الدكتور علاء رزق يكتب : برلمان الآمال الاقتصادية المشروعة(١)

قدمت محافظات المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب المصرى 2025 مشهداً إنتخابيا يعكس نضج التجربة الديمقراطية المصرية، وما لفت الأنظار منذ اليوم الأول للتصويت هو كثافة الحضور أمام مراكز الإقتراع، وكان الإقبال الكبير بمثابة رسالة صريحة مفادها أن الناخب المصرى بات أكثر وعيا بأهمية صوته وقيمة المؤسسة التشريعية التى تمثل ركيزة أساسية من آماله المشروعة فى الحياة الكريمة،
وهو ما يمثل إمتداد للحالة الوطنية الملهمة التى تجلت بعد إفتتاح المتحف المصري الكبير ، وتدفق المصريين على مشاهدة آثارهم بصورة أذهلت العالم ،ومع مشهد إنتخابى يبعث على الفخر والإطمئنان لمستقبل الحياة النيابية فى مصر والتى تمثل جزء من تاريخ مصر الحديث،
فتاريخ الحياة النيابية في مصر يعود إلى عام 1824، ولكن البداية الحقيقية كانت عام 1866، وبعد مرور أكثر من قرن ونصف ، تسعى مصر صاحبة التاريخ إلى إحداث تحول هيكلى فى بنية الاقتصاد الوطنى، قائم على تعزيز الاقتصاد المعرفى، وتوسيع قاعدة النمو الإحتوائى، وتمكين الفئات الاقتصادية والإجتماعية المختلفة، مع مواءمة السياسات الهادفة لزيادة معدلات النمو مع خطط رفع كفاءة سوق العمل، خاصة فى القطاعات كثيفة العمالة مثل المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر.
لذا فإننا نعتبر أن البرلمان القادم هو الأهم فى تاريخ الحياة النيابية المصرية ، لانة سيكون المعنى بإستعراض نتائج رؤية مصر عام 2030 والتى تم وضعها عام 2015 والتى تسعى إلى أن يكون الإقتصاد المصري من أفضل 30 إقتصاد على مستوى العالم ،مع تحقيق 145 مليار دولار صادرات سلعية غير بترولية ،وتوقع وصول عائدات السياحة إلى أكثر من 30 مليار دولار ،
وبالتالي فقد زادت مسئولية نائب البرلمان القادم والذي يجب أن يكون حلقة الوصل بين التزامات الحكومة فى الدستور ، وتأكيد مبدأ الحياة الكريمة للمواطن، وأن يكون الإرتقاء بجودة حياة المواطنين فى مقدمة أولويات الحكومة، من خلال آليات فاعلة تستهدف تحسين الخدمات الأساسية، وتوسيع مظلة الحماية الاجتماعية للفئات الأولى بالرعاية، والحد من الفجوات الداخلية بين مختلف شرائح المجتمع.
وبالتالي فإن أولويات البرلمان القادم يجب أن تعزز وضع الخطط العامة للتنمية الإقتصادية والإجتماعية ،فمن الناحية الإقتصادية يجب ضمان تحقيق الآتي :
أولا- تحقيق معدل نمو مرتفع للناتج المحلى الإجمالى الحقيقى ليسجل 6% فى نهاية الخطة متوسطة المدى فى عام 2028/2029.
ثانياً – زيادة نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالى الحقيقى بمعدل يقارب 4.5% فى عام 2028/2029.
ثالثا – زيادة القدرة الإستيعابية لسوق العمل بما يسمح بتوفير نحو 900 ألف فرصة عمل جديدة سنويا ،مع معدل بطالة لا يتجاوز 6% بنهاية الخطة متوسطة المدى.
رابعاً – زيادة معدل الادخار الى 15.5% فى نهاية الخطة عام 2028/2029، مع رفع معدل الاستثمار من نحو 15% من الناتج المحلي الإجمالي إلى 19.3% فى العام الأخير من الخطة عام 2028/2029، والعمل على زيادة صافى الاستثمار الأجنبى المباشر على نحو مطرد ليصل إلى 55 مليار دولار فى عام 2028/2029. وهو ما يصب على زيادة الاحتياطيات الدولية من النقد الأجنبى بما لا يقل عن 60 مليار دولار بنهاية الخطة 2028/2029، وهو ما يعادل تأمين واردات مصر لمدة 12 شهر،
وأخيراً : زيادة مساهمة القطاع الخاص فى النشاط الاقتصادى، لترتفع نسبة استثمارات القطاع الخاص إلى نحو 70% من الإستثمارات الكلية الثابتة المستهدفة فى العام الأخير من الخطة متوسطة المدى.وبما يتيح زيادة نصيب القطاعات ذات الأولوية الزراعة / الصناعة / الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات من الناتج المحلى الإجمالى لتناهز 50% فى العام الأخير من الخطة متوسطة المدى. وأما عن أولويات البرلمان القادم من الناحية الإجتماعية ،فسوف نتناوله في المقال القادم ان شاء الله.
كاتب المقال رئيس المنتدى الإستراتيجي للتنمية والسلام