْ
فشَرُّ الفعلِ ما يأتي من الكافرْ
كلابُ الليلِ في جَهرٍ تُمزِّقُها
وإنْ صرخت فلا يبدو لها ناصرْ
خيوطُ الغدرِ قد حيكتْ لتقسيمٍ
وتهجيرٍ وسرقةِ كَنزِها العامرْ
يموتُ الأمنُ مخنوقًا ومقتولًا
بفعلِ رصاصِ هذا المارقِ الفاجرْ
يجوبُ شوارعَ البلداتِ مقتحمًا
فيدهسُ شعبَها المغلوبَ والصابرْ
ويطعنُ في غرورِ الجهلِ أمنيةً
نَمت في عينِ ذاك الصاعدِ الطاهرْ
وسار القحطُ يخطفُ في لحيظاتٍ
من الأرواحِ ما يبكي له الناظرْ
تئنُّ الأرضُ في خوفٍ وفي ندمٍ
وتسألُ كيفَ تقهرُ حظَّها العاثِرْ
أضاع الكلُّ أمجادي وأغصاني
وصِرتُ أمدّ كفَّ الجوعِ للغادرْ
وتحتَ وسادتي بحرٌ مِن الخيرا
تِ يرجو حكمةً مِن مُخْلصٍ قادرْ
فأنهاري تفيضُ لعالمي عسلًا
ومن كفِّي رويتُ البيتَ والعابرْ
وأشجاري بكلِّ ثمارِها جادتْ
يسيرُ بظلِّها التاريخُ للحاضرْ
فكانَ الذئبُ يرصدُني بليلٍ ير
سمُ العدوانَ يدعو اللصَّ والتاجرْ
ليقطعَ من فؤادِ الأرضِ أوردةً
ويطعنَ كلَّ مَن يبدو هنا سائرْ
رأيتُ الشمسَ قد أفَلَتْ وما قالت
سأرجعُ عند صوتِ الفجرِ كالطائرْ
وأغرِسُ في قلوبِ الناسِ أفكارًا
تُعيدُ العزمَ تمحو سطوةَ الجائرْ
فذا عصرٌ تطاولَ فيه أقزامٌ
أفاضوا المدحَ نحو الثعلبِ الماكرْ
وفوقَ جراحِ هذا الشعبِ قد صعدوا
كأنَّ القتلَ حفلٌ صاغه السامرْ
لجوفِ الرملِ سيقَ الناسُ أحياءً
ومنهم مَن تمزقَ في يدِ الناحرْ
ومنهم مَن طواهُ الحبلُ مخنوقًا
فسار القلبُ نحو شهادةٍ ذاكرْ
ولم تدركْ مدى الأخطارِ أُمَّتُنا
ولم ترسلْ لهم دعمًا ولا جابرْ
ولم تنكرْ فعالَ الشرِّ في حسمٍ
ولم يعلن نفيرا جيشُها الظافِرْ
وتسقطُ في فخاخِ الغربِ أوطاني
ولم يشفعْ لها جمهورُها الحائرْ
وتلك هزائمٌ تركت خيوطَ اليأ
سِ ظاهرةً بجوفِ القلبِ والخاطرْ
فيا لشقاءَ من صمتوا ففي غدِهمْ
تعودُ لهم ذئابٌ تقطعُ الدابرْ